هدوء موجة التضخم يمنح المصريين فرصة لالتقاط الأنفاس

تفاؤل ممزوج بالحذر والترقب بأن تنعكس الظروف بالإيجاب على الأسواق التجارية المحلية وتتراجع الأسعار أكثر خلال المرحلة المقبلة.
الاثنين 2023/12/11
إلا الرغيف فهو الوحيد الذي يمنح ضحكة من الأشداق

القاهرة - اعتبر خبراء أن هدوء موجة التضخم في مصر مع التحولات السياسية بالبلاد والدعم المالي الكبير من السعودية والإمارات سيمنح الناس بارقة أمل لتحسين أوضاعهم المعيشية والتي باتت في أسوأ حالاتها منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

ويسود الأوساط الشعبية المصرية تفاؤل ممزوج بالحذر والترقب بأن تنعكس الظروف بالإيجاب على الأسواق التجارية المحلية وتتراجع الأسعار أكثر خلال المرحلة المقبلة.

وأفادت بيانات إحصائية حديثة الأحد بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية واصل التراجع خلال الشهر الماضي، مدعوما بتباطؤ زيادة أسعار المواد الغذائية.

وذكر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مذكرة شهرية أن أسعار الاستهلاك بلغت 34.6 في المئة في نوفمبر على أساس سنوي، بعدما بلغت في أكتوبر الماضي 35.8 في المئة مع استمرار الضغوط التضخمية من أسعار المأكولات والمشروبات.

وهبط نمو الأسعار في المدن على أساس شهري إلى 0.9 في المئة خلال نوفمبر، مقارنة بواحد في المئة خلال الشهر السابق أكتوبر الماضي.

أما في عموم البلاد، والتي تشمل المدن والأرياف، فقد بلغت أسعار الاستهلاك 36.4 في المئة في نوفمبر مقارنة بنحو 38.5 في المئة خلال أكتوبر.

ويقل معدل التضخم السنوي المسجل في نوفمبر قليلا عما توقعه المحللون. وكان متوسط توقعات 18 محللا استطلعت آراءهم رويترز يرجح تسجيل التضخم 34.8 في المئة.

◙ 34.6 في المئة أسعار الاستهلاك في نوفمبر مع استمرار تقلص ضغوط التضخم على الأغذية

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار بنسبة 1.3 في المئة في نوفمبر مقارنة بواحد في المئة في أكتوبر. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.2 في المئة لكنها زادت 64.5 في المئة على أساس سنوي.

وظل التضخم السنوي يسجل صعودا لمدة عامين ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 38 في المئة في سبتمبر. والمعدل المسجل في نوفمبر هو الأدنى منذ مايو.

وكان معدل التضخم في مصر قد ارتفع إلى مستويات قياسية خلال الصيف بعد ثلاثة تخفيضات في قيمة العملة منذ مارس 2022 أدت إلى انخفاض قيمة الجنيه إلى النصف.

ويُعتبر ارتفاع تكاليف المعيشة القضية الرئيسية الأكثر إلحاحا بالنسبة إلى المصريين الذين بدأوا الأحد الاقتراع في الانتخابات الرئاسية التي تستمر ثلاثة أيام.

ويُتوقع على نطاق واسع فوز الرئيس عبدالفتاح السيسي بفترة رئاسية ثالثة وسط أزمة اقتصادية أدت إلى تراجع الجنيه المصري وجفاف العملة الأجنبية وتدهور الاقتصاد وارتفاع التضخم.

وتعود بعض الأسباب إلى عقود مضت، مثل فشل التنمية الصناعية بسبب سوء التخطيط والبيروقراطية الثقيلة، وسياسات التصدير التي خلقت عجزا تجاريا مستمرا.

كما أدت العملة المبالغ في تقدير قيمتها، وضعف حقوق الملكية والمؤسسات، وهيمنة الدولة والجيش، إلى إعاقة الاستثمار والمنافسة.

وتسببت فورة الاقتراض في عهد السيسي في تراكم ديون خارجية ثقيلة. ويتجنب الدائنون الأجانب الديون المصرية، ويدفعون القاهرة إلى تمويل العجز المتزايد عن طريق الاقتراض محليا حتى مع ارتفاع الفائدة، مما يؤدي إلى عجز أكبر.

