هدوء موجة ارتفاع أسعار الغذاء رغم قفزتها القياسية في 2022

روما - أظهرت أحدث المؤشرات بشأن أسعار الغذاء في الأسواق العالمية هدوءا ملحوظا في ديسمبر الماضي للشهر التاسع على التوالي، رغم قفزتها القياسية في العام الماضي قياسا بما كانت عليه قبل أكثر من ثلاثة عقود.
وأعلنت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) الجمعة أن الأسعار العالمية للمنتجات الغذائية واصلت تراجعها في ديسمبر، لا بل هبطت دون المستوى الذي كانت عليه قبل سنة، في ختام عام شهد تضخما غير مسبوق بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا.
وتراجع مؤشر فاو لأسعار الأغذية الذي يستخدم لقياس التغيّر الشهري في الأسعار الدولية لسلّة من السلع الأساسية بنسبة 1.9 في المئة في الشهر الماضي مقارنة مع الشهر السابق له.
وبلغ المؤشر 132.4 نقطة في ديسمبر أي أقل بنسبة واحد في المئة عن مستواه المسجل قبل سنة.
لكن بالنسبة إلى عام 2022 ككل، بلغ متوسط مؤشر المنظمة لأسعار الأغذية 143.7 نقاط، وهو ما يمثّل ارتفاعا يصل إلى 18 نقطة أي 14.3 في المئة بالمقارنة مع عام 2021.
وكان المؤشر قد ارتفع بالفعل بنسبة 28 في المئة بنهاية 2021 عن العام السابق، بعدما بدأ الاقتصاد العالمي يتعافى من تأثير الأزمة الصحية.
وقال كبير الخبراء الاقتصاديين لدى فاو ماكسيمو توريرو إنه “أمر جيد أن تهدأ أسعار السلع الغذائية بعد سنتين من التقلبات الشديدة”.
وأضاف أنه من الضروري “البقاء متيقظين والتركيز على تخفيف انعدام الأمن الغذائي العالمي”.
وأدى ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية العام الماضي بعد أن أثار الاضطراب الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا مخاوف من حدوث نقص، إلى ارتفاع متوسط مؤشر أسعار الأغذية إلى أعلى مستوى على الإطلاق.
وقالت فاو إن “تراجع المؤشر في ديسمبر كان مدفوعا بانخفاض الأسعار الدولية للزيوت النباتية، إلى جانب بعض الانخفاضات في أسعار الحبوب واللحوم، لكن الزيادات الطفيفة في أسعار السكر ومنتجات الألبان خففت”.
وعلى مدار عام 2022 بأكمله، وصلت أربعة من المؤشرات الفرعية الخمسة للأغذية لمنظمة فاو وهي الحبوب واللحوم ومنتجات الألبان والزيوت النباتية إلى مستويات قياسية، في حين أن المؤشر الخامس، وهو السكر، كان في أعلى مستوياته في 10 سنوات.

وأشارت فاو إلى أن مؤشر أسعار الحبوب ارتفع بنسبة 17.9 في المئة نهاية العام الماضي بسبب عوامل من بينها الاضطرابات الكبيرة في السوق وارتفاع تكاليف الطاقة والمدخلات والأحوال الجوية السيئة واستمرار الطلب العالمي القوي على الغذاء.
وتثير التوقعات الزراعية هذا العام القلق، حيث يواجه العالم نقصا في الإنتاج للعام الثالث تواليا لأول مرة منذ أكثر من عقدين بسبب النينا ما قد تكون له عواقب وخيمة تتعلق بالجفاف في الولايات المتحدة ومناطق المحاصيل الحيوية في البرازيل والأرجنتين.
والنينا هي ظاهرة مناخية تتعلق ببرودة المحيط الهادئ الاستوائي وتسبب ذلك في ردة فعل من الغلاف الجوي فوقه.
وتساور اقتصاديين مخاوف بشأن إعادة بناء المخزونات في العام 2023 في الوقت الذي يصعب فيه ربط تغير الطقس بنمط مناخي طويل الأجل.
ويحذر المحللون من العبء المتزايد على الإنتاج الزراعي في السنوات القادمة نتيجة الاحتباس الحراري.
وكان عبدالرضا عباسيان محلل سوق المواد الغذائية والخبير الاقتصادي السابق في فاو قد قال الصيف الماضي إنه “مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة حتى الشتاء على الأقل، فإن أي نقص كبير في إمدادات الذرة سيكون له تأثير مدمر على الأغذية والأعلاف”.