هل تلقى الأردن ضوء أخضر من سوريا لتصفية امبراطور تهريب المخدرات

غارة أردنية نادرة تستهدف تاجر المخدرات البارز مرعي الرمثان وعائلته المؤلّفة من زوجته وأطفاله الستة في قرية الشعاب في ريف السويداء الشرقي.
الاثنين 2023/05/08
قصف أردني لوقف تهريب المخدرات

دمشق/عمان – لم تمر أكثر من 48 ساعة على تلميح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عبر محطة "سي إن إن" إلى إمكانية قيام بلاده بعملية عسكرية داخل العمق السوري لوقف تهريب المخدرات في حال أخفقت دمشق في الوفاء بتعهداتها، حتى نفذت قوات بلاده اليوم الاثنين عملية عسكرية أسفرت عن مقتل مهرّب مخدرات بارز مع زوجته وأطفالهما الستة، بينما امتنعت عمان حتى الآن عن التعليق.

وهدف العملية التي استُخدمت فيها طائرات مقاتلة، هو شخص يوصف بأنه "مقرب من حزب الله" اللبناني، ويدير أغلب عمليات تهريب الكبتاغون عبر الأراضي السورية باتجاه الأردن.

وأفاد المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا وله شبكة مصادر في كل أنحاء سوريا، في بيان، عن "مقتل مرعي الرمثان وعائلته المؤلّفة من زوجته وأطفاله الستة جراء استهداف طيران حربي أردني لمبنى يضم منزلهم في قرية الشعاب في ريف السويداء الشرقي" عند الحدود مع الأردن.

ويعد الرمثان، وفق المرصد، من "أبرز تجّار المخدرات بينها الكبتاغون في المنطقة والمسؤول الأول عن تهريبها إلى الأردن".

ووفق المواصفات الأردنية، يعتبر الرمثان شخصية مركزية في تلك المنطقة، ويحظى بدعم منظمة فرعية تتبع حزب الله، وعقل مدبر لأغلب محاولات التسلل والاختراق عبر الكثبان الرملية في المنطقة الوعرة الحدودية.

وإلى جانب ذلك فالرمثان وفق نفس المواصفات "رأس خطير" ومسؤول مباشر عن سقوط قتلى وجرحى من الجيش الأردني.

والأردن ورغم الصمت الرسمي على عملية قرية الشعاب تماما في "الثأر الأمني والانتقام" والرد، والأهم سياسيا في تغيير قواعد الاشتباك على الحدود وتطبيق فوري وسريع وخاطف لتهديده بالتوغل في العمق السوري.

ويرجح مراقبون أن الرسالة الأردنية هذه مردّها "اعتذار جهات مسؤولة" في النظام السوري عن اتخاذ إجراءات مباشرة لتحييد الرمثان ومجموعته، كما لا يستبعد حصول عمان على "ضوء أخضر" غير معلن من السلطات السورية.

ويريد الأردن سياسيا "تحسين موقعه التفاوضي" مع أطراف إيرانية رسمية ترفض الإقرار بوجود دعم خلفي في الأراضي السورية المحاذية لعمليات التهريب. وكمية حبوب الكبتاغون التي يتم تهريبها ضخمة جدا، وغير مسبوقة في تاريخ الحدود.

والسبب هو وجود "ورش تصنيع" محمية بمسلحين، لتلك الحبوب الشهيرة التي أرهقت السلطات الأردنية.

وعملية قرية الشعاب ومقتل الرمثان، رسالة أهم بأن الأردن بعد الصبر والتكتيك "لن ينتظر أحدا" لا في دمشق ولا في طهران ولا يستطيع تحت أي طائل، البقاء محايدا إزاء الإصرار على إمطار حدوده بالمخدرات لصالح تمويل عمليات مسلحة وأخرى إرهابية حسب  السيناريو الرسمي المتداول.

