هل تكشف تهم رياض سلامة عن تواطؤ للطبقة السياسية في لبنان مع الفساد

صمت الطبقة السياسية على الخروقات المالية لحاكم مصرف لبنان يجعلها مدانة في الفساد.
الجمعة 2023/02/24
حزب الله رفض التمديد لرياض سلامة

بيروت- رجحت أوساط سياسية لبنانية أن يجر التحقيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى الكشف عن متنفذين كانوا قد غطوا على التجاوزات الواسعة التي حصلت، غير مستبعدة أن تكون من بين هؤلاء المتنفذين شخصيات سياسية معروفة ومن أحزاب نافذة ولها مصلحة في استمرار هذا الوضع طيلة ثلاثين عاما.

وتساءلت الأوساط السياسية اللبنانية عن سر سكوت حزب الله عن غسل الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع، وهي التهم الموجهة لسلامة، في الوقت الذي يسيطر فيه الحزب على كل مفاصل الدولة، ولا يسمح بدخول أو خروج إلا بإذنه، ويتحكم بمختلف المؤسسات والمناصب بسبب هواجس الحزب من الاختراق والتجسس لفائدة الخارج.

وظل حزب الله مترددا بشأن تحديد موقفه من ملف سلامة إلى آخر لحظة، حيث أعلن نعيم قاسم نائب الأمين العام للحزب رفض التمديد لحاكم المصرف، في ارتباط في ما يبدو بحصول الحزب على معلومات بشأن فحوى التحقيقات وما توصل إليه الفريق الأوروبي الذي زار بيروت في يناير وأجرى تحقيقاته في ملف سلامة.

◙ لا شيء يفسر صمت الطبقة السياسية على هذه الخروقات إلا إذا كانت مستفيدة منها إما بالصمت أو المشاركة

ويأتي موقف قاسم متناقضا كليا مع ما راج قبل مدة بشأن وجود توجه لدى الطبقة السياسية للتمديد لسلامة بسبب صعوبة الاتفاق على خليفة له يرضي جميع الأطراف، وخوفا من أن يطال الشغور أحد أهم المناصب في البلاد أسوة ببقية المؤسسات مثل منصب رئيس الجمهورية وقائد الجيش.

واعتبرت الأوساط السابقة أن لا شيء يفسر صمت الطبقة السياسية على كل هذه الخروقات إلا إذا كانت مستفيدة منها، ما يجعلها مدانة في الفساد إما بالصمت أو المشاركة أو الخوف من كشف ملفاتها خاصة أن سلامة يوصف بأنه حافظ أسرار الطبقة السياسية منذ ثلاثين عاما، وأن التحقيقات في ثروته قد تكشف عن تقاطع مع مصالح سياسيين.

ومن الواضح أن الفريق الأوروبي قد سلم السلطات القضائية اللبنانية ملفا لا لبس فيه بشأن سلامة، وهو ما شجع السلطات اللبنانية على المضي  في اتهاماتها.

واتهمت السلطات اللبنانية سلامة وشقيقه رجا ومساعدة له بغسل الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع بعد شهور من التأخير في القضية.

◙  موقف نعيم قاسم يتناقض كليا مع ما راج قبل مدة بشأن وجود توجه لدى الطبقة السياسية للتمديد لسلامة
 موقف نعيم قاسم يتناقض كليا مع ما راج قبل مدة بشأن وجود توجه لدى الطبقة السياسية للتمديد لسلامة

وقال سلامة في رسالة نصية لرويترز “كما أعلنت سابقا أنا بريء من هذه الاتهامات”، مضيفا أن هذه الاتهامات لا تمثل لائحة اتهام. وأردف “كما تعلمون فإن المتهم بريء حتى تثبت إدانته”.

والاتهامات نتاج تحقيق استمر 18 شهرا بشأن ما إذا كان سلامة وشقيقه قد اختلسا أكثر من 300 مليون دولار من مصرف لبنان بين 2002 و2015.

وتحقق السلطات القضائية في خمس دول أوروبية على الأقل مع الأخوين بشأن الاتهامات نفسها.

ونفى الشقيقان التهم الموجهة إليهما. ورفض رياض اتهامات الإثراء غير المشروع وقال إنها جزء من محاولة لجعله كبش فداء للانهيار المالي في البلاد.

ويشغل سلامة المنصب منذ 1993 ويتمتع بدعم زعماء لبنانيين متنفذين.

ومن المقرر أن تنتهي ولاية سلامة الحالية في يوليو. وقال إنه لن يسعى للبقاء في المنصب. لكن وزير المالية يوسف خليل قال في وقت سابق إنه سيكون من الصعب العثور على خليفة لحاكم المصرف الحالي.

ووجهت إلى سلامة العام الماضي تهمة الإثراء غير المشروع في قضية تتعلق بشراء وتأجير شقق في باريس، بعضها لمصرف لبنان.

واستدعي مرارا لاستجوابه في هذه القضية لكنه لم يحضر.

وشملت التهم التي وجهها القاضي اللبناني رجا حاموش الخميس ضد الأخوين سلامة وماريان حويك مستشارة سلامة، الاختلاس وغسل الأموال والإثراء غير المشروع والاحتيال والتهرب الضريبي.

وتمثل هذه الاتهامات أول تطور في القضية الأوسع ضد سلامة منذ يونيو 2022، عندما أنهى القاضي جان طنوس تحقيقه وأحاله إلى المدعي العام للبلاد غسان عويدات.

◙ من الواضح أن الفريق الأوروبي قد سلم السلطات القضائية اللبنانية ملفا لا لبس فيه بشأن سلامة ما شجعها على المضي  في اتهاماتها

وأحال عويدات القضية، وتشمل سلامة وعددا من شركائه الذين لم يتم الإعلان عن أسمائهم، إلى الادعاء في بيروت. لكن قاضي التحقيق تنحى عن القضية ثم اسُتبعد لاحقا بعد شكوى من سلامة.

وقال عويدات في يناير إنه كان يعتزم تعيين مدع عام جديد لتولي القضية. لكن أيّ قاض جديد يمكن أن يؤخر الاستجابة لطلبات التعاون من قضاة أوروبيين، في انتظار التحقيقات اللبنانية.

ومن المقرر أن يعود المحققون الأوروبيون إلى لبنان في أوائل مارس المقبل لمواصلة تحقيقهم بعد الزيارة السابقة التي استجوبوا خلالها العشرات من الشهود، من بينهم مصرفيون.

وقال نزار صاغية من مؤسسة المفكرة القانونية لحقوق الإنسان إن الاتهامات يمكن تفسيرها على أنها خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح بعد شهور من التأخير.

 

• اقرأ أيضا:

           الاستدارة السعودية نحو لبنان رهن بتبديد التحفظات السياسية

1