هل تعجّل عودة نتنياهو إلى الحكم في إسرائيل بالمصالحة الفلسطينية

آمال ضعيفة لتجاوز الانقسام الفلسطيني في ظل الاختلافات الجوهرية.
الثلاثاء 2022/11/15
مصالحة كسابقاتها

تعترض طريق المصالحة الفلسطينية وتحويلها إلى واقع سياسي على الأرض مطبات كثيرة، على الرغم من وعي طرفي النزاع (فتح وحماس) بضرورة تجاوز الانقسام الذي يضعف الموقف الفلسطيني في مواجهة حكومة إسرائيلية جديدة، يبدو أنها الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل.

القدس - تؤشرعودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة في إسرائيل مدعوما من أحزاب يمينية متطرفة على عودة التصعيد إلى الأراضي الفلسطينية وتلاشي الحل السلمي، ما يحتم على الفرقاء الفلسطنيين تجاوز انقساماتهم الداخلية، إلا أن ذلك يبقى محل تشكيك في ظل الخلافات العميقة، رغم إمضاء الفرقاء لإعلان “مصالحة” في الجزائر الشهر الماضي.

وصرّح الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاثنين بأن نتنياهو العائد إلى السلطة بعد فوز معسكره في انتخابات الكنيست الأخيرة “لا يؤمن بالسلام”.

وقال عباس، في تصريحات تلفزيونية نشرتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، إنه مجبر على التعامل مع نتنياهو لأنه “لا يوجد لي خيار آخر”.

وأضاف متحدثا عن نتنياهو “استلم أكثر من مرة، أصبح فيها رئيس وزراء، وتعاملت معه كثيرا، رجل لا يؤمن بالسلام، أتعامل معه لأنه لا يوجد لي خيار آخر، مع من أتعامل ممثلا لإسرائيل؟”.

محمود عباس: نتنياهو لا يؤمن بالسلام لكنني مجبر على التعامل معه
محمود عباس: نتنياهو لا يؤمن بالسلام لكنني مجبر على التعامل معه

واتفقت حركتا فتح وحماس الأحد على تعزيز الجهود لترتيب البيت الفلسطيني، لمواجهة إسرائيل والتصدي لمشاريعها الاستيطانية وتهويد القدس.

وجاء ذلك خلال لقاء عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبومرزوق، وعضو اللجنة المركزية لفتح عزام الأحمد بالعاصمة اللبنانية بيروت، بحسب بيان لحماس.

وحسب البيان “جرى خلال اللقاء التأكيد على تعزيز الجهود لتوحيد الصف الوطني وترتيب البيت الفلسطيني لمواجهة الاحتلال والتصدي لمشاريع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة في التوسع الاستيطاني الاستعماري، وتهويد القدس وتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا”.

وأكد الطرفان “التمسك بالحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، ورفض مشاريع التطبيع والتوطين، وتنفيذ مخرجات حوارات الجزائر للمّ الشمل الفلسطيني وفق إعلان الجزائر”.

وشددا “على تعزيز الوحدة الوطنية واستمرار النضال من أجل تحقيق أهداف شعبنا في الحرية والعودة والاستقلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس”.

ومنذ صيف 2007 تعاني الساحة الفلسطينية من انقسام سياسي وجغرافي، حيث تسيطر حركة حماس على قطاع غزة، في حين تُدار الضفة الغربية من جانب حكومة شكلتها حركة فتح بزعامة عباس.

اقرأ أيضاً: اليسار الإسرائيلي خارج الكنيست
اقرأ أيضاً: اليسار الإسرائيلي خارج الكنيست

وعلى مدار سنوات، عُقدت لقاءات واجتماعات عديدة بين الفصائل الفلسطينية توصل بعضها إلى اتفاقات، لكنها بقيت حبرا على ورق ولم تفعّل على أرض الواقع.

وفي الثالث عشر من أكتوبر الماضي، وقّعت فصائل فلسطينية على وثيقة “إعلان الجزائر” في ختام أعمال مؤتمر “لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية”، الذي تم تنظيمه في الجزائر على مدار يومين.

ولم يقابل “إعلان الجزائر” الذي تم التوصل إليه بين 14 فصيلا فلسطينيا في الجزائر، كأحدث اتفاق للمصالحة وإنهاء الانقسام، بالكثير من التفاؤل الشعبي أو حتى السياسي، كما عده محللون سياسيون وشخصيات فلسطينية نسخة أخرى لاتفاقات وتفاهمات سابقة لم تجد طريقها إلى التطبيق، خصوصا بعدما حُذف البند المتعلق بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية والشراكة الكاملة والحقيقية بين مختلف الفصائل الموقعة على الاتفاق، والتي وردت في المسودة.

وضم الإعلان تسعة بنود تتعلق بانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج خلال عام واحد من توقيع الإعلان، والتأكيد على أهمية الوحدة الفلسطينية، واعتماد لغة الحوار والتشاور في حل الخلافات على الساحة الفلسطينية، في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، واعتبار المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتعزيز دورها، واتخاذ الخطوات العملية لإنهاء الانقسام فورا، فيما ألغي بند واحد كان مدرجا في المسودة التمهيدية، يتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية، دون تقديم توضيحات حول خلفيات وأسباب إلغاء هذا البند.

ولم تبد قيادات في حركة فتح تفاؤلا بتطبيق اتفاق الجزائر الأخير، إذ إن إشكالية امتلاك حماس سلاحا يحول دون فرض أي تمكين فعلي للحكومة الفلسطينية، ما يجعل المصالحة في مهب الريح.

ولا تبدو الحظوظ وافرة للمبادرة الجزائرية لإنهاء الانقسام الفلسطيني وصولا إلى مصالحة وطنية شاملة، في ظل الاختلافات الجوهرية بين مختلف الفصائل الفلسطينية بشأن الإستراتيجية التي يجب اتباعها.

ويرى مراقبون أن التضارب بين مختلف الفصائل في أكثر من ملف يعقد جهود الوساطة التي يتوقع أن تفشل كما فشلت غيرها من الوساطات حتى الآن.

2