لكن التداعيات طبعا متوقعة في خاصرة الشمال الأردني، والجميع بانتظار "ما سيحصل" بعد إعلان تحييد المدعو الرمثان، الموصوف في التقارير المحلية الأمنية بأنه "إمبراطور حبوب الكبتاغون".

وكانت وسائل إعلام أردنية، قد أفادت اليوم الإثنين، بسماع أصوات انفجارات قوية في الجانب السوري من الحدود، ناجمة عن قصف نفذته طائرات حربية تابعة للجيش الأردني.

ونشر موقع "خبرني" مقطع فيديو يظهر أصوات طائرات حربية في سماء مدينة الرمثا شمالي الأردن.

وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بأن الطائرات الأردنية الحربية شنت غارات على قرية خراب الشحم الحدودية في درعا وتلي الحارة والجموع، مستهدفة "معملا لتصنيع المخدرات ومعقلا لإرهابيين".

وكان أهالي محافظة إربد في شمال الأردن، سمعوا دوي انفجارات قوية وأصوات طائرات حربية بشكل واضح مصدرها الجانب السوري خلال ساعات الفجر الأولى.

وبحسب السكان، فإن أصوات الانفجارات استمرت لأكثر من 10 دقائق، حيث شعر السكان بقوتها وخصوصا في المناطق المحاذية للحدود السورية.

وتأتي هذه الغارة النادرة من نوعها داخل سوريا، بعد بيان صدر مطلع الشهر الحالي في عمان إثر اجتماع ضمّ وزراء خارجية الأردن وسوريا والعراق ومصر والسعودية نصّ على "تعزيز التعاون بين سوريا ودول الجوار والدول المتأثرة بعمليات الاتجار بالمخدرات وتهريبها عبر الحدود السورية".

وجاء في البيان أن سوريا "ستتعاون مع الأردن والعراق في تشكيل فريقي عمل سياسيين/أمنيين مشتركين منفصلين خلال شهر، لتحديد مصادر إنتاج المخدرات في سوريا وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات تهريب عبر الحدود مع الأردن والعراق، واتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء عمليات التهريب".

وينشط الجيش الأردني منذ سنوات في مجال إحباط عمليات تهريب أسلحة ومخدرات آتية من الأراضي السورية، لا سيما بعد أن تحوّل الى منصة لتهريب المخدرات خصوصاً الكبتاغون الذي يُصنّع في سوريا خصوصا إلى دول الخليج.

ويقول الأردن إن تهريب المخدرات، عبر الحدود الأردنية السورية الممتدة على مسافة حوالي 375 كيلومترا، بمثابة "عملية منظمة" تستعين بطائرات مسيّرة وتحظى بحماية مجموعات مسلحة.

وأعلن الجيش في 17 فبراير 2022 إحباط السلطات الأردنية خلال نحو 45 يوما، مطلع العام ذاته، دخول أكثر من 16 مليون حبة كبتاغون، ما يعادل الكمية التي ضُبطَت طوال عام 2021.

وتُعد سوريا المصدر الأبرز للكبتاغون منذ ما قبل اندلاع الحرب عام 2011. إلا أن النزاع جعل تصنيعها أكثر رواجاً واستخداماً وتصديراً.

وتُشكّل دول الخليج وخصوصاً السعودية الوجهة الأساسية لحبوب الكبتاغون التي تعدّ من المخدرات السهلة التصنيع ويصنّفها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة على أنّها "أحد أنواع الأمفيتامينات المحفّزة"، وهي عادة مزيج من الأمفيتامينات والكافيين ومواد أخرى.

ويأتي القصف الأردني الإثنين على وقع انفتاح عربي متسارع نحو دمشق بعد 12 عاماً من نزاع مدمر، وغداة إعلان جامعة الدول العربية إثر اجتماع غير عادي على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة استئناف مشاركة سوريا في اجتماعاتها، بعد تجميد عضويتها منذ عام 2011.