هل التغيير في إيران سيطور وضع المرأة العربية

الثلاثاء 2014/11/04

إن تأثير الحكم في إيران كان واضحا على مدى العقود في المنطقة، فحين كانت إيران ملكية دستورية أثرت على المنطقة بأسرها، وعندما كانت حملة التحديث في عهد رضا شاه بهلوي (1925-1941) شعرت كل المنطقة بذلك التأثير. تأميم النفط في إيران عام 1950 أدى إلى نشر القومية في المنطقة بأكملها، ولا يخفى على أحد كيف غذّت الثورة الإيرانية في عام 1979 الأيديولوجيات الإسلامية والإسلام السياسي في كل أنحاء الشرق الأوسط وكذلك شمال أفريقيا. في عام 2009 شكلت “الثورة الخضراء” الإيرانية بداية الثورات في المنطقة، ومن الممكن أن الحركات التي حدثت ضد الأحزاب الدينية في العالم العربي ستلهم في نهاية المطاف الإيرانيين على التمرد مرة أخرى، وبمجرد حدوث ذلك فإن التغيير في إيران سيكون له تأثير هائل على المجتمعات في المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالمرأة.

إن النظام الثيوقراطي في إيران أثبت أن الأنظمة الدينية لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن تحترم حقوق المرأة أو حتى تقدر آدميتها. لقد شاهدنا، مؤخرا، كيف أعدمت السلطات الإيرانية ريحانة جباري (26 عاما) التي كانت تدافع عن شرفها مما دفعها إلى أن تقتل رجلا في الاستخبارات الإيرانية حاول اغتصابها. كما شاهدنا صورا لنساء إيرانيات شوهن بماء الأسيد الحارق المعروف بماء النار، فقط لأنهن غير محجّبات بالطريقة التقليدية.

إن موضوع النظام الإيراني ومدى تأثيره على المجتمعات العربية استوقفني منذ فترة، وهذا ما دفعني إلى أن أجري مقابلة عام 2012 مع علي نوري زادة، مدير مركز الدراسات الإيرانية والعربية في لندن. والذي أردت التوصل إليه هو فهم هذا الرابط الاجتماعي بين إيران والعالم العربي ولكن من منظور إيراني. فقد شرح لي كيف غير نظام الخميني وضع المرأة تغييرا جذريا. منذ عام 1962، كان للنساء الإيرانيات الحق في التصويت والحق في أن تكون المرأة وزيرة أو سفيرة أو حاكمة أو قاضية. أيضا كانت للنساء في عهد محمد رضا بهلوي حرية ارتداء أي رداء دون فرض الحجاب، ولكن كل هذا تغير بعد الثورة، وأدركت غالبية النساء أن الخميني خدعهن، فقبل حصوله على السلطة أكد أنه سيضمن للمرأة الحرية الكاملة بما فيها اللباس، ولكنّ هذا لم يتحقق فيما بعد. حاولت النساء أن تقاوم فرض الحجاب والقوانين الجديدة بعد الثورة، ولكن دون جدوى وعندما اندلعت الحرب الإيرانية العراقية انشغلت النساء عن المطالبة بحقوقهن بسبب الحرب.

عندما انتهت الحرب صارت القوانين أكثر صرامة ضد المرأة، فقد منعت من أن تمتهن القضاء. وعلى سبيل المثال منعت القاضية شيرين عبادي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، من ممارسة مهنتها، وفي عام 2009 طردت من البلاد. كما أن مظاهر الحياة العامة أصبحت مفصولة تماما بين النساء والرجال في الشواطئ وفي ميادين الرياضة، وانخفض سن الزواج للفتيات إلى التاسعة. وقد سمعنا مؤخرا كيف اعتقلت السلطات الإيرانية غنجة قوامي وهي إيرانية تحمل الجنسية البريطانية وعشر نساء أخريات، فقط لأنهن حاولن مشاهدة مباراة للرجال.

وقد أكد لي علي نوري زادة أن أكثر ما كان يركز عليه الملالي هو تغيير جذور ثقافة المجتمع الإيراني وكل ما اعتاد عليه، ووضع أسس وأيديولوجيات جديدة ضد المساواة بين ونشر مفهوم أن المرأة هي ملك للرجل ويستطيع أن يفعل بها ما يشاء. المطلوب هو أن تكون زوجات الملالي القدوة للنساء من خلال اتباع تقاليد معينة مثل الالتزام بعدم مغادرة المنزل ومقابلة الغرباء إلا أن تكون مصحوبة بإحدى أقاربها مثل الابن أو الأخ. كل هذه القوانين جاءت لترمز إلى تغيير المجتمع بعد الثورة، والذي يهدف ليس فقط للتأثير على النساء في إيران ولكن على النساء في كل المنطقة.

لم تركز طموحات الثورة الإسلامية والنظام الإيراني فقط على النساء الإيرانيات، ولكن نفوذها وتهديدها توسع في المنطقة بأسرها والعالم الأجمع. النظام الإيراني حاول باستمرار تصدير أيديولوجيات الثورة إلى المنطقة، لذلك يقوم حلفاؤه بخدمة مصالحه مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن وحزب الله في الكويت والشيعة في البحرين والسعودية والعراق وغيرها.

ثم تساءل نوري زادة كيف يمكن مواجهة نظام بهذا الشكل؟ هل تقوم الدول العربية ذات الأغلبية السنية بإنشاء أحزاب وجماعات دينية أكثر تطرفا لمواجهة خطر النظام الإيراني مما يجعل المنطقة تحت بركان مغلي مفعم بالتطرف والطائفية؟ أم تقوم تلك الدول بتشجيع عمل عسكري ضد إيران قد يؤدي إلى أخطار مادية وبشرية تعرض المنطقة إلى نتائج كارثية؟

ولفت زادة إلى أن أفضل طريقة لمواجهة هذا النظام هي التركيز على القوة الناعمة باستخدام الإعلام وإعطاء صوت للمرأة والشباب الإيرانيين المتضررين حتى يقوموا بالتغيير.

ثم عاود التأكيد إلى أنه مادامت القوة الصلبة مكلفة وخطرة، لماذا لا تستخدم الفضائيات كقوة ناعمة ضد هذا النظام؟ بسعر دبابة عسكرية واحدة يمكن إطلاق قناة فضائية. ما دامت الحكومة الإيرانية تستخدم هذه القوة لخلق حلفاء لها في المنطقة، لماذا لا تستخدم الدول العربية نفس القوة لخلق نفوذ لها داخل إيران؟

هناك أربعون قناة عربية ممولة من الحكومة الإيرانية تحرض الشعوب العربية على حكوماتها وتخدم أجندة النظام الإيراني في المنطقة. نذكر على سبيل المثال قنوات العالم والمنار، واللؤلؤة الفضائية، وقناة الكوثر، في المقابل لا توجد قناة واحدة فارسية ممولة من الحكومات العربية تقف إلى جانب المضطهدين في إيران من نساء وأقليات وشباب. فحسب ما ذكرته منظمة العفو الدولية على مدى العقد الماضي، قام النظام الإيراني بإعدام ما بين 500 و600 شخص سنويا مما يجعل إيران تتصدر قائمة الإعدامات في العالم بعد الصين.

حاولت الدول العربية والغربية استخدام القوة الصلبة ضد إيران منذ أكثر من 35 عاما دون جدوى. بل إن ذلك عزز في بعض الحالات، من سلطة النظام الإيراني. فقد حان الوقت لاستخدام القوة الناعمة، وخاصة الفضائيات، ضد كابوس النظام الإيراني الذي يخيم مثل الشبح على الشعب والدول المجاورة منذ عام 1979. فكما غيرت ثورة الخميني المنطقة كلها من خلال تعزيز الإسلام السياسي والتطرف، فإن تغيير هذا النظام سيكون نقطة تحول في المنطقة من التقليد إلى الحداثة، خصوصا فيما يتعلق بتنمية وضع المرأة.


عضو هيئة التدريس- جامعة زايد- دبي

9