هزائم محور الممانعة تجبر سليمان فرنجية على إعادة النظر في ترشحه لرئاسة لبنان

حزب الله يتخذ من انسحاب رئيس المردة ورقة للمقايضة.
الثلاثاء 2024/12/24
تقوقع محور إيران لا يترك لفرنجية ترف الخيار

يتركز النقاش في لبنان هذه الأيام على ملف رئاسة الجمهورية، وإمكانية انسحاب المرشح سليمان فرنجية من السباق. وهو أمر وارد في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة، والهزائم التي تكبدها محور الممانعة.

بيروت - لم يعد يفصل اللبنانيين عن موعد الجلسة النيابية لانتخاب رئيس للجمهورية سوى أيام قليلة، وسط تساؤلات حول ما إذا كان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية على استعداد للانسحاب من السباق، ليفسح المجال لشخصية قادرة على أن تحقق الحد الأدنى من التوافق بين الفرقاء في لبنان.

ويعد فرنجية، الذي ينتمي إلى الطائفة المارونية، شخصية خلافية في لبنان، وهو محسوب على محور حزب الله والنظام السوري السابق، ويواجه رئيس تيار المردة رفضا من القوى السيادية التي تطالب برئيس إصلاحي، يعيد للبنان سيادته المهدورة، ويرمم علاقات البلاد مع محيطها العربي والتي تضررت بشكل كبير خلال ولاية الرئيس السابق العماد ميشال عون (2016 – 2022).

ويرى محللون أن خيار انسحاب فرنجية من الاستحقاق الرئاسي أمر وارد جدا، حيث يدرك أن الوضع الداخلي والإقليمي اليوم مختلف، بعد الضربات التي تلقاها حزب الله خلال المواجهات مع إسرائيل، وانهيار نظام الرئيس بشار الأسد.

ويشير المحللون إلى أن رئيس تيار المردة يتسم بقدر من البراغماتية التي ستدفعه إلى اتخاذ قرار الانسحاب، فخلاف ذلك سيعني بقاء أزمة الرئاسة، وبالتالي استمرارية عزلة لبنان، وتركه يواجه مصيره، فيما هو اليوم بحاجة ماسة إلى التفاتة دولية تنتشله من ركام الحرب التي واجهها خلال الأشهر الماضية.

محمود قماطي: ما لم يعلن الوزير فرنجية عن انسحابه، فإنه مرشحنا
محمود قماطي: ما لم يعلن الوزير فرنجية عن انسحابه، فإنه مرشحنا

ويعتقد المحللون أن حزب الله لا يمارس حتى الآن أي ضغوط على فرنجية من أجل حسم قرار الانسحاب، وأنه يريد أن يتخذ من هذا الأمر ورقة للمقايضة، حول نفوذه في الداخل لاسيما في علاقة بسلاحه.

وقال نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله الوزير السابق محمود قماطي الاثنين “سنعمل ما في وسعنا لكي نصل إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي والوصول إلى رئيس للجمهورية، علما أن الثنائي الوطني أعلن أنه يدعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، والآن هناك أسماء كثيرة بدأ التداول بها، ويهمنا أن نصل إلى رئيس للجمهورية كي تبدأ الدولة بمسارها من جديد.”

ولفت القماطي، خلال احتفال أقامه حزب الله لأحد عناصره في الشياح، إلى “(أننا) نحرص على ذلك، وحتى الآن ما دام الوزير فرنجية مرشحا لرئاسة الجمهورية، فنحن سنكون معه ولن نتخلى عن دعمه لهذا الموقع، وأما إذا توصل إلى نتيجة أخرى، فحينها يمكن أن نبحث في أسماء أخرى.”

وذكر أنه “اليوم وحتى الساعة وما لم يعلن الوزير فرنجية عن انسحابه، فإنه مرشحنا، ولا نتخلى عن المرشح الذي دعمناه، لأننا أهل وفاء والتزام، ولا نتراجع،” مضيفاً “أننا اليوم أمام خطر صهيوني كان ولا يزال من الجنوب، واليوم استجد علينا خطر من الشرق، فإسرائيل دخلت إلى سوريا، وأصبحت ليست فقط على حدودنا الجنوبية، وإنما أصبحت على حدودنا الشرقية.”

وتابع ” لقد أوقفنا العدوان، وقلنا لهم احموا الجنوب ولبنان، ولكن الجميع يشاهد أن العدو منذ أن أعلن عن وقف إطلاق النار، يقوم يوميا بتدمير وتفجير المنازل وقتل المدنيين، برغم انتشار الجيش اللبناني، ووجود لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق والدولة اللبنانية، فهذا هو النموذج الذي يطالبنا به البعض في لبنان، ولكن المقاومة يدها على الزناد، ومستعدة وجاهزة، ولكنها تعطي الفرصة لهؤلاء كي يثبتوا صدقيتهم التي لن تحصل.”

النظام السياسي اللبناني يستند إلى مبدأ المحاصصة الطائفية، إذ يتم توزيع المناصب السياسية العليا بين الطوائف الدينية الرئيسية في البلاد

وشدد على أن “المقاومة باقية وقوية ومستمرة في إيمانها وعقيدتها ووطنيتها ودفاعها عن لبنان، ولن يستطيع أحد أن يغير هذا المسار، ومن يريد الحوار، فأهلا وسهلا به.”

وتعرض حزب الله لضربات قاصمة خلال المواجهة التي بدأت مع إسرائيل في الثامن من أكتوبر 2023، وتصاعدت حدتها في سبتمبر الماضي، فقد خلالها الحزب قياداته في الصفوف الأمامية، كما خسر جزءا مهما من ترسانته العسكرية.

ولا يزال الحزب الموالي لإيران يلملم جراحه بعد هدنة تم التوصل إليها الشهر الماضي، وهو يحتاج إلى تهدئة في الداخل لتجاوز الضربات التي تلقاها لكنه سيحاول توظيف بعض الأوراق السياسية ومنها ملف رئاسة الجمهورية، لتحسين وضعه الذي اهتز.

ويخشى البعض في لبنان أن يضغط حزب الله على فرنجية للبقاء في السباق الرئاسي، بحثا عن صفقة تنقذه سياسيا، وهو ما ترفضه القوى السيادية، الأمر الذي قد يبقي لبنان في الحلقة المفرغة.

وإزاء هذه الهواجس تصاعدت الأصوات المطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية ينتشل البلاد من كبواتها.

رئيس تيار المردة يواجه رفضا من القوى السيادية التي تطالب برئيس إصلاحي، يعيد للبنان سيادته المهدورة

وكتب الوزير السابق يوسف سلامة على منصة إكس الاثنين “مع انهيار دولة القانون وإطباق ثقافة الأحزاب الطائفية على الحياة الوطنية، ثبت أنّ معظم وزراء ونواب هذه الأحزاب، يتصرّفون كموظفين عند رئيس الحزب برتبة وزير أو نائب، يعملون في خدمته ويعكسون نواياه، لبنان يحتاج رئيسًا يعمل على تصحيح تاريخه، تنقية ذاكرة شعبه ومساءلة الجلادين.”

وطالب رئيس “تجّار لبنان الشمالي” أسعد الحريري مجلس النواب بـ”تحمّل مسؤولياته الوطنية والتاريخية من خلال انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة النيابية المقبلة.”

وقال في بيان “إنّ انتخاب رئيس للجمهورية أصبح ضرورة وطنية ملحّة في ظلّ ما يشهده لبنان من انهيار مصرفي، اقتصادي وتجاري غير مسبوق. هذا الانهيار يتطلّب وقفة شجاعة ونهضة سريعة تعيد الأمل للقطاعات كافة وتمنح لبنان فرصة جديدة للنهوض، خصوصًا مع المتغيرات الإقليمية التي يشهدها الشرق الأوسط والتي قد تشكّل فرصة لإعادة لبنان إلى موقعه الطبيعي على الخارطة الاقتصادية والتجارية.”

وناشد “النواب تقديم المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبارات سياسية أو حزبية، والعمل على إيجاد توافق يُفضي إلى انتخاب رئيس قادر على قيادة المرحلة المقبلة بحكمة وفاعلية، بما يضمن استقرار البلاد وازدهارها.”

ومنذ انتهاء ولاية ميشال عون، في نهاية أكتوبر 2022، فشل مجلس النواب اللبناني أكثر من مرة في انتخاب رئيس للجمهورية على وقع انقسام سياسي بين حزب الله وخصومه. ولا يحظى أي فريق بأكثرية تمكنه منفردا من إيصال مرشحه إلى المنصب. ويتهم كل فريق الآخر بمحاولة فرض مرشحه وبتعطيل انتخاب رئيس.

ويستند النظام السياسي اللبناني إلى مبدأ المحاصصة الطائفية، إذ يتم توزيع المناصب السياسية العليا بين الطوائف الدينية الرئيسية في البلاد. ووفقا لهذا النظام يعود منصب رئيس الجمهورية إلى الطائفة المارونية.

ويحتاج المرشح لمنصب رئيس الجمهورية في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين أي 86 صوتا للفوز. وتصبح الغالبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتا من 128 هو عدد أعضاء البرلمان. لكن النصاب يتطلب الثلثين في الدورتين.

2