هل تعيد مبادرة "صحراء واحدة" الأمن للحدود الليبية

ليبيا تطالب الاتحاد الأوروبي ببذل جهد مضاعف لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الصحراء الأفريقية.
الأربعاء 2023/09/06
نفوذ المستعمر القديم مهددة في الساحل الأفريقي

تونس – استؤنفت أعمال مبادرة "صحراء واحدة" المشروع الإقليمي الذي صممه الاتحاد الأوروبي لتنسيق جهود التعاون عبر الحدود ورسم خارطة الطريق لاستراتيجيات المبادرة في منطقة الساحل الأفريقي، الذي يعيش صراعات متزايدة أثرت على الدول المجاورة.

وقال موسى الكوني نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، في كلمة الافتتاح إنه "في مثل هذه اللحظة الصعبة بالنسبة لمنطقة الساحل، يجب على الاتحاد الأوروبي مضاعفة جهوده على الصعيدين الدبلوماسي والدعم الفني"، مشيرًا إلى أن "هذا الاجتماع دليل على رغبة دول المنطقة في رأب الصدع داخل منطقة الساحل".

وقال الكوني أن"جلسة العمل التي تجمع خبراء ليبيا والاتحاد الأوروبي لوضع خارطة طريق لمبادرة صحراء واحدة، دليل على إصرار دول المنطقة على الاستمرار في محاولة رأب الصدع بمنطقة الصحراء".

ومبادرة "صحراء واحدة"، هي مشروع إقليمي أطلقه الاتحاد الأوروبي عبر بعثته للمساعدة في إدارة الحدود في ليبيا "يوبام"، والخلية الاستشارية التنسيقية الإقليمية لمنطقة الساحل، وذلك لتنسيق جهود التعاون عبر الحدود في منطقة الساحل الإفريقي التي تضم ست دول، هي "ليبيا وبوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر".
وأعربت "يوبام" في منشور لها على حسابها الرسمي على موقع إكس عن  استعدادها لدعم التعاون الإقليمي.

 

وشدد الكوني على ضرورة "أن يبذل الاتحاد الأوروبي جهدا مضاعفا لدعم هذه المساعي، لتحقيق الأمن والاستقرار في فضاء الصحراء الواحدة".
وتصاعد التنافس بين القوى الدولية مثل روسيا، والصين، والولايات المتحدة بالإضافة إلى المستعمر الأوروبي القديم، بشكل متزايد على دول إفريقيا لا سيما دول الساحل، ما خلف فوضى سياسية في هذه الدول ترجمت بالانقلابات المتوالية.  
ويمثل ما يجري في أفريقيا أحد أصعب التحديات التي يواجهها الأمن الإقليمي والدولي، حيث أضعفت الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، وأدت إلى تنامي بؤر الإرهاب وتوسيع نفوذ المتطرفين، حيث تشير الإحصائيات إلى أن الانقلاب في مالي تسبب في تسليم  حوالي 40 بالمئة من أراضي مالي إلى الجماعات المتطرفة.

وذكر تقرير للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن استراتيجيات الاتحاد الأوروبي فشلت في منع الصراعات والانقسام الداخلي في جميع أنحاء منطقة الساحل الإفريقي. منذ عام 2021، حين نجحت الانقلابات العسكرية في إسقاط حكومات بوركينا فاسو ومالي وغينيا والنيجر.  وازداد الوضع تعقيداً بالنسبة للاتحاد الأوروبي بعد أن طردت مالي القوات الفرنسية والألمانية بعد ما يقرب من عقد من التدخل العسكري.
ولا يرمز الرحيل إلى فشل سياسة التدخل الفرنسية فحسب، ولكنه يعكس أيضاً ضعف السياسة الخارجية لأوروبا. ويتضح ذلك، من بين أمور أخرى، من خلال وجود قوات فاغنر الروسية وموجة من الخطاب المعادي للغرب.

وفي السياق، أشار الكوني خلال كلمته إلى "أهمية استقرار الوضع بمنطقة الصحراء الكبرى"، معتبرا أن أي "حراك سلبي فيها سيؤثر على دول المنطقة، بينما سيساهم التحرك الإيجابي في الاستقرار".

وأشار إلى أن بلاده "تتخوف من دخول النيجر في حرب تعبث بالوضع الأمني فيها، ويزداد تأثيرها السلبي على دول المنطقة، وخاصة ليبيا"، وذلك على خلفية التطورات السياسية التي تلت الانقلاب العسكري في النيجر، ودعوة جهات دولية لتنفيذ عملية عسكرية تعيد النظام الدستوري.

وتعتبر النيجر على وجه الخصوص، محط أنظار الكثير من القوى الدولية لما تمتلكه من مخزون كبير من اليورانيوم، وهذا يعني أن تهدئة الأوضاع فيها لن يكون بالأمر السهل.

وتشير التقديرات الاستخباراتية إلى أن داعش غرب إفريقيا بدأ بنقل جزءاً من مقاتليه من النيجر إلى الحدود مع نيجيريا، وسط مخاوفه من تدخل قوات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” في النيجر وإغلاق حدود البلاد، ومن المتوقع أن يشكل تحركه هذا خطراً كبيراً على المنطقة بأسرها .

ويمثل الانقلاب العسكري في النيجر، والمخاوفُ من تعرضها لحالة من الفوضى والانفلات الأمني، خطورةً على العديد من الدول المجاورة، مثل الجزائر وليبيا، وأيضاً السودان وموريتانيا، بحكم موقعها ضمن منطقة الساحل الأفريقي. ويمثل خطر تدفق المهاجرين، والجماعات المتطرفة عبر الحدود الهاجس الأكبر لتلك الدول، إضافة إلى انهيار التعاون الاقتصادي والأمني لتلك الدول مع النيجر.

ومن المقرر أن تنشأ عبر مبادرة صحراء واحدة "خارطة طريق تأخذ في الاعتبار الممارسات في إدارة الحدود، والتصدي للجرائم العابرة للحدود، مع تعزيز التجارة والتنمية"، وفق بيان سابق للاتحاد الأوروبي.

وأكد الكوني بأن التركيبة السكانية في النيجر بها مجموعة من الأعراق ولديها امتداد في دول الجوار سواء الهاوسا، التوارق، العرب، التبو، والتي من شأنها أن تلعب دوراً إيجابياً في إيجاد مخارج سلمية للأزمة.

وخلص تقرير أممي إلى أن حالة الفوضى التي غرقت فيها ليبيا منذ 2011 أدت إلى تدفق الأسلحة من الدولة الواقعة في شمال القارة إلى دول الساحل الواقعة جنوبها وانتقال الجماعات المتطرفة إلى دول شمال غرب إفريقيا .
وكان آخر اجتماع لأعضاء المبادرة، في العاصمة الموريتانية نواكشوط في مايو الماضي.