هل تقف إيران وراء تحرك برلماني عراقي لفتح ملف الحدود مع الكويت

بغداد – تواجه العلاقات الكويتية – العراقية أزمة جديدة على خلفية تحركات من نواب في البرلمان العراقي لبحث ما يصفونه بـ"التجاوزات الكويتية" على حقوق البلد البحرية، في وقت يشكّك البعض في دوافع الجهات التي تقف وراء إعادة فتح الملف الحدودي في هذا التوقيت بالذات.
وأعرب النائب عامر عبدالجبار إسماعيل الأربعاء في مداخلة خلال جلسة برلمانية عن تأسفه لعدم إدراج ملف مناقشة تجاوزات الكويت على حقوق العراق البحرية رغم توقيع أكثر من سبعين نائبا، وطالب بإدراجها في جلسة مقبلة.
وكان إسماعيل قد تقدم في وقت سابق الثلاثاء إلى مجلس النواب برئاسة محمد الحلبوسي بطلب جمع فيه تواقيع 77 نائبا، لبحث "التجاوزات الكويتية".
واتهم النائب عن محافظة البصرة الكويت بحفر آبار نفطية قرب ميناء البصرة ضمن الحدود الإقليمية للعراق، وأوضح أنه كتب بلاغا إلى وزارتي النفط والخارجية منذ يوليو الماضي بخصوص "التجاوز الكويتي ضمن مياه العراق الإقليمية".
وأفاد النائب، وهو وزير نقل عراقي أسبق، بأنه "شوهد وجود منصة نفطية بحرية كويتية تبعد عن خور الخفكة 5 أميال بحرية، وعن ميناء البصرة النفط 18 ميلا بحريا، وتم تحديد موقع المنصة بخطوط الطول والعرض".
وخور عبدالله هي اتفاقية دولية حدوديّة بين العراق والكويت، وقّعتها حكومتا البلدين عام 2012، بغرض "التعاون في تنظيم الملاحة والمحافظة على البيئة البحرية في الممر الملاحي".
وجاء ترسيم الحدود بين الكويت والعراق وفق القرار 833 الصادر عن مجلس الأمن عام 1993، بعد غزو العراق للكويت عام 1990 الذي دام نحو 6 أشهر.
وكانت الكويت قد رفضت في 2019 احتجاج العراق لدى مجلس الأمن بشأن بنائها منصة بحرية في منطقة فشت العيج البحرية، أكدت الكويت أن بناءها حق سيادي للبلاد باعتبارها تقع في المياه الإقليمية لها.
وفشت العيج هي منطقة صغيرة قرب الحدود البحرية بين الكويت التي تقول إنّها تقع داخل مياهها الإقليمية، والعراق الذي يرى أنها موجودة على حدود بحرية لم يتم الاتفاق بعد على تبعيتها لأي من البلدين.
وتشكك دوائر سياسية كويتية في دوافع الجهات لتحريك هذا الملف في هذا التوقيت بالذات، لاسيما بعد أن سيطرت قوى الإطار التنسيقي الشيعية الموالية لإيران على المجلس النيابي، حيث لا تستبعد هذه الدوائر أن تكون طهران خلفه، خصوصا بعد تلويح ميليشيات الحشد الشعبي في مايو الماضي صراحة بغزو الدولة الجارة، بسبب مضايقات يتعرض لها الصيادون العراقيون في خور عبدالله على يد السلطات الكويتية، والتي تصل في أحيان كثيرة إلى الاعتقال.
وكان النائب السابق عن محافظة البصرة علاء الحيدري قد دعا في أبريل الماضي إلى نشر قوات من الحشد الشعبي لحماية الصيادين العراقيين في المياه الإقليمية من "التجاوزات الكويتية".
وأثارت هذه الدعوة التي انطوت على تهديدات مباشرة للكويت، استياء واستهجان وزارة الخارجية الكويتية، التي أكدت أنها لا تعكس "متانة العلاقات الأخوية بين البلدين ولا تراعي مبادئ حسن الجوار".
ويرجح مراقبون أن تكون إيران قد عمدت إلى تحريض بعض النواب في البرلمان العراقي لتغذية مشكلة الحدود مجددا، في إطار عملية ابتزاز للكويت بشأن حقل الدرة، وهذا ليس بجديد على طهران، حيث دأبت الأخيرة على توظيف أذرعها في المنطقة في عمليات ضغط على الآخرين، مشيرين إلى الضربات الصاروخية التي تشنها بعض الميليشيات ضد منشآت نفطية في إقليم كردستان شمال العراق، في رد على مساعي الإقليم لتعزيز صادراته من النفط إلى تركيا وأوروبا.
وأثار اتفاق بين الكويت والرياض جرى التوصل إليه في الحادي والعشرين من مارس الماضي، ويقضي ببدء العمل على اختيار شركات استشارية تقوم بإجراء الدراسات الهندسية اللازمة لتطوير حقل الدرة، غضب إيران التي سارعت إلى إعلان رفضها للاتفاق الذي وصفته بالباطل، مشددة على أن من حقها الاستفادة من موارد الحقل الذي يقع على حدودها البحرية المشتركة مع الكويت.
ومنذ اكتشافه عام 1967، ظل حقل الدرة ملفا خلافيا بين إيران والكويت التي لا تزال تتمسك بموقفها من عدم أحقية طهران في هذا الحقل، الذي يقع أيضا على الحدود البحرية المشتركة مع السعودية.
ويحتوي الحقل الذي تطلق عليه إيران اسم حقل "آرش"، على مخزون يُقدر بنحو تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، منها 200 مليار قدم مكعبة قابلة للاستخراج الفوري، إضافة إلى أكثر من 310 ملايين برميل من النفط، وفق وكالة رويترز.
وحتى اليوم، فشلت جولات الحوار لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ومنها جولة مباحثات عام 2000 التي حاولت إيران استغلالها لبدء عمليات تطوير الحقل واستخراج الغاز منه، لكن الكويت هددت آنذاك برفع دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية، ما دفع طهران إلى التوقف عن عمليات التطوير.