هشاشة الوضع الأمني تعيق خطط الدبيبة لزيادة إنتاج النفط

يريد رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة إنقاذ احتياطي بلاده من النفط بمضاعفة الإنتاج خلال السنوات الثلاث القادمة، وهو ما يعتبره مراقبون مهمة صعبة في ظل استمرار تدهور الوضع الأمني رغم الهدوء النسبي الذي تشهده البلاد.
طرابلس – استبعدت مصادر سياسية ليبية أن تستجيب شركات النفط العالمية لدعوات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ومؤسسة النفط إلى العودة للاستثمار في ليبيا.
وقالت هذه المصادر إن هشاشة الوضع الأمني والفوضى التي تعيشها البلاد، بالإضافة إلى إرث العقيد الراحل معمر القذافي، عواملُ تجعل الشركات تتردد قبل أن تنوي الاستثمار في ليبيا، رغم أنها البلد الأقرب إلى أوروبا فضلا عن جودة النفط الليبي (خام برنت) الذي يعد الأغلى والأنقى.
ويسعى الدبيبة لزيادة إنتاج النفط في بلاده التي لا تنتج سوى مليون برميل في اليوم رغم أنها صاحبة أكبر احتياطي في أفريقيا. وكانت ليبيا تنتج خلال عهد الملك الراحل إدريس السنوسي 3 ملايين برميل نفط، إلا أن الخلافات التي نشبت بين القذافي والغرب أدت إلى تراجع الإنتاج بسبب العقوبات الدولية وانسحاب الشركات الأجنبية في مرحلة أولى ثم انسحاب شركات أخرى خلال أحداث الإطاحة بالنظام في 2011.
ويسود القلقُ الأوساطَ الليبية التي ترى أنه لا بد من زيادة حصة ليبيا من الإنتاج بما يتناسب مع احتياطيّها، لاسيما أن عصر النفط قد شارف النهاية، في ظل الإقبال المتزايد على الطاقة النظيفة في السنوات الأخيرة.
وتقارن هذه الأوساط بين إنتاج بلادها وإنتاج نيجريا الذي يبلغ 5 ملايين برميل في اليوم رغم أنها تحتل المرتبة الثانية من حيث الاحتياطي في أفريقيا.
ودعت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا الشركات الأجنبية إلى العودة لاستئناف أعمالها في مجالي التنقيب والإنتاج، معللة طلبها بالتحسن “التدريجي” للوضع الأمني في البلاد.
وقالت مؤسسة النفط (هيئة حكومية) في بيان نشرته عبر موقعها على الإنترنت إنها تدعو كافة “الشركات العالمية التي وقعت معها اتفاقيات استكشاف وإنتاج النفط والغاز إلى استئناف أعمالها في ليبيا”.
وكانت حكومة طرابلس التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة قد دعت بدورها الشركات الأجنبية إلى العودة لاستئناف أعمالها. كما أبدت استعدادها لـ”تسهيل العودة وتوفير بيئة عمل آمنة بالتعاون مع الجهات المدنية والعسكرية الليبية”.
وأعلنت المؤسسة أن هذه الدعوة جاءت في ظل سعيها لرفع “القوة القاهرة” عقب تحليل واقعي للوضع الأمني الذي بدأ يتحسن بشكل كبير.
وتُعتبر “القوة القاهرة” تعليقا للعمل بشكل مؤقت، وحماية يوفرها القانون للمؤسسة بمواجهة الالتزامات والمسؤولية القانونية الناجمة عن عدم الامتثال لما جاء في عقود النفط بسبب أحداث خارجة عن سيطرة أطراف التعاقد.
وقد بُوشرت أعمال الحفر في مواقع كان من الصعب العمل فيها في الماضي القريب ويوجد فيها الآن عدد كبير من الشركات الخدمية العالمية، وفقا للبيان.
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في الشهر الماضي أنها تسعى لزيادة إنتاجها من النفط إلى “مليونيْ برميل يوميّا” خلال “ثلاث إلى خمس سنوات”.
ورغم توقّف التحركات العسكرية بين الفصائل المتناحرة في البلاد يرى مراقبون أن عودة الاقتتال تبقى أمرا واردا جدّا، لاسيما في ظل استمرار الانقسام.
وكانت اشتباكات قد اندلعت قبل أشهر في العاصمة طرابلس بين قوات موالية لحكومة الدبيبة منتهية الولاية وأخرى تابعة للحكومة الموازية بقيادة فتحي باشاغا المدعوم من البرلمان.
الدبيبة يسعى لزيادة إنتاج النفط في بلاده التي لا تنتج سوى مليون برميل في اليوم رغم أنها صاحبة أكبر احتياطي في أفريقيا
وفي حين يتحرك مجلسا النواب والدولة برئاسة عقيلة صالح وخالد المشري، لتشكيل حكومة جديدة تخرج الدبيبة من السلطة، يقلل مراقبون من أهمية تلك التحركات ويستبعدون نجاحها؛ حيث تعكس خطط الدبيبة لزيادة الإنتاج فكرة أنه لا يخطط للانسحاب من المشهد على المدى القريب.
وكانت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني دعت، في خطابها الختامي للنسخة الثامنة من ملتقى “حوارات المتوسط” السنوي في روما، الفاعلين السياسيين الليبيين إلى الالتزام بإرساء مؤسسات قوية وشرعية ديمقراطيّا.
وصرحت رئيسة الوزراء الإيطالية الأسبوع الماضي بأن بلادها تروّج لخطة إنريكو ماتي، مؤسس شركة إيني، لأفريقيا.
وأضافت ميلوني أن ازدهار إيطاليا غير ممكن دون ازدهار جيرانها، ولهذا السبب تحدثت عن حاجة إيطاليا إلى الترويج لخطة ماتي لأفريقيا، موضحة أنه لا يوجد موقف سلبي تجاه الدول الأخرى، وإنما هو موقف تعاوني يقدر هوية وخصوصيات كل دولة.
وشددت ميلوني على أنه من الضروري الاستفادة من المعنى الموسع للأمن، والذي يشمل أيضا إجراءات لحماية الأبعاد البشرية والثقافية والبيئية والطاقة والغذاء، لافتة إلى أن هناك حاجة إلى تعاون أوثق بين البلدان المغاربية في مجال التنمية والأمن.