هل تحرك العقوبات الجمود الرئاسي في لبنان؟

الكونغرس الأميركي يدعم مطالب أوروبية بفرض عقوبات على نبيه بري.
الاثنين 2023/08/07
طفح الكيل

بات التلويح بفرض عقوبات على معرقلي العملية السياسية في لبنان خيارا مطروحا في ظل انسداد أفق التوافق على رئيس جديد للبنان. ورغم أن المطالب بالتوجه نحو العقوبات تزداد اطرادا إلا أن محللين يشككون في جدية المطالب ويصنفونها في خانة الضغوط.

بيروت - عاد الحديث عن عقوبات دولية محتملة على شخصيات سياسية متهمة بعرقلة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية إلى الواجهة من جديد، بعد اتهامات غربية مباشرة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري. ووجهت لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، بمناسبة الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الجاري، رسالة جديدة إلى الرئيس جو بايدن ذهبت فيها إلى حد وصف نبيه بري بأنه “امتداد لحزب الله “، مرحبة بـ”المطالبات الصادرة في أوروبا لفرض عقوبات عليه”.

وتأتي رسالة الكونغرس منسجمة مع تهديدات مماثلة أطلقتها مؤخرا اللجنة الخماسية (فرنسا والسعودية والولايات المتحدة وقطر ومصر) في اجتماعها الأخير بالدوحة. وقالت مصادر لبنانية إنه لا يمكن فصل رسالة الكونغرس عن الإشكال القائم على مستوى الاستحقاق الرئاسي.

وحددت المفوضية الأوروبية ثلاث حالات يمكن أن تصبح فيها العقوبات ممكنة، أولاها إذا تمت ملاحظة عرقلة للمسار الديمقراطي (يعني عرقلة انتخاب رئيس جديد للبلاد)، وثانيتها في حال حدوث عرقلة أو أكثر من عرقلة للبنود المتفق عليها مع مجموعة الدعم الدولية ( اللجنة الخماسية). وأشارت إلى ضرورة تنفيذ الإجراءات المسبقة المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي بالكامل، أما الحالة الثالثة التي قد تدفع باتجاه فرض عقوبات فهي ارتكاب تجاوزات خطيرة، خاصة ما تعلق منها بالمال العام.

ومنذ شهر سبتمبر من عام 2020، تاريخ فرض الولايات المتحدة عقوبات على الوزير السابق علي حسن خليل، تعددت الرسائل التي كانت توجه من قبل واشنطن إلى نبيه بري، من وقت إلى آخر، لكن في الأشهر الماضية ارتفعت وتيرة هذه الرسائل بشكل لافت، الأمر الذي يوحي بأن الأمور قد تكون متجهة إلى مكان جديد. وتتهم أطراف سياسية لبنانية رئيس المجلس النيابي بتعطيل مسار انتخاب رئيس للجمهورية بسبب عدم مبادرته بتوجيه دعوات لعقد جلسات انتخابية متتالية.

◙ أطراف سياسية لبنانية وخارجية تتهم نبيه بري بالتعطيل بسبب عدم دعوته لعقد جلسات انتخابية متتالية

وتنبّه مصادر دبلوماسية إلى أنه في حال صدرت فعلا عقوبات ضد رئيس مجلس النواب بتهمة عرقلة انتخاب رئيس للجمهورية فالأكيد أن المسألة لن تكون محصورة في بري وحده إذ أن العقوبات ستشمل كل من اتهم بعرقلة تسهيل جلسات انتخاب الرئيس، أي بما معناه أن العقوبات في حال صدرت فقد تشمل رؤساء أحزاب أو كتلا يعرقلون انتخاب الرئيس إما عبر مقاطعة الجلسات أو عبر رفض المشاركة في أي حوار من شأنه أن يسهل عملية الاتفاق على اسم توافقي مقبول من الجميع لرئاسة الجمهورية اللبنانية.

وترجح المصادر ذاتها أن يكون التلويح بفرض عقوبات على معرقلي العملية السياسية داخلا في باب ممارسة المزيد من الضغوط على السياسيين وليس تمشيا عمليا وجادا لحل الأزمة السياسية اللبنانية. وطرح مبعوث الرئيس الفرنسي إلى لبنان جان – إيف لودريان خلال زيارته الثانية للبنان مؤخرا على الفرقاء السياسيين عقد لقاء في سبتمبر المقبل يهدف إلى التوصل لتوافق ينهي الشغور الرئاسي المستمر منذ نحو تسعة أشهر، وقد رحب به بري.

وفي ختام زيارته أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن لودريان “اقترح على كافة الأطراف الفاعلة في عملية انتخاب رئيس للجمهورية دعوتها في سبتمبر لعقد لقاء في لبنان هدفه التوصل إلى توافق على القضايا والمشاريع ذات الأولوية التي ينبغي على الرئيس المقبل أن يتولاها”. وأضاف البيان أن “الهدف من هذا اللقاء هو خلق مناخ من الثقة يتيح للبرلمان الاجتماع في ظل ظروف مواتية” لانتخاب رئيس.

ويقدم لودريان بذلك رؤية جديدة للحل تعتمد على التوافق على برنامج عمل الرئيس قبل انتخابه على وقع الانقسامات السياسية الحادة بين الأطراف اللبنانية. والتقى لودريان خلال زيارته مسؤولين أبرزهم بري، الذي اجتمع معه مرتين، فضلاً عن قادة الأحزاب السياسية البارزة ومن بينهم رئيس كتلة حزب الله النيابية محمّد رعد. وقال بري عقب اللقاء إن "نافذة في جدار ملف رئاسة الجمهورية قد فتحت".

وزيارة لودريان هي الثانية حيث زار لبنان في 21 يونيو الماضي، والتقى ممثلين عن جميع الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب اللبناني. كما التقى مسؤولين سياسيين ودينيين وعسكريين، من أجل المساهمة في إيجاد حلّ لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد عيّن في يونيو الماضي لودريان ممثلاً شخصياً له بهدف المساهمة في الخروج من الأزمة التي يعاني منها لبنان، على أن يقدّم لودريان مقترحات في هذا الشأن إلى وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية ورئيس الجمهورية الفرنسية.

ويعيش لبنان في ظل شغور رئاسي، بعد فشل مجلس النواب على مدار 12 جلسة في انتخاب رئيس للبلاد، منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر الماضي. ويأتي هذا بالتوازي مع أزمة اقتصادية طاحنة، أدت إلى انهيار سعر العملة المحلية، وارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية والطاقة، بالإضافة إلى أزمة سياسية عطلت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن تشكيل حكومته منذ مايو الماضي.

2