هل تجتذب السعودية الصين أم لدى بكين مشروع تواجد عسكري في الخليج

المناورات المشتركة تثبت أن تلويح السعودية بتنويع الشركاء اقتصاديا وعسكريا ليس مجرد تهويش أو ردة فعل على مواقف أميركية مترددة بشأن أمن الخليج.
الجمعة 2023/09/29
تعاون عسكري سيؤثر على العلاقات السعودية – الأميركية

بكين – أثارت المناورات البحرية المشتركة بين الصين والسعودية، التي ستجرى الشهر القادم، تساؤلات بشأن الهدف من ورائها، وما إذا كانت السعودية تخطط لجذب الصين إلى الخليج كرد فعل على تخلي الولايات المتحدة عن التزاماتها الدفاعية تجاهها أم أن لدى بكين مشروعا لإرساء وجود عسكري طويل المدى في الخليج؟

واللافت أن المناورات ستُجرى خارج بيئة السعودية الطبيعية، وهو ما يدفع إلى التساؤل: ماذا تفعل البحرية السعودية في مقاطعة صينية بعيدة عن بيئة العمل العسكري في الشرق الأوسط آلاف الكيلومترات؟ وأعلنت وزارة الدفاع الصينية الخميس عن تدريب بحري خاص مشترك مع السعودية سيتم في أكتوبر المقبل.

وسبق أن أجرى البلدان مناورات بحرية مشتركة عام 2019 باسم “السيف الأزرق – 2019″، استمرت ثلاثة أسابيع في قاعدة الملك فيصل البحرية بالأسطول الغربي في مدينة جدة.

وقال المحلل السياسي السعودي علي  العنزي إن “هذه المناورات تأتي أيضا في إطار تنويع خيارات المملكة في جوانب التعاون العسكري مع الصين التي تعتبر اليوم الشريك التجاري الأول للمملكة العربية السعودية”.

ماذا تفعل البحرية السعودية في مقاطعة صينية بعيدة عن بيئة العمل العسكري في الشرق الأوسط

وتخرج هذه المناورات التعاون الدفاعي بين السعودية والصين من دائرة الافتراض والتصريحات التي تتحدث عن نوايا تعاون عسكري، والتسريبات التي يحملها الإعلام الغربي بهدف الضغط والإرباك، إلى دائرة الضوء. وصار يمكن على ضوئها الحديث عن تعاون عسكري سعودي – صيني وتأثيراته على العلاقات السعودية – الأميركية.

وتمتلك السعودية أكثر من 300 سفينة حربية من فرقاطات وزوارق، وهي متعددة المصادر بين أميركية وفرنسية وبريطانية.

وتثبت المناورات المشتركة أن تلويح السعودية بتنويع الشركاء اقتصاديا وعسكريا ليس مجرد تهويش أو ردة فعل على مواقف أميركية مترددة بشأن أمن الخليج، وأن الأمر يتعلق بخيارات حقيقية تهدف المملكة من ورائها إلى وضع إستراتيجية متعددة المصادر لحماية أمنها القومي حتى لا يتكرر ما حصل خلال هجمات أبقيق في 2019، حين اكتفى الأميركيون بمتابعة استهداف المُسيّرات الحوثية لمنشآت النفط دون أي ردّ فعل.

ويأتي الإعلان عن هذه المناورات في ظل تواتر الأنباء عن محادثات أميركية – سعودية للتوصل إلى معاهدة دفاع مشترك، تضمن تحرك واشنطن عسكريا بهدف التصدي لأي خطر يهدد الرياض.

وسبق أن أعلنت واشنطن عن خطة لسحب أربع بطاريات صواريخ ثاد وباتريوت مع طواقمها من السعودية ضمن خطة أوسع تتضمن الإبقاء على قوات بحرية وبرية محدودة في منطقة الشرق الأوسط، ونقل المنظومات الصاروخية إلى جنوب شرق آسيا لمواجهة الخطر الصيني، الذي يبدو أنه سينتقل إلى الخليج، المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية للولايات المتحدة.

وبالنسبة إلى الصين يشجعها البرود في العلاقة بين الولايات المتحدة ودول الخليج على تغيير إستراتيجيتها من الاهتمام بالشراكات الاقتصادية إلى البحث عن وجود عسكري مؤثر سيمكنها في المستقبل من حماية مصالحها، ومن بينها المصالح التي ستتأتى من مبادرة “الحزام والطريق”.

pp

وتفضل بكين زيادة نفوذها في المنطقة بشكل تدريجي، دون التورط مباشرة في صراعات مع الجهات الفاعلة الأخرى، وخاصة الولايات المتحدة.

وتأتي هذه المناورات لتأكيد النفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط الذي يتجاوز البعد الاقتصادي المباشر إلى التأثير الدبلوماسي من خلال رعاية حوار بين السعودية وإيران أفضى إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الوطني الصينية الكولونيل وو تشيان “بناء على خطة التعاون العسكرية الدولية والتوافق الذي توصل إليه الطرفان، سوف تجري الصين والسعودية تدريبا بحريا مشتركا على الحرب الخاصة يحمل اسم ‘السيف الأزرق 2023’ في مدينة تشانجيانغ بمقاطعة قوانغدونغ” جنوبي البلاد، بحسب الموقع الإلكتروني للوزارة.

وأوضح وو تشيان أن الدولتَين “تسعيان إلى تعميق التعاون العملي والودي بين الجيشَين وتحسين مستوى التدريب القتالي للقوات”.

وسوف يركز التدريب المشترك على عمليات مكافحة الإرهاب البحري في أعالي البحار، وسوف يشمل تكتيك القنص والغوص بالقوارب وهبوط الطائرات المروحية وعمليات الإنقاذ المشترك.

وفي أغسطس الماضي أجرت السعودية والصين مباحثات عسكرية في الرياض كان الهدف منها تعزيز التعاون الدفاعي.

واستقبل رئيس هيئة الأركان العامة السعودي فياض الرويلي اللواءَ فان جيان جون، رئيس فريق العمل العسكري الصيني – السعودي المشترك.

وقال بيان صادر عن وزارة الدفاع السعودية إن الجانبين “بحثا العلاقات الثنائية والتعاون في المجال العسكري والدفاعي وسبل تعزيزه”.

وفي ديسمبر 2022 وقّع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس الصيني شي جينبينغ اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، على هامش زيارة الأخير إلى الرياض، بينما أكد شي أن زيارته إلى المملكة ستدشّن “عصرا جديدا” للعلاقات مع المملكة والعالم العربي ودول الخليج.

ووقع البلدان العديد من الاتفاقيات التي شملت المجال التجاري وقطاع الصناعة والجانب العسكري وقطاع الطاقة والبنى التحتية، إضافة إلى تعزيز الاستثمارات الصينية في المملكة.

1