هل تملك واشنطن أدوات وقف التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية

القدس - يشكك مراقبون في قدرة الولايات المتحدة على ممارسة ضغوط من شأنها وقف التصعيد الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية لسببين: أوّلهما، انشغالها في حرب أوكرانيا وتركيز جهودها على مواجهة روسيا والصين مما يجعل القضية الفلسطينية في مرتبة ليست ذات أولوية. وثانيا، علاقتها الإستراتيجية مع حليفتها التقليدية في المنطقة.
ويقول مراقبون إنه رغم تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن في بداية حكمه بإعادة المبادئ الحاكمة التي وجهت الدبلوماسية الأميركية نحو الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ويشمل ذلك دعم حل الدولتين ومعارضة ضم إسرائيل للأراضي وبناء المستوطنات، فإنه لم يتراجع عن قرارات سلفه دونالد ترامب الأحادية التي خدمت مصالح إسرائيل فقط.
ورفض بايدن تعديل أو تغيير قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمةً موحدة لإسرائيل، وقرر الإبقاء على قرار نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، كما خضع بايدن لضغوط الحكومة الإسرائيلية ورفض إعادة افتتاح قنصلية بلاده بالقدس الشرقية.
ويرى آرون ديفيد ميلر المسؤول الأميركي السابق في ملف عملية السلام بالشرق الأوسط أن “بايدن مشغول للغاية، وأن مواجهة إسرائيل تتطلب وقتا وطاقة رئاسية، وهو ما لا يملكه الرئيس الأميركي حاليا، إذ يواجه ملفات سياسية خارجية شائكة تفتقر إلى حلول سريعة أو سهلة”.
وأكد ميلر أن أهم أولويات السياسة الخارجية للإدارة الأميركية الآن هي “الحرب الروسية على أوكرانيا وكيفية التعامل مع الصين والتهديدات النووية من كوريا الشمالية وإيران، وعليه فإن أفضل ما يمكن أن يأمل بايدن تحقيقه هو منع تفجر التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين”، وهو ما لم يحدث.
وعبرت الولايات المتحدة الخميس عن “انزعاج شديد” إزاء قرار إسرائيل توسيع النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية، لكنها وصفت أيضا مسعى من مجلس الأمن الدولي للتنديد بهذه الخطوة بأنه “غير مفيد”.
وفي انتقاد لإسرائيل يشير إلى أن بايدن مستعد لاتخاذ موقف أكثر تشددا في التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال البيت الأبيض إن النشاط الاستيطاني “يخلق معطيات على الأرض تقوض حل الدولتين” وآمال تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارين جان بيير إن “الولايات المتحدة تعارض بشدة هذه الإجراءات أحادية الجانب التي تؤدي إلى تفاقم التوترات وتضر بالثقة بين الطرفين وتقوض القابلية الجغرافية لحل الدولتين”.
ومنحت حكومة نتنياهو الأحد تراخيص بأثر رجعي لتسعة مواقع استيطانية في الضفة الغربية وأعلنت عن بناء عدد كبير من المنازل الجديدة في مستوطنات قائمة.
وتعتبر معظم القوى العالمية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير قانونية. وترفض إسرائيل ذلك مشيرة إلى روابط توراتية وتاريخية وسياسية بالضفة الغربية، فضلا عن المصالح الأمنية.
وبحث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مشروع قرار الأربعاء يطالب إسرائيل “بالوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وذكر دبلوماسيون أن من المرجح أن يصوت المجلس المكون من 15 بلدا عضوا الاثنين على النص الذي صاغته الإمارات بالتنسيق مع الفلسطينيين.
وقال فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن اتخاذ “خطوات مثل النشاط الاستيطاني وخطوات مثل تقديم مثل هذا القرار غير مفيد ويبعدنا أكثر عن التوصل إلى حل الدولتين عبر التفاوض”.
الولايات المتحدة الأميركية تعبر عن انزعاجها إزاء قرار إسرائيل توسيع النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية
وأضاف أن الولايات المتحدة تعمل مع شركاء في الأمم المتحدة في نيويورك على “الخطوات التالية”.
وفي ديسمبر 2016 طالب مجلس الأمن إسرائيل بوقف بناء المستوطنات. وتبنى قرارا بعد امتناع إدارة الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما عن التصويت، في خطوة شكلت تراجعا عن عادتها في حماية إسرائيل من إجراءات الأمم المتحدة.
وعندما سئلت ليندا توماس غرينفيلد السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة عما إذا كانت واشنطن قد تمتنع مجددا عن التصويت، قالت “ليس لدي شيء أقوله لكم في هذا الصدد”.
واستولت إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وهي مناطق يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها في المستقبل، في حرب عام 1967. وانسحبت إسرائيل من غزة في عام 2005، لكنها تدير إلى جانب مصر حدود القطاع.
وتشعر واشنطن بتشاؤم كبير في ما يتعلق بمسار العنف في المنطقة الذي تضاعف حتى من قبل وصول أكثر الحكومات اليمينية تطرفا في تاريخ إسرائيل إلى الحكم.
ولم تنجح الزيارات الأميركية، التي أتت بمستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومدير الاستخبارات المركزية وليام بيرنز، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى المنطقة، في تهدئة الأوضاع أو تقليل أعمال العنف التي بلغت ذروتها قبل يومين من وصول بلينكن بهجوم إسرائيلي داخل مخيم جنين نتج عنه مقتل 11 فلسطينيا، وأعقبه قيام شاب فلسطيني بهجوم في القدس نتج عنه مقتل 7 إسرائيليين.