هل تخلّى برهم صالح عن طموح قيادة مشروع سياسي واسع

يبدو أن صالح آمن، بفعل متغيرات المشهد العراقي، بأن فرصة قيادة مشروع سياسي واسع، ليست ممكنة الآن.
الاثنين 2021/01/18
بإنتظار الفرصة

بغداد – شارك الرئيس العراقي برهم صالح في مراسم تنصيب النائبة آلا الطالباني رئيسة لكتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، في البرلمان العراقي، ما اعتُبر إشارة إلى الخطوة التالية في مستقبله السياسي.

واستضاف صالح عددا من قيادات الاتحاد الكردستاني ونوابه في البرلمان العراقي في قصر السلام ببغداد، حيث مقره الرسمي، للإعلان عن تكليف آلا الطالباني برئاسة كتلة الحزب الكردي في مجلس النواب العراقي.

ورئيس الكتلة البرلمانية هو موقع تنظيمي إلى حد كبير، ليس له صفة رسمية، يقوم المكلف به بتنسيق مواقف نواب كتلته تحت قبة مجلس النواب بعد التشاور مع قيادة الحزب الذي ينتمي إليه.

واستضافة صالح في قصر رئاسة الجمهورية نشاطا حزبيا لا يبدو كبيرا، مثلت مؤشرا على تضاؤل الطموح السياسي للرئيس في قيادة مشروع وطني.

ويقول مراقبون إن صالح ربما آمن -بفعل المتغيرات العاصفة التي ألمّت بالمشهد العراقي خلال الأعوام القليلة الماضية- بأن فرصة قيادة مشروع سياسي واسع، ليست ممكنة الآن، وأن الطريق الأسلم هو العودة إلى العمل ضمن الحزب الأم والقبول بمهام ليست كبرى.

وترشح صالح إلى منصب رئيس الجمهورية عبر الاتحاد الوطني الكردستاني، ثاني أكبر الأحزاب الكردية في كردستان العراق، الذي أسسه وقاده لسنوات عديدة الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني.

استضافة صالح نشاطا حزبيا لا يبدو كبيرا، مؤشر على تضاؤل الطموح السياسي للرئيس في قيادة مشروع وطني

وكان صالح انشق عن الاتحاد الوطني بعد خلافات مع قيادته إثر رحيل الرئيس الطالباني، وشكل حزبا لخوض الانتخابات العامة في 2018، لم يحقق نتائج تذكر، لكنه عاد إلى حزبه الأم في صفقة تضمنت التخلي عن طموحه السياسي في المنطقة الكردية، لقاء ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية.

وكاد فوز صالح بمنصب رئيس الجمهورية عام 2018 -بعدما مالت إليه كفة البرلمان العراقي على حساب مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني- يُفجر أزمة بين الزعيم الكردي المخضرم مسعود البارزاني، ورئيس جهاز المخابرات آنذاك ورئيس الحكومة الحالي، مصطفى الكاظمي.

واتهم البارزاني الكاظمي بدعم صالح من خلال الضغط على نواب في البرلمان للتصويت له، بعدما اتفقوا على التصويت لمرشح الحزب الديمقراطي المنافس فؤاد حسين، الذي تحول إلى منصب وزير المالية في حكومة عادل عبدالمهدي التي أطاحت بها الاحتجاجات ثم إلى منصب وزير الخارجية في الحكومة الحالية، لكن الكاظمي نفى ذلك.

ومثل فوز صالح بأصوات نواب في بغداد تعهدوا لأحزابهم بالتصويت لمرشح البارزاني، دليلا على الشعبية التي يحظى بها الرئيس العراقي في الجزء العربي من العراق.

ومنذ خروج برهم صالح من معقله في مدينة السليمانية، ضمن إقليم كردستان العراق، إلى بغداد لممارسة مهامه الرئاسية، أحكمت عائلة الطالباني قبضتها على معقل الاتحاد الوطني في إقليم كردستان.

ويواجه حزب الاتحاد أزمة ثقة داخل كردستان بعد طرحه فكرة أقلمة السليمانية بحجة تهميش الحزب الديمقراطي الكردستاني لهم في إدارة الإقليم.

ويرى الكثيرون في إقليم كردستان أن الوقت غير مناسب لطرح مطلب كهذا وأنه كان أجدر بالحزب الاهتمام بالتحديات التي يواجهها الإقليم، من بينها تثبيت مستحقات الشعب الكردستاني ضمن الموازنة الاتحادية.

شارع عراقي منتفض ضد طبقة سياسية فاشلة والنفوذ الإيراني
شارع عراقي منتفض ضد طبقة سياسية فاشلة والنفوذ الإيراني

ويعتبر معارضو هذا الطرح أن هدف حزب الاتحاد من هذه الخطوة مساومة الإقليم، وخاصة أن الإعلان عنها جاء أثناء اجتماع للأحزاب الكردية من أجل تشكيل وفد سياسي للتوجه إلى بغداد بهدف تثبيت مستحقات شعب كردستان ضمن الموازنة الاتحادية.

ويقول مراقبون إن فرص عودة برهم صالح إلى لعب أدوار سياسية داخل إقليم كردستان لم تعد كبيرة رغم محاولاته الانفتاح أكثر سياسيا على الإقليم خلال هذه المرحلة، وأن آماله ستُعقد على خيارات أخرى، من بينها محاولة استثمار الزخم السياسي الذي يتيحه منصب رئيس الجمهورية من خلال طرح نفسه ضمن مشروع وطني يشمل جميع محافظات البلاد الكردية وغير الكردية.

وقبل أشهر من الآن، دارت الكثير من التكهنات بشأن إمكانية تحالف الرئيس صالح مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ضمن مشروع سياسي يغطي مساحة البلاد كلها، وهما الصديقان المقربان منذ عقود، والسياسيان المتشابهان في نزعتهما الليبرالية وصداقاتهما مع الخليج والغرب والولايات المتحدة.

ويرى كثيرون أن تحالفا انتخابيا بين صالح والكاظمي قد يحظى بفرصة لا بأس بها ضمن خارطة التنافس الانتخابي، لكن الأمور ربما ليست بالسهولة التي تبدو عليها.

فمن جهة صالح، ربما يثير تحالفه مع الكاظمي مخاوف القوى الكردية، وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه البارزاني، أكبر القوى السياسية في كردستان.

ومن جهة الكاظمي، فإن تحالفه مع صالح قد يستفز الأطراف الشيعية التي توافقت على تكليفه بقيادة الحكومة بعدما تعهد لها بعدم الترشح للانتخابات.

وفضلا عن ذلك، لا تبدو الساحة الانتخابية العراقية مستعدة للتعاطي مع تحالف يضم مرشحين من العرب والأكراد، في ظل ارتباطها باستقطابات قومية حادة، تغذيها الأزمات السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ أعوام. لذلك، يعتقد مراقبون أن التحالف بين صالح والكاظمي قد يتشكل بعد الانتخابات وليس قبلها، في حال شارك كلاهما فيها وحققا الفوز.

1