هل تغير أنظمة باتريوت مسار الحرب في أوكرانيا

فولوديمير زيلينسكي: باتريوت خطوة مهمة في إنشاء درع جوية فاعلة.
الجمعة 2022/12/23
باترويت تحد من التفوق الجوي لروسيا.. ماذا عن المسيّرات

يفتح قرار واشنطن تزويد كييف بصواريخ باتريوت للدفاع الجوي مرحلة جديدة في الحرب الأوكرانية يتوقع مراقبون أن تكون أكثر شراسة مع تفاقم الخسائر المادية واللوجستية للجيش الروسي. وتكبح منظومة باتريوت بشكل فعال التفوق الجوي لموسكو، التي تعتمد عليه لتحقيق مكاسب على الأرض.

واشنطن - يجادل محللون بأن تزويد الولايات المتحدة لحليفتها أوكرانيا بمنظومة الصواريخ الدفاعية باتريوت سيغير مسار الحرب ويحرم روسيا من تفوقها الجوي، إلا أن الكرملين قال الخميس إن تزويد أوكرانيا بأنظمة صواريخ باتريوت لن يحول بين روسيا وبين تحقيق أهدافها.

ويقول محللون عسكريون إن باتريوت ستضيف لأوكرانيا قوة حيوية جديدة للدفاع عن مدنها ضد الهجمات الصاروخية، لاسيما أن تزويد كييف بهذه المنظومة يأتي في الوقت المناسب، خاصة مع فصل الشتاء، حيث تنخفض حدة المناورات على الأرض ويتواصل في المقابل الضغط الجوي الروسي.

ويعكس هذا القرار الهام أن أكبر تهديد لأوكرانيا يأتي حاليا من الجو، وليس من الأرض. وتستهدف روسيا بانتظام البنية التحتية الحيوية بالصواريخ والطائرات دون طيار، تاركة الملايين دون كهرباء أو مياه جارية أو تدفئة حتى مع حلول فصل الشتاء.

ويشير هؤلاء إلى أن صواريخ باتريوت لا تحل مشكلة الطائرات دون طيار، لأنها أصغر من أن تكتشفها معظم أنظمة الدفاع الجوي، لكن الأسلحة الجديدة ستوفر طبقة دفاع جوي إضافية مهمة للجيش الأوكراني.

أناتولي أنتونوف: تصرفات واشنطن تؤدي إلى تصعيد لا يمكن تخيل عواقبه
أناتولي أنتونوف: تصرفات واشنطن تؤدي إلى تصعيد لا يمكن تخيل عواقبه

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء بعد لقائه نظيره الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، إن الوعد الأميركي بتقديم منظومة باتريوت للدفاع الصاروخي أرض – جو لكييف خطوة مهمة في إنشاء درع جوية فاعلة.

وأضاف زيلينسكي في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض “إنها الطريقة الوحيدة التي يمكننا بها حرمان الدولة الإرهابية من أداتها الرئيسية للإرهاب، من إمكانية ضرب مدننا، وطاقتنا”.

وقال بايدن للصحافيين إن باتريوت “منظومة دفاعية وليست تصعيدا… نحب ألا تُستخدم، بل أن توقف الهجمات فحسب”. وأرسلت الولايات المتحدة مساعدات إلى حكومة كييف قيمتها نحو 50 مليار دولار لمواجهة الغزو الروسي.

وناشد زيلينسكي وغيره من كبار المسؤولين الأوكرانيين الحلفاء طويلا تقديم المزيد من الأنظمة المضادة للطائرات والصواريخ، للمساعدة في مواجهة الضربات الصاروخية الروسية على محطات توليد الطاقة والبنية التحتية الحيوية الأخرى.

وقال بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن في وقت سابق إن الولايات المتحدة ستقدم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 1.85 مليار دولار، تشمل نقل منظومة باتريوت للدفاع الجوي.

وتعتبر المنظومة من أكثر أنظمة الدفاع الجوي الأميركية تطورا وتوفر حماية من الطائرات وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية. وتتضمن عادة قاذفات إلى جانب رادارات ومركبات دعم أخرى.

ويرى الخبير العسكري فايز الدويري أن صواريخ باتريوت الأميركية ستقدم للأوكرانيين إضافة نوعية في البعدين الميداني والرمزي، لكن إحداث التغيير في مسار المعركة يعتمد على جملة عوامل، منها عدد الصواريخ التي ستقدم لأوكرانيا، ومدى كفاءة العاملين الذين سيخضعون للتدريب في قاعدة أميركية في ألمانيا، كما أن مشكلة صواريخ باتريوت تتعلق بتكلفتها العالية.

والأشهر الأخيرة، تم تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي متقدمة من الولايات المتحدة ودول أوروبية، لكنها لا تزال بحاجة إلى المزيد. فهي تحتاج دفاعات جوية ليس فقط لاعتراض الصواريخ التي تطلق على بنيتها التحتية، ولكن أيضا لمنع روسيا من تحقيق التفوق الجوي بالقرب من خط المواجهة.

