هل تخطو تونس نحو حلّ ملف الجمعيات المشبوهة؟

زعيمة الحزب الدستوري تحاول دفع الرئيس سعيد إلى اتخاذ قرار سياسي يقضي بغلق اتحاد علماء المسلمين وهو ما يطرح تساؤلات عن الضغوط التي صعدتها ضده.
الأربعاء 2021/12/15
المعركة بين اتحاد علماء المسلمين والدستوري الحر تشتد

تونس- يُحيي الاعتصام الذي بدأه أنصار الحزب الدستوري الحر المعارض في تونس بدعوة من زعيمته عبير موسي الثلاثاء أمام اتحاد علماء المسلمين للمطالبة بغلقه، التساؤلات بشأن استعداد البلاد لفتح ملف الجمعيات التي تُتهم بكونها مشبوهة، خاصة في ظل حالة الانفلات التي يشهدها المجتمع المدني.

ودفعت الحكومة التونسية الثلاثاء بتعزيزات أمنية مكثفة أمام مقر اتحاد علماء المسلمين بالعاصمة قبيل توافد أنصار الحزب الدستوري الحر، وذلك بعد نداء توجه به فرع الاتحاد إلى السلطات من أجل حماية مقره.

وقالت موسي الثلاثاء “جئنا اليوم للاعتصام أمام اتحاد (يوسف) القرضاوي ولن نعود أدراجنا قبل غلقه”، مضيفة أنها أرسلت مكتوبا للداخلية حول الاعتصام لكنها لم تتلق أي إجابة لا شفاهية ولا كتابية لا بالرفض ولا بالقبول.

◄ أوساط سياسية ترى أن خطر الجمعيات ذات الصبغة السياسية يكمن في الخطاب الدعوي الذي تبثه والتمويل السياسي الفاسد

وجاء تحرك موسي غداة إعلان الرئيس قيس سعيد عن قرارات جديدة مساء الاثنين خلال كلمة توجه بها إلى التونسيين، شملت الإعلان عن موعد تنظيم انتخابات تشريعية واستفتاء حول دستور جديد وغيرها من المسائل، ما يُعطي انطباعا بأن أولويات المرحلة تتلخص أساسا في إسعاف الاقتصاد والقيام بالإصلاحات السياسية اللازمة.

لكن تصاعد حدة خطاب موسي وما شهده اعتصامها السابق أمام نفس الجمعية، يثير تساؤلات بشأن توجه الحكومة التونسية لحلحلة ملف الجمعيات التي توصف بالمشبوهة في البلاد، والتي يتهمها البعض بتلقي تمويلات أجنبية طائلة أو ترويج لخطاب الكراهية والعنف والتشدد.

واعتبر المحلل السياسي نبيل الرابحي أن “الحكومة التونسية ستفتح ملف الجمعيات المشبوهة، بل أكثر من ذلك سيتم فتح ملفات تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر للانضمام لجماعات متشددة، وسيتم فتح ملف الاغتيالات السياسية وغيرها من الملفات، ولذلك شدد رئيس الجمهورية في خطابه الاثنين على ضرورة قيام القضاء بدوره وهو ما يركز عليه دائما”.

وأضاف الرابحي في تصريح لـ”العرب” أن “المشكلة اليوم أن هناك أولويات أخرى أمام الحكومة من بينها إنقاذ الاقتصاد الوطني، ومباشرة الإصلاحات السياسية التي تشمل تعديل القانون الانتخابي وغيرها، وللأسف هناك توظيف سياسي لملف الجمعيات المشبوهة”.

والتحركات ضد الجمعيات المذكورة ليست وليدة اللحظة، فالحزب الدستوري الحرّ نفسه نفّذ في مارس الماضي اعتصاما مفتوحا ضد اتحاد علماء المسلمين، ونشبت آنذاك مواجهة بين رئيسة الحزب وعدد من قيادات وأنصار حزب ائتلاف الكرامة.

نبيل الرابحي: الحكومة ستفتح ملف الجمعيات المشبوهة بل وستفتح ملفات أخطر منها

واستبق الاتحاد اعتصام موسي وحزبها هذه المرة بدعوة السلطات إلى حماية مقره، قائلا في بيان نشره في وقت سابق إن “المدعوة أعلاه موسي وحزبها كانوا قد اعتصموا أكثر من مرة أمام مقرنا، بل قد اقتحموه في أحد الاعتصامات وعاثوا في موجوداته فسادا، وقد فض الاعتصام بالقوة العامة، وذلك بالرغم من أن كل القضايا التي رفعتها ضد الجمعية حكم فيها القضاء ضدها، وأن الجمعية قد رفعت عدة قضايا ضدها وهي جارية الآن قيد البحث القضائي”.

وتحاول موسي دفع الرئيس سعيد إلى اتخاذ قرار سياسي يقضي بغلق هذا الاتحاد، وهو ما يطرح تساؤلات عن الضغوط التي صعدتها ضده.

وقال الرابحي إن “عبير موسي دائما ما تبحث عن الاستقطاب الثنائي، في وقت سابق وجدت الغنوشي والنهضة وائتلاف الكرامة في البرلمان واليوم تحاول الدخول في معركة مع الرئيس سعيد، الذي قام منذ توليه السلطة في الخامس والعشرين من يوليو ببدء تفكيك منظومة الإسلام السياسي في البلاد والجمعيات المشبوهة يبقى ملفا مهما لكن موسي تحاول توظيفه سياسيا”.

ويبلغ عدد الجمعيات الناشطة في تونس 23676 جمعية، حسب إحصائيات نشرها مركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات التابع لرئاسة الحكومة على موقعه الإلكتروني، فيما بلغ عدد الجمعيات الأجنبية الناشطة في تونس 200 جمعية، منها 155 جمعية مقرها في محافظة تونس و14 جمعية في محافظة أريانة، فيما تتوزع بقية الجمعيات الأجنبية على محافظات أخرى.

وشهد تأسيس الجمعيات في تونس طفرة منذ ثورة 2011، عقب إلغاء نظام الترخيص والاعتماد على نظام الإعلام لدى مصالح رئاسة الحكومة وفقا للمرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات، والذي يضمن فصله الأول حرية تأسيس الجمعيات والانضمام إليها والنشاط في إطارها.

وترى أوساط سياسية أن خطر الجمعيات ذات الصبغة السياسية يكمن في الخطاب الدعوي الذي تبثه والتمويل السياسي الفاسد، فضلا عن كونها تتعارض مع أسس الدولة المدنية ومقومات المجتمع التونسي.

4