هل تمهد زيارة شقيقات العاهل المغربي للإليزيه لاعتراف فرنسي بمغربية الصحراء

باريس – استقبلت زوجة الرئيس الفرنسي بريجيت ماكرون شقيقات العاهل المغربي الملك محمد السادس في قصر الإليزيه الإثنين، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية، في مؤشر جديد إلى عودة الدفء تدريجيا للعلاقات الثنائية بعد فترة طويلة من الفتور.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية في منشور على انستغرام أرفقته بصورة "استمرارا لعلاقات الصداقة التاريخية بين فرنسا والمملكة المغربية، استقبلت السيدة بريجيت ماكرون صاحبات السمو الملكي الأميرات للا مريم وللا أسماء وللا حسناء".
وأضافت الرئاسة "في هذه المناسبة، حضر الرئيس إيمانويل ماكرون للترحيب بهن"، مشيرة إلى أن رئيس الدولة "تحدث مؤخرا هاتفيا مع صاحب الجلالة محمد السادس".
من جهتها أوردت وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية المغربية أنه "بتعليمات سامية من صاحب الجلالة" تم الإثنين "استقبال صاحبات السمو الملكي الأميرات للا مريم، وللا أسماء، وللا حسناء لمأدبة غداء بقصر الإليزيه، بدعوة من السيدة بريجيت ماكرون".
ولفتت الوكالة إلى أن المأدبة تندرج "في إطار استمرارية علاقات الصداقة التاريخية القائمة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية".
وتؤشر هذه الزيارة على نهاية الأزمة الصامتة بين البلدين بشكل رسمي، فهل تمهد زيارة الأميرات للإليزيه لاعتراف فرنسي تاريخي بمغربية الصحراء؟، التي قال الملك محمد السادس في خطاب ألقاه خلال أغسطس 2022 إن "ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم"، معتبراً في السياق نفسه أنه "المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات".
وتتبنى فرنسا موقفاً وسطا من النزاع، وذلك عبر دعمها لمقترح الحكم الذاتي كحل "جدي وذي مصداقية"، وتأكيدها في المقابل ضرورة احترام المسار الأممي من أجل التوصل إلى تسوية تُرضي جميع الأطراف.
وعرفت العلاقات بين البلدين توترات كثيرة في السنوات الأخيرة، ولم تجد بعد طريقها إلى الحل، بالرغم من أن مؤشرات انخفاض التوتر بدأت تلوح منذ أواخر العام الماضي، عقب تعيين سميرة سيطايل سفيرة للمغرب في باريس بعدما ظل المنصب شاغرا لأكثر من سنة.
وتحرص فرنسا على تجديد أواصر الثقة مع المغرب، وتصف العلاقات الثنائية بأنها "ضرورية"، فبتوجيه من الرئيس إيمانويل ماكرون، يستعد وزير الخارجية ستيفان سيجورني المعيّن في يناير، لحمل قلم كتابة هاته الصفحات الجديدة، رغم "ماضيه الأسود" في البرلمان الأوروبي، بعدما قال "لقد استأنفت الترابط مع المغرب. كان هناك سوء فهم أدى إلى صعوبة".
وقد أبرز سيجورني في تصريحاته "واقعية الدعم الفرنسي لمبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية منذ الإعلان عنها سنة 2007"، وهذا الدعم، وفق المنظور الفرنسي، كانت آخر تجلياته جلسة التصويت على قرار مجلس الأمن بخصوص الصحراء رقم 2703، حينها تحدث ممثل باريس عن أن "الوقت قد حان لتفعيل المبادرة المغربية".
ويبدو أن باريس بدأت تعي أهمية الصحراء ليس فقط بالنسبة للمغرب، بل أيضا إليها كمنطلق أطلسي استراتيجي يمكنها من العودة إلى القارة السمراء، التي أصبحت تعرف فرنسا في الذكريات فقط.
وتشكل الأقاليم الجنوبية المغربية حاليا، "حلقة اقتصادية" مهمة بين الرباط ودول العالم والقارة الأفريقية، ومتنفسا للتضييق الاقتصادي الذي تعرفه دول الساحل بعد “حمام الانقلابات"، من خلال الإعلان عن مبادرة الأطلسي، التي ستكون فيها أيضا موريتانيا، "اللاعب الجديد في المنطقة"، جزءا أساسيا، وفق تصريحات وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
وأمام كل هذا، كشف سيجورني توجهات ماكرون نحو المغرب، فبعد مماطلة وتعويل على الجزائر، التي تعرف فقط استمرار تأزم العلاقات مع الدول الأخرى عوض تحسينها، يلجأ الرئيس الفرنسي الآن إلى الرباط وأقاليمها الجنوبية قصد تحقيق "العودة الكبرى إلى إفريقيا".
وظهرت مؤشرات التطور الفرنسي في ملف الصحراء منذ تصريحات السفير الفرنسي للإعلام الرسمي المغربي، وبدأت تتعزز مؤخرا بعد إشرافه شخصيا على فتح فرع لغرفة التجارة والصناعة الفرنسية بجهة كلميم واد نون بوابة الصحراء المغربية، وهو ما اعتبره مراقبون تمهيدا لافتتاح باريس قنصلية في الصحراء أسوة بعدد من الدول.
وتأتي هذه التطورات قبيل زيارة محتملة للرئيس الفرنسي إلى المغرب وفق ما أفادت صحيفة "أفريكا انتليجنس" المتخصصة في الشؤون الأفريقية في يناير الماضي، بعد تأجيلها عدة مرات العام الماضي.
وقالت الصحيفة إن ماكرون يستعد لزيارة الرباط وذلك بعد تحسن نسبي في العلاقات في الفترة الأخيرة مشيرة إلى أن الرئاسة الفرنسية تخطط لإطلاق صفحة جديدة في العلاقات الثنائية واعطاء دفعة إيجابية في العلاقات بين البلدين.