ومن المحتمل أن يكون توريد بطاريات باتريوت إلى أوكرانيا محدودا من حيث الكمية، إذ إن هناك طلبات كثيرة من العديد من الدول حول العالم للحصول عليها، كما أنها مرتفع السعر، وتتطلب تدريبا كبيرا لتشغيلها. ولكل هذه الأسباب، لم يكن قرار إرسال باتريوت سريعا، وتم تجاهل مناشدات أوكرانيا الأولية للحصول على صواريخ من هذا النوع.

صواريخ باتريوت لا تحل مشكلة الطائرات بدون طيار، لأنها أصغر من أن تكتشفها معظم أنظمة الدفاع الجوي

وتمتلك نظام باتريوت للدفاع الجوي حاليا 12 دولة، من بينها عدد من الدول العربية. وتتكون كل بطارية من باتريوت من قاذفة الصواريخ، رادار، مركز قيادة وتحكم، مركبات دعم أخرى، وتحتاج إلى فريق كبير لتشغيلها وصيانتها.

ويعتبر ماثيو والين، الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي، وهو مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية، أن صواريخ باتريوت لن “تحدث فارقا على المدى الزمني القصير، لأنها نظام معقد يستغرق شهورا من التدريب”.

ويشير إلى أن “كل بطارية باتريوت تحتاج فريق عمل مكونا من 90 جنديا، على الرغم من الحاجة إلى 3 عسكريين فقط لتشغيله بشكل مباشر. وفي الحالة الأميركية، تتمتع أطقم ومدربو باتريوت بسنوات من الخبرة، مما يساعد على العمل بفعالية. أما أوكرانيا فليس لديها أي من هذا، وسوف يستغرق الأمر وقتا طويلا للتدريب وبناء الخبرة. وعلى المدى المتوسط، ربما من 6 أشهر إلى سنة أو أكثر”.

ومنذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير الماضي، يخشى الكثير من الخبراء من تداعيات تقديم الأسلحة الأميركية المتطورة إلى الجانب الأوكراني، خاصة مع الخوف من أن تؤدي إلى تصعيد الصراع وزيادة خطر جر الجيش الأميركي مباشرة إلى القتال.

وتهدف روسيا، رغم التأخيرات، إلى الإعداد لنشر صواريخها الباليستية الجديدة العابرة للقارات، طراز “سارمات”، والتي يمكنها حمل رؤوس نووية، قريبا. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الأربعاء “سيتم تحقيق كل شيء”.

وجاء تصريح بوتين خلال اجتماع متلفز للقيادة العسكرية في وزارة الدفاع، إلا أنه اعترف بوجود “انحرافات” عن الجدول الزمني. وكان من المقرر نشر صواريخ “سارمات”، التي يبلغ مداها 18 ألف كيلومتر، والتي تستطيع حمل عدة رؤوس نووية، في خريف 2022.

أوكرانيا

وذكر وزير الدفاع سيرجي شويجو أنه يجب تشغيل 22 منصة إطلاق للصواريخ الباليستية العابرة للقارات العام المقبل، بما في ذلك صواريخ “سارمات” و”أفانجارد” و”يارس”.

ومن المقرر أن تدخل الخدمة أيضا ثلاث قاذفات بعيدة المدى، طراز “توبوليف تو – 160 أم”، وخمس غواصات و12 سفينة حربية.

ومن المنتظر أن يتم تسليح فرقاطة مزودة بصواريخ مضادة للسفن في بداية يناير، وذكرت تقارير أن الصواريخ قادرة على التحليق بسرعة تفوق سرعة الصوت.

وذكر بوتين في نهاية الجزء العام من الاجتماع أن روسيا مستعدة لجميع التحديات العسكرية، وتدرك كيفية الدفاع عن نفسها ضد “التهديد من حلف شمال الأطلسي”. وأوضح الرئيس الروسي أنه لا يجب أن يكون هناك “استخدام للاقتصاد كسلاح”، ولن يضر “اقتصاد الحرب” بالبلاد، على النقيض من الاتحاد السوفيتي.

ونقلت وكالة تاس للأنباء عن السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف قوله إن تصرفات الولايات المتحدة الاستفزازية في أوكرانيا تؤدي إلى تصعيد لا يمكن تخيل عواقبه.

وكانت موسكو أعلنت ضم أربع مناطق في أوكرانيا، هي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، بعد إجراء ما يطلق عليه استفتاءات في سبتمبر، وهي إجراءات رفضتها كييف والغرب باعتبارها زائفة.

وتسيطر القوات الروسية على لوغانسك بالكامل تقريبا، لكنها لا تسيطر إلا على 60 في المئة من دونيتسك. ومنذ أغسطس، تخوض القوات الروسية معركة مكلفة ومطولة للسيطرة على باخموت، وهي مدينة صناعية في منطقة دونيتسك كان عدد سكانها قبل الحرب نحو 70 ألفا.

5