هل أفشل حفتر محاولة لإضعاف سيطرته على الجنوب لصالح سيف الإسلام القذافي

وساطة قبلية تنهي التصعيد في سبها بين الجيش الليبي واللواء 116.
السبت 2021/12/18
الوضع تحت السيطرة في سبها

نجح الجيش الليبي في إفشال محاولة كانت تستهدف إضعاف سيطرته على الجنوب ما أثار عدة استفهامات، خاصة وأن المحاولة تزامنت مع ظهور سيف الإسلام القذافي الذي يحن أهالي المنطقة الجنوبية إلى عهد والده في ظل التهميش الذي عانوا منه عقب الإطاحة به، وذلك من خلال إنهاء التوتر الذي عرفته سبها في الأيام الماضية الناجم عن هجوم شنه اللواء 116 على مواقعه، حيث سلم اللواء أسلحته ومواقعه للجيش، فيما تصاعدت التكهنات حول دور لروسيا الداعمة للقذافي في هذا التحرك المفاجئ للواء 116.

سبها (ليبيا)- يطرح التصعيد العسكري الذي شهدته مدينة سبها عاصمة إقليم فزان جنوب ليبيا خلال الأيام الماضية، والذي أثاره انشقاق قائد عسكري عن الجيش الليبي، عدة استفهامات بشأن الهدف منه والجهات المحلية والدولية التي تقف خلفه.

وربطت أوساط سياسية ليبية بين هذا التصعيد وخروج سيف الإسلام ابن العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، الذي اختار الظهور من مدينة سبها، ورجحت هذه الأوساط أن يكون آمر اللواء 116 مسعود الجدي قد تلقى وعودا بالدعم من روسيا للعمل لصالح القذافي، مستفيدا من الزخم الشعبي الذي عكسته مظاهرات التأييد لسيف الإسلام في الجنوب.

جبريل أوحيدة: اللواء 116 قد يكون تلقى وعودا من روسيا وسيف الإسلام للتحرك

وتشير ذات الأوساط إلى أن منطقة وسط ليبيا حتى جنوبها تمثل هدفا روسيا ستسعى بكل الوسائل للسيطرة عليه، خاصة في ظل الأنباء بشأن وجود توتر بين موسكو وقائد الجيش المشير خليفة حفتر الذي يبدو أنه اختار الاصطفاف خلف فرنسا، بعد أن أدرك أن روسيا التي دعمته خلال السنوات الماضية لم تعد تراهن عليه.

وشهدت مدينة سبها اشتباكات مسلحة الثلاثاء أدت إلى مقتل شخصين من قوات تابعة للجيش واللواء 116. وتوعدت القيادة العامة آمر اللواء وأرسلت الخميس تعزيزات عسكرية ضخمة تمهيدا للهجوم على المدينة وطرد الجدي منها، قبل أن يتدخل أعيان قبيلة أولاد سليمان التي ينتمي إليها ويطوقوا الأزمة.

وأكد اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي، التوصل إلى اتفاق من أجل فض النزاع، وإنهاء التوترات التي شهدتها مدينة سبها جنوب البلاد خلال الأيام الماضية، وذلك بعد إقدام اللواء 116 بقيادة مسعود جدي، الذي انشق عن الجيش في وقت سابق، على مهاجمة عناصر من الجيش.

وقال المحجوب في بيان نشره مساء الخميس إنه بتدخل أعيان وحكماء القبائل بمدينة سبها، “باشر المدعو مسعود جدي تسليم أسلحته ومقراته للجنة الاستلام، التي شكلتها القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية”.

بتدخل أعيان وحكماء القبائل بمدينة سبها باشر مسعود جدي تسليم أسلحته ومقراته للجنة الاستلام

وأضاف المحجوب أن الجيش سبق أن وجه له إنذارا نهائيا للقيام بذلك، “وإلا مهاجمته نتيجة الأعمال التي قام بها ومحاولته زعزعة أمن المنطقة”. وذكر البيان أنه تم تشكيل لجنة عسكرية لاستكمال إجراءات التسليم والاستلام.

ومن الواضح أن الجدي يحاول استغلال حالة السخط التي يشعر بها سكان الجنوب الذين يعانون تهميشا من قبل السلطات في المركز لم يعرفوه في عهد القذافي، بل على العكس حرص العقيد الراحل على استرضاء قبائل الجنوب وتوفير كل احتياجاتهم، لذلك ظلت المنطقة وقبائلها موالين له حتى سقوط نظامه. وبالاضافة إلى انقطاع الكهرباء بالأيام يواجه سكان الجنوب انقطاعا في المواد الأساسية، من ذلك الغاز والبنزين اللذان يباعان بأسعار مرتفعة في حال توفرهما.

وغذى هذا التهميش حالة النوستالجيا لنظام القذافي، لذلك سيحرص  أغلب سكان الإقليم على دعم سيف الإسلام، أملا في أن يعيد الأوضاع كما كانت عليه أيام حكم والده.

وقال عضو البرلمان الليبي جبريل أوحيدة إن “الجميع يعلم أن الجنوب تحت سيطرة الجيش الليبي، لذلك هناك من حاول ضرب هذه السيطرة، ومعروف أن الدعم الذي تلقاه جدي في تحركه كان من قبل المجلس الرئاسي والحكومة في طرابلس، واعترف هؤلاء أنفسهم بهذا الدعم، لقد أرسلوا 100 سيارة لدعم جدي، لكن تم اعتراضها من قبل الجيش، لكن قد يكون سيف الإسلام القذافي أيضا قد دعم معنويا العملية بإطلاق وعود لجدي”.

وتوصف حكومة الدبيبة بأنها نتاج تفاهمات بين روسيا وتركيا، لذلك فإن دعم حكومة الدبيبة لهذا التحرك لا يثير الاستغراب.

وتابع أوحيدة في اتصال مع “العرب” أن “روسيا أيضا قد يكون لها دور في هذه العملية من خلال التعهد بتقديم الدعم اللازم لجدي، هذا غير مستبعد خاصة وأن موسكو تسعى لإيجاد نفوذ في جنوب ليبيا، لكن المهم أن دور جدي قد انتهى وسلم مقراته وأسلحته للجيش، وسيخرج آمنا بفضل وساطة المشائخ والحكماء في سبها، وبالتالي سيبقى الجنوب تحت سيطرة الجيش لتحميه عناصره”.

أوساط سياسية ليبية ربطت بين هذا التصعيد وخروج سيف الإسلام ابن العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، الذي اختار الظهور من مدينة سبها

وكان الجيش الليبي قد أطلق مؤخرا عملية عسكرية ضد المعارضة التشادية التي تتمركز عناصر تابعة لها في جنوب ليبيا، وسط أنباء عن دعم فرنسي للعملية، ما أعطى انطباعا بوجود تحالف بين باريس وحفتر، وهو ما يزعج موسكو.

وتأتي هذه التطورات في وقت تخلى فيه قائد الجيش حفتر عن القيادة مكلفا اللواء عبدالرزاق الناظوري بمهمة قيادة الجيش حتى يتفرغ للانتخابات الرئاسية، التي كان مقررا أن تُجرى في الرابع والعشرين من ديسمبر، وهو معطى يبدو أن الجدي استغله في تحركه في محاولة لبسط سيطرته على الجنوب.

4