هل بدأ الأردن يدفع فاتورة إعادة الإخوان إلى الساحة

عمان - تصدر حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان في الأردن القوى المطالبة بتشكيل حكومة إنقاذ وطني وانتخابات مبكرة، في تحد واضح للحكومة الحالية وللعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني نفسه الذي أبدى مؤخرا دعمه للأخيرة داعيا الجميع إلى التعاون من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
وفي خطوة متقدمة طالب حزب جبهة العمل الإسلامي رفقة 13 حزبا آخر في بيان مشترك بضرورة تشكيل حكومة إنقاذ تضم قوى سياسية وعلى رأسها المعارضة.
وقال نص البيان “ندعو إلى ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني تضم الأحزاب والقوى السياسية الوطنية بكل تلاوينها وعلى رأسها قوى المعارضة، لتقديم مشروع قانون جديد للانتخاب ينتج قوائم وطنية، تتمكن من تكوين أكثرية برلمانية تشكل الحكومة، والدعوة لانتخابات مبكرة، تدار بنزاهة في مراحلها الثلاث وصولا إلى مجلس نواب ممثل وحكومة منتخبة”.
وأبدت الأحزاب الموقعة على البيان الذي أصدرته بعد اجتماع لها لبحث التطورات السياسية والاقتصادية في البلاد،”قلقها من الوضع الاقتصادي الصعب الذي وصل إليه المواطن بفعل السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومات المتتابعة”، مشيرة إلى أن المواطن “أصبح لا يقوى على أي عبء ضريبي”.
ويعاني الأردن في السنوات الماضية من أزمة اقتصادية خانقة ساهمت فيها بشكل واضح الصراعات الدائرة على جنباته (سوريا والعراق) سواء لجهة غلق المعابر الحدودية أو لتدفق آلاف اللاجئين خاصة من السوريين، هذا فضلا عن عدم وفاء المجتمع الدولي بوعوده.
ومعلوم أن الاقتصاد الأردني هش بطبعه يقوم على مداخيل توفرها بعض القطاعات كالسياحة، وكان من المفروض الإقدام على خطوات إصلاحية لإعادة هيكلته بيد أن ذلك لم يتم لأسباب عدة زاد عليها الوضع الإقليمي.
وبات الأردن يعاني من ارتفاع كبير في نسب المديونية وعجز في الميزانية بلغ أرقاما قياسية، الأمر الذي اضطر الحكومة الحالية والتي سبقتها إلى السير في خيارات تقشفية أثقلت كاهل المواطن.
|
وتسعى القوى السياسية في الأردن وفي مقدمتها جماعة الإخوان (التي تعد القوة المعارضة الأبرز في هذا البلد) إلى استغلال هذا الوضع واستثماره لصالحها.
ومعلوم أن طرح تشكيل حكومة ذات صبغة سياسية ليس بجديد، وسبق وأن تم الدفع به خاصة في الفترة الأولى لما عرف بالربيع العربي، حيث كان من أبرز المطالب التي رفعت في المسيرات التي قادتها أساسا جماعة الإخوان.
ويرى متابعون أن عودة هذا المطلب مجددا إلى الظهور يتجاوز الرغبة في تصحيح الأمور وإضفاء ديناميكية جديدة للعمل الحكومي إلى مسألة أعمق وهو السعي إلى أن يكون للقوى السياسية وزن مؤثر على الساحة.
وبالنسبة إلى جماعة الإخوان ترى أنه لا بد من تحسين موقعها التفاوضي مع الدولة، ولمَ لا التحول إلى رقم صعب يصعب على الأخيرة تجاوزه أو المس به؟
وقد بدأت فعليا العمل على هذا المسار، وذلك عبر مشاركتها في انتخابات نيابية جرت في سبتمبر الماضي وفازت فيها بـ16 مقعدا مرورا بالانتخابات البلدية التي جرت في يوليو الماضي، واليوم تطالب بحكومة تشارك فيها.
ويقول مراقبون إن تنامي طموحات الجماعة يعود بالأساس إلى غض السلطة الأردنية الطرف عنها، محذرين من الاستمرار في هذا المنحى، خاصة وأن الإخوان أثبتوا أنه لا يؤتمن جانبهم وليس أدل على ذلك من تصدرهم في العام 2011 المسيرات التي بلغت حد المطالبة بتغيير النظام.
ولا ينفي البعض أن تكون المطالبات بحكومة إنقاذ وطني أحد الحلول لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم، حيث أن حكومات التكنوقراط التي تعاقبت على الأردن تتحمل مسؤولية مخففة، فإن نجحت يا حبذا وإن فشلت لن يضرها ذلك كثيرا، وفي المقابل لو تم إعطاء الفرصة لحكومات ذات طابع سياسي فإن الوضع سيكون مغايرا لأن الأطراف التي ستشارك بها ستحرص على نجاحها لجهة أنها ستكون مسؤولة مباشرة أمام الشعب.
ويؤيد المحلل السياسي الأردني زيد النوايسة وجهة النظر هذه، ويقول في تصريح لـ”العرب”، “المطلوب أردنيا حكومة إنقاذ وطني قادرة على التعامل مع التحديات الكبرى وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وليس طبعا استجابة للمشروع الإخواني في السيطرة السياسية”.
وتوقع المراقبون أن تشهد الفترة المقبلة تزايد الضغوط المطالبة بحكومة سياسية خاصة وأن الحكومة الحالية برئاسة هاني الملقي لم يعد يفصلها عن تسليم مشروع ميزانية العام 2018 لمجلس النواب سوى شهرين، ويتوقع أن يشكل المزيد الضرائب على المواطن جزءا من تمويلها.