هل آن أوان دفع إيران ثمن قطع "شريان" السويس الاقتصادي

من حق القاهرة رفع دعوى والمطالبة بتعويضات من أرصدة يمنية في بنوك دولية، أو عبر اقتطاع جزء من إيرادات النفط الإيراني.
الأربعاء 2025/04/02
موقف حازم حيال الحوثيين

القاهرة – دفعت مصر ثمنا ماديا باهظا لعمليات جماعة الحوثي اليمنية ضد سفن الملاحة الدولية في جنوب البحر الأحمر، وخسرت بسببها قناة السويس أكثر من نصف إيراداتها العام الماضي لتعطل مرور السفن عبر شريانها الحيوي، وقد آن أوان أن تدفع الجماعة وإيران (التي تدعمها) ثمن الأضرار التي تعرضت لها القناة.

ولم يعد هناك داع إلى وقوف مصر على الحياد في ما يجري بجنوب البحر الأحمر، فالخسائر واضحة والأذى الذي حدث ليس خافيا على أحد، وستوفر نتيجة الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، الثلاثاء، للقاهرة فرصة طرح ملف التعويضات ممن كبدوها خسائر.

وأكد ترامب أنه تحدث مع السيسي الثلاثاء وبحثا التقدم العسكري المحرز ضد جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران، والحلول الممكنة في غزة.

وأوضح الرئيس الأميركي أن المكالمة سارت بشكل جيد للغاية، وهي إشارة إلى تجاوز بعض المطبات التي حدثت عقب وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وما تلاه من تعقيدات بشأن مقترح قدمه الأول يقضي بنقل سكان غزة إلى كل من مصر والأردن، ثم تراجع عنه بعد رفضهما، مكتفيا بالقول إنه “توصية” يمكن العمل بها أو لا.

وكشف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية محمد الشناوي أن السيسي وترامب بحثا تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط وجهود الوساطة لإعادة الهدوء إلى المنطقة، وهو ما ينعكس بصورة إيجابية على الملاحة في البحر الأحمر، ويوقف الخسائر الاقتصادية لكل الأطراف.

ويشير توقيت الاتصال المصري – الأميركي الرئاسي ومناقشة ما يجري في اليمن إلى أن تنسيقا من المتوقع أن يتبلور خلال الفترة المقبلة بين واشنطن والقاهرة بشأن العمليات العسكرية في جنوب البحر الأحمر، وأن القاهرة التي ابتعدت عن الحملة الأميركية في عهد الرئيس السابق جو بايدن يمكن أن تعيد النظر في موقفها في عهد ترامب، والذي يبدي استعدادا -من حين إلى آخر- للتفاهم مع السيسي.

ويضمن تعاون مصر مع الولايات المتحدة في هذه المهمة مكانة للقاهرة في حسابات ترامب الإقليمية، بينما إصرارها على النأي قد يصيبها بأضرار جسيمة، في وقت تواجه فيه القاهرة تحديات كبيرة، وتسعى واشنطن إلى ترتيب أولوياتها، وإعادة هندسة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط بما يتماشى مع مصالحها، والتي ربما تدفعها نحو التواجد العسكري بكثافة في جنوب البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وهو ما يمثل قلقا لمصر، إذا تم في غيابها أو دون تنسيق معها.

ومعروف أن مصر ليست طرفا في أزمة الحوثي وما تمخضت عنه من تداعيات عسكرية واقتصادية، لكن جرى الزج بها بشكل غير مباشر، وتكبدت خسائر جسيمة في عمليات لم تشارك فيها أو تحضّ عليها، ويمكن أن تستمر وقتا طويلا.

مصر ليست طرفا في أزمة الحوثي وما تمخضت عنه من تداعيات عسكرية واقتصادية، لكن جرى الزج بها بشكل غير مباشر، وتكبدت خسائر جسيمة

وهناك تصريحات أشارت إلى أن العمليات التي تشنها الولايات المتحدة على الحوثيين قد تستغرق أسابيع وربما شهورا، ما يعني مضاعفة الخسائر المصرية، وأن الحرب في غزة لا توجد ملامح دالة على وقفها قريبا، حيث ربطت جماعة الحوثي وقف تهديداتها للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن بوقف إسرائيل حربها على القطاع.

ويقول مراقبون إن من حق القاهرة أن تطالب بتعويضات مادية من جماعة الحوثي اليمنية وإيران إذا رفعت دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية، فهناك أرصدة يمنية مجمدة في بعض البنوك الدولية، كما يمكن اقتطاع جزء من إيرادات النفط الإيراني لتعويض مصر عن جزء من خسائرها الجسيمة بسبب تعطل الملاحة في ممر قناة السويس، ومن الصعب أن يترك العالم هذه الجماعة -ومن ورائها طهران التي تدعمها- تمارس تهديداتها لأحد أهم شرايين الملاحة الدولية، وقد تجد مصر دعما من الاتحاد الأوروبي، لأن عددا من دوله تضررت بسبب تعطل الملاحة في قناة السويس.

ويضيف المراقبون أن المطالبة بتعويض مصر إذا لم تحقق مردودا ماديا مباشرا، فهي تحوي قيمة سياسية مهمة، وتؤكد أن القاهرة لم تعد تحتمل الصبر كثيرا على ما جرى، وهي رسالة إلى جماعة الحوثي التي بدت مطمئنة للصمت المصري، وإلى إيران التي تعتقد أن علاقتها الهادئة مع القاهرة تخول لها التمادي في دعم الحوثيين، بزعم أن ذلك موجه أساسا إلى مناكفة تل أبيب، لكن الحصيلة أن الخسائر التي تكبدتها مصر تفوق ما تكبدته إسرائيل.

وكان الرئيس السيسي قد أكد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الاثنين حرص القاهرة على خفض التصعيد الإقليمي ومنع توسع رقعة الصراع في المنطقة، بما يضمن الاستقرار والأمان لكافة شعوبها.

1