هل تعجل أزمات الداخل بانتخابات مبكرة في تركيا

تهاوي شعبية حزب العدالة والتنمية يؤرق أردوغان.
الاثنين 2021/02/15
خسارة إسطنبول تمهد لتنحي أردوغان

من المقرر إجراء الانتخابات العامة القادمة في تركيا عام 2023، لكنّ العديد من المؤشرات برزت حول احتمال إجراء انتخابات مبكرة، منها الاقتصاد المتعثر في البلاد وتشكيل أحزاب منافسة جديدة من قبل شخصيات بارزة، فضلا عن دعوات التحالف الحاكم إلى إدخال تغييرات على قوانين الانتخابات تضع قيودا كبيرة على أحزاب المعارضة وإمكانية تمثيلها في البرلمان القادم.

إسطنبول - أعرب السياسي الكردي المسجون صلاح الدين دميرطاش عن اعتقاده بأنّ من المرجّح أن تجبر الظروف الاقتصادية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على إجراء انتخابات عامة مبكرة قبل الانتخابات المقررة في عام 2023، فيما تشير استطلاعات الرأي إلى أن ذلك لن يكون في صالح حزبه العدالة والتنمية الذي بدأ حملة انتخابية مبكرة.

ونقلت صحيفة إيفرينسل عن الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد قوله “لا أعتقد أن الانتخابات ستنتظر حتى عام 2023. كل الظروف ستجبر الحكومة على إجراء انتخابات مبكرة”.

وأضاف دميرطاش أن حزب العدالة والتنمية سيكون حكيما في الإقدام على مثل هذه الخطوة قبل أن يؤدي الجوع والفقر والانهيار الواسع النطاق إلى انفجار اجتماعي.

ولا يزال الاقتصاد التركي يواجه تداعيات جائحة كورونا والليرة تعاني من انهيار تاريخي، مما أدى إلى انخفاض مستويات المعيشة في جميع أنحاء البلاد وإلى تزايد الدعوات من المعارضة للإسراع في الاقتراع.

وأجريت آخر انتخابات عامة في تركيا في يونيو 2018، بعد أن دعا أردوغان إلى إجراء انتخابات قبل أكثر من عام ونصف العام من الموعد المحدد لها، وهي خطوة يزعم المعارضون أنها شكّلت ميزة لحزب العدالة والتنمية الحاكم.

ووفقا لاستطلاع أجراه في ديسمبر 2020 ونشره كوندا، أحد رواد استطلاعات الرأي في تركيا، في تلك الانتخابات فاز العدالة والتنمية بما يزيد عن 42 في المئة من الأصوات، لكن التأييد العام للحزب تراجع منذ ذلك الحين إلى 39.8 في المئة.

صلاح الدين دميرطاش: كل الظروف ستجبر الحكومة على إجراء انتخابات مبكرة

وبعد الخسائر المحرجة في الانتخابات المحلية في العام 2019، ليس مرة واحدة بل مرتين في إسطنبول، أدرك أردوغان هذه المرة أن الوقت ليس في صفه وأصبح إحساسه بحرج الموقف أكثر وضوحا.

ومع الأزمة الاقتصادية التي ترتبت على جائحة كورونا ومع العجز عن توفير الوظائف وتهديد الأحزاب السياسية المعارضة وحتى الناشئة حديثا لقاعدة أردوغان وطموحاته ومع التورط في العديد من الصراعات من سوريا إلى ليبيا إلى العراق والأزمة التي ما تزال جاثمة مع واشنطن، يبدو أن ليست لدى أردوغان خيارات جيدة.

وبينما يرى مراقبون ومحللون أنّ إجراء الانتخابات هذا العام خلال ذروة تفشي فايروس كورونا غير وارد أبدا، فإن احتمال إجرائها في 2022 سيكون أعلى نوعا ما.

وكشف الكاتب والمحلل التركي أورهان أوروغلو أنّ حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا سوف يساعد الأحزاب التي شكّلها منشقون عن حزب العدالة والتنمية الحاكم على دخول البرلمان التركي، وهما حزبا داود أوغلو وعلي باباجان.

واستطاع الحزبان المنفصلان عن حزب العدالة والتنمية، حزب المستقبل الذي أسسه رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، وحزب الديمقراطية والتقدم (ديفا) الذي أسسه وزير الاقتصاد السابق علي باباجان، حصد المزيد من الأصوات التي كانت تذهب إلى مصلحة الحزب الحاكم، وذلك رغم حداثة تأسيس كل منهما.

وكشف أوروغلو بالمقابل أن زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو أخبره أن حزبه سوف يسعى إلى تغيير الحد الأدنى لدخول البرلمان، والبالغ 10 في المئة، من أجل دعم الديمقراطية، مُعتبرا أنّه “يجب تمثيل كل حزب في المجلس”. وأوضح الكاتب التركي أن (ديفا) وحزب المستقبل سوف يُدرجان في تحالف الأمة الانتخابي الرئيسي للمُعارضة.

الاقتصاد التركي لا يزال يواجه تداعيات جائحة كورونا والليرة تعاني من انهيار تاريخي، مما أدى إلى انخفاض مستويات المعيشة في جميع أنحاء البلاد وإلى تزايد الدعوات من المعارضة للإسراع في الاقتراع

ويسمح نظام التحالف الانتخابي الذي تم تقديمه قبل الانتخابات البرلمانية عام 2018 للأحزاب التي تقل نسبة أصواتها عن عتبة الـ10 في المئة بالحصول على مقاعد في البرلمان إذا كانت جزءا من تحالف حصل على أكثر من 10 في المئة من الأصوات.

وأكد المحلل التركي أن باباجان وداود أوغلو على دراية جيدة بنقاط القوة والضعف لدى الرئيس التركي ومن المرجح أن يجتذبا المزيد من أصوات حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة.

ويدرك أردوغان أن تركيا تعاني من مشاكل اقتصادية ومشكلة سيادة القانون خطيرة وتحتاج إلى معالجة، لكنه في الوقت نفسه يشعر بالقلق أيضا بشأن البقاء في السلطة مع تزايد الدعوات للانتخابات المبكرة أو حتى الانتخابات في موعدها فالتحدي قائم ولم يتغير.

ويشهد الشارع السياسي التركي منذ فترة حراكا مكثفا لترتيب أوراق التحالفات السياسية، في سعي من كلّ طرف إلى تقوية مكانته ورفع أعداد ناخبيه، استعدادا لأي انتخابات مبكرة مفاجئة قد تجري خلال العام الحالي أو في 2022.

ويركز أردوغان على ترتيب بيته الداخلي قبل التوجه إلى أي استحقاق انتخابي، حيث سرّع من مؤتمراته الحزبية على مستوى المحافظات في حملة انتخابية مبكرة علّها تنقذ رصيده المتآكل.

5