هدوء مؤقت في السويداء السورية بعد ليلة من الاشتباكات

دمشق - عاد الهدوء إلى مدينة السويداء جنوبي سوريا، اليوم الاثنين بعد ليلة من التوتر شهدت اشتباكات عنيفة بين الفصائل المحلية من جهة، وقوى الأمن والجيش من جهة أخرى، أدت لإصابات من الجانبين، فضلا عن خسائر مادية في ممتلكات المدنيين.
وتأتي هذه الأحداث بعد رفض القوات الحكومية إزالة حاجز أمني نصبته ليل السبت/الأحد على مدخل مدينة السويداء، إذ تصر الفصائل المحلية وجهات في المدينة على سحب الحاجز وعودة العناصر العسكرية إلى مقراتها العسكرية.
وأفاد موقع "السويداء 24" المتخصص برصد أخبار المحافظة اليوم الاثنين بأن وسطاء من أهالي السويداء، طلبوا هدنة مؤقتة من الفصائل المحلية، لاستئناف المفاوضات مع الأجهزة الأمنية، وسط وعود من الوسطاء للسعي لاتفاق يضمن انسحاب الحاجز الأمني الجديد من جانب دوار العنقود، وهو المطلب الذي تصرّ عليه الفصائل.
ونقل الموقع المحلي عن مصدر مطلع على المفاوضات، أن مطالبات الفصائل المحلية تتركز حول إزالة حاجز أمني بضمانة روسية، وعدم إنشاء أي حاجز جديد داخل المحافظة، لانعدام الثقة بدور هذه الحواجز.
وأشار المصدر إلى تفاوت الردود التي نقلها الوسطاء عن لسان المسؤولين، بين رفض بعض الأصوات في السلطة طلب إزالة الحاجز، والمحاججة بأن نشره كان بطلب من بعض أهالي مدينة السويداء، وبين أصوات أخرى من السلطة تدعو للتهدئة وتطلب مهلة للتوصل إلى اتفاق لسحب الحاجز من مدخل المدينة.
وشدد المصدر على أن الحل الذي ينزع فتيل الأزمة، هو إعادة كافة عناصر الحاجز الجديد إلى ثكناتهم. وأضاف أن عدم التجاوب مع هذا المطلب، سيفتح الباب أمام تصعيد أكبر في الساعات القادمة، يفوق ما شهدته المدينة من اشتباكات مساء الأحد.
ونشر "السويداء 24" تسجيلا مصورا، مساء الأحد، قال إنه لاشتباكات نتجت عن هجوم فصائل محلية على مقار أمنية لقوات النظام في نقاط متفرقة من المدينة.
وتركزت اشتباكات الأحد، في محيط الحاجز الجديد، والمراكز الأمنية القريبة منه، قسم المخابرات الجوية، ومبنى قيادة فرع حزب البعث، كما امتدت المواجهات إلى بلدة قنوات، وتعرض فرع أمن الدولة على طريق قنوات لعدة ضربات بالقذائف الصاروخية.
وأسفرت الاشتباكات –وفق سويداء 24- عن إصابة عنصر من الفصائل بطلق ناري استقر بالفخذ، إضافة إلى إصابة عدة عناصر أمن في مبنى قيادة فرع الحزب، بشظايا ناجمة القذائف. فيما أكدت مصادر طبية لعدم صحة الشائعات التي انتشرت عن مقتل سبعة عناصر من الجيش السوري في الاشