هرتسوغ يسعى لتفادي أزمة دستورية في إسرائيل

الحكومة اليمينية تتمسك بإصلاحات قضائية تلقى معارضة واسعة.
الاثنين 2023/01/16
نتنياهو تحت ضغط المعارضة وضغوط حلفائه

لم تمض أسابيع على تولي الحكومة اليمينية الإسرائلية لمهامها حتى وجدت نفسها أمام معارضة شرسة عازمة على التصدي لها وقادرة على تحريك الشارع ضدها. وتعتبر الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل أول اختبار لصلابة المعارضة ومدى قدرة الحكومة على المناورة.

القدس - تواجه إسرائيل أزمة دستورية غير مسبوقة دفعت الرئيس إسحاق هرتسوغ إلى مبادرة لرأب الصدع بين الحكومة اليمينية المتمسكة بإصلاحات قضائية تقول إنها ضرورية لتيسير مهامها، والمعارضة التي ترى في الإصلاحات ضربا للديمقراطية واستئثارا للحكومة بسلطة القرار في البلاد دون الرجوع إلى المؤسسات الدستورية.

وحذر هرتسوغ الأحد من أن بلاده تواجه “أزمة دستورية تاريخية” بسبب خطة إصلاح قضائي مثيرة للجدل، وقال إنه يقوم بوساطة بين الأطراف المعنية.

ويريد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي بدأ مؤخرا ولايته السادسة، تقييد عمل المحكمة العليا التي يتهمها أعضاء من ائتلافه الديني القومي بالتجاوز في سلطاتها والنخبوية.

ويرى معارضو الخطة، الذين خرجوا في احتجاجات عارمة السبت، أن تلك الإصلاحات ستنتقص من استقلال القضاء وستشجع الفساد وستؤدي إلى تراجع حقوق الأقليات. كما ستحرم المحاكم الإسرائيلية من مصداقية تساعد في درء اتهامات بارتكاب جرائم حرب في الخارج. ومن بين المعارضين رئيسة المحكمة العليا والمدعية العامة الإسرائيلية.

إسحاق هرتسوغ: نحن في خضم خلاف عميق يمزق أواصر أمتنا
إسحاق هرتسوغ: نحن في خضم خلاف عميق يمزق أواصر أمتنا

وتعدّ هذه أضخم مظاهرات منذ أداء حكومة نتنياهو الائتلافية الجديدة اليمين الدستورية في ديسمبر.

وتظاهر أكثر من 80 ألف إسرائيلي في تل أبيب احتجاجا على خطط حكومة الائتلاف اليمينية الجديدة لعمل إصلاحات قضائية.

والخلاف في إسرائيل عادة ما يكون حول الموقف من القضية الفلسطينية أو عملية عسكرية خارج الحدود، لكن الآن حول ما تعتبره المعارضة “جوهر الديمقراطية”، فالأحزاب الوسطية واليسارية قلقة من هيمنة الأحزاب اليمينية الدينية واليمينية القومية على مقاليد الحكم في البلاد.

وللمرة الأولى باتت تُسمع في إسرائيل بشكل جدي تعبيرات “الحرب الأهلية” و”زلزال شعبي” و”يشعلون النار في البلاد”.

وعن قمة الهرم السياسي، سواء الحكومة أو المعارضة، صدرت هذه التصريحات وغيرها، ما دعا الرئيس الإسرائيلي إلى قرع جرس الإنذار بقوله إن “هذه فترة حساسة ومتفجرة في الرأي العام”.

ومنذ أن منح الكنيست ثقته للحكومة، الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، قبل أسبوعين، أعلنت المعارضة أنها لن تصمت عن تنفيذ الحكومة سياساتها.

وفي المعارضة يعتبرون ما تنفذه الحكومة حاليا “انقلابا” ويحذرون من “حرب أهلية”.

وهذا الخلاف بدأ مع منح الكنيست صلاحيات واسعة لزعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف إيتمار بن غفير كوزير للأمن القومي، مرورا بتصريحات نواب من الأحزاب اليمينية الدينية عن تطبيق الشريعة اليهودية في البلاد، وصولا إلى إعلان وزير العدل ياريف ليفين، وهو من قادة حزب ليكود بزعامة نتنياهو، عما أسماه خطة الإصلاح القضائي.

وقال هرتسوغ في بيان “نحن في خضم خلاف عميق يمزق أواصر أمتنا.

يائير لابيد: من الحكمة استفتاء الشعب قبل اتخاذ أي قرار في إسرائيل
يائير لابيد: من الحكمة استفتاء الشعب قبل اتخاذ أي قرار في إسرائيل

وهذا التنازع يثير قلقي بشدة.. تماما كما يقلق كثيرين في أنحاء إسرائيل وفي الشتات (اليهودي)”.

وأضاف الرئيس الإسرائيلي، الذي لا يتضمن منصبه سلطات تنفيذية، “أعمل على مدار الساعة وبكافة الوسائل وأبذل جهودا متواصلة مع الأطراف المعنية بهدف إتاحة مناقشة وحوار على نطاق واسع وبوعي واحترام”.

وتابع “أركز الآن على… دورين حاسمين، أعتقد أن عليّ القيام بهما كرئيس في هذا الوقت، تجنب أزمة دستورية تاريخية ووضع حد للشقاق المتواصل داخل أمتنا”.

ولم يتطرق نتنياهو إلى اقتراح هرتسوغ خلال تصريحات بثها التلفزيون خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته.

وقال إن حكومات سابقة من مختلف الأطياف السياسية سعت لإصلاحات قضائية “إلا أن أحدا لم يفكر حينها في الحديث عن نهاية الديمقراطية”.

وتعهد بإتاحة “مناقشة مستفيضة” في لجنة مراجعة برلمانية يوجد تمثيل بها للمعارضة، وأوضح “سنمضي في إكمال التشريع الإصلاحي الذي سيضبط ما يحتاج إلى ضبط، وسنحمي حقوق الأفراد بالكامل ونستعيد ثقة الجمهور في النظام القضائي”.

ورفض السياسي المعارض المنتمي إلى تيار الوسط يائير لابيد هذه التأكيدات، وقال إن الائتلاف الحاكم “يتظاهر بأن هذه قضية دستورية”. لكنه عبّر أيضا عن انفتاحه على إجراء إصلاح محسوب.

وبينما يريد نتنياهو منح الكنيست المؤلف من 120 مقعدا صلاحية تجاوز بعض أحكام المحكمة العليا بأغلبية 61 صوتا، يقترح لابيد رفع العدد المطلوب إلى 70 صوتا تتضمن عشرة نواب معارضين. ويمتلك ائتلاف نتنياهو 64 مقعدا.

Thumbnail

كما يقترح لابيد إجراء استفتاء، وقال “سيكون من الحكمة التوجه للشعب والتشاور معه قبل اتخاذ قرار بتحويل إسرائيل الديمقراطية إلى دولة غير ديمقراطية، أليس كذلك؟”.

وحال إقرار هذه التعديلات، وفق إعلام عبري، ستكون أكثر التغييرات جذرية في نظام الحكم بإسرائيل، حيث ستحد من سلطة محكمة العدل العليا (أعلى سلطة قضائية) وستمنح الحكومة سلطة اختيار القضاة وتنهي تعيين النائب العام للمستشارين القانونيين للوزارات.

كما ستمنح هذه الإصلاحات السياسيين نفوذا أكبر في تعيين القضاة بإسرائيل، حيث يأتي معظم أعضاء لجنة الاختيار من الائتلاف الحاكم.

ويمكن لهذه الخطة، إذا تم تحويلها إلى قانون، أن تسهل على الحكومة التشريع لصالح المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية دون القلق بشأن الطعون في المحكمة العليا.

وكانت إسرائيل قد سلطت الضوء في وقت سابق على قوة المحكمة العليا في الحكم ضدها، كطريقة لتقليل الانتقادات الدولية لمثل هذه التحركات.

2