وأدى هذا، بالإضافة إلى التوسع في المعروض النقدي، إلى انخفاض قيمة العملة وارتفاع التضخم. وقد سعت الحكومة إلى السيطرة على العجز من خلال رفع أسعار السلع والخدمات المدعومة، لكن التضخم قضى على جزء كبير من المكاسب.

وكان الاستثمار الأجنبي خارج قطاع النفط والغاز ضئيلا. وانخفضت التحويلات في الفترة 2022 – 2023 بنسبة 30 في المئة إلى 22 مليار دولار مع تراجع العمال في الخارج عن التحويلات بسعر الصرف الرسمي المبالغ في تقديره.

وتلعب زيادة رسوم عبور قناة السويس وعائدات السياحة دورا حاسما، على الرغم من أن الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة المجاور تهدد بإبطاء نمو السياحة.

وكثيرا ما يلقي السيسي باللوم في الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها مصر على الاضطرابات التي أعقبت الانتفاضة الشعبية عام 2011 فضلا عن النمو السكاني السريع، وقدّر البنك الدولي النمو السكاني السنوي بنسبة 1.7 في المئة خلال عام 2021.

◙ الجنيه المصري انخفض بمقدار النصف مقابل الدولار منذ مارس 2022
◙ الجنيه المصري انخفض بمقدار النصف مقابل الدولار منذ مارس 2022

وأشارت السلطات المصرية أيضا إلى الصدمات الخارجية بما في ذلك جائحة كوفيد - 19 والحرب في أوكرانيا.

وينمو الاقتصاد بشكل مطرد ولكن بوتيرة متباطئة. ونما بنسبة 3.9 في المئة سنويًا في الربع الأخير من عام 2022 وكذلك الربع الأول من عام 2023، بانخفاض من 6.7 في المئة في السنة المالية 2021 - 2022 وفقًا للبنك المركزي.

وأدى ارتفاع عدد السكان إلى إضعاف النمو، ويقول الكثير من المصريين إن مستوى معيشتهم تآكل.

كما أدى النقص الحاد في الدولار إلى قمع الواردات وتسبب في تراكم البضائع في الموانئ وسط قيود على خطابات الاعتماد، مع تأثير غير مباشر على الصناعة المحلية.

وانخفض الجنيه بمقدار النصف مقابل الدولار منذ مارس 2022. وعلى الرغم من التخفيضات المتكررة في قيمة العملة، يبلغ سعر الدولار حوالي 49 جنيها مصريا في السوق السوداء مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 31 جنيها.

وإلى جانب ذلك فإن جدول سداد الديون الخارجية مرهق. ومن المستحقات على الأقل 42.26 مليار دولار في عام 2024 وحده، بما في ذلك 4.89 مليار دولار لصندوق النقد الدولي.

وأدى ارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملة إلى زيادة تكلفة خدمة الديون، فقد ابتلعت مدفوعات الفائدة أكثر من 45 في المئة من إجمالي الإيرادات في العام حتى نهاية يونيو، وفقا لبيانات وزارة المالية.

وأكد صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي أن مصر تأثرت بتداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مؤكدا حاجة القاهرة إلى المزيد من التمويلات الإضافية.

وقالت المتحدثة باسم الصندوق جولي كوزاك إن الصندوق يجري منذ عدة أسابيع محادثات مع مصر، تمهيدا لحصولها على تمويل إضافي “يخفف عنها تداعيات الحرب الدائرة في قطاع غزة”.

وتعرضت البلاد إلى تراجع في السياحة الوافدة بأكثر من 10 في المئة، منذ اندلاع الحرب على غزة، وفق وزارة السياحة المصرية. وتصنف البيانات الرسمية 30 في المئة من السكان على أنهم فقراء قبل ظهور جائحة كورونا، ويقول المحللون إن الأرقام ارتفعت منذ ذلك الحين.

وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 60 في المئة من المصريين البالغ عددهم 105 ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر أو يقتربون منه. وانخفضت البطالة إلى ما يزيد قليلا عن 7 في المئة، لكن المشاركة في سوق العمل انخفضت أيضا بشكل مطرد في العقد المنتهي عام 2020. وأجزاء من نظام التعليم العام في حالة انهيار، إذ يسعى العديد من الخريجين الذين تتاح لهم الفرصة للقيام بذلك إلى البحث عن عمل في الخارج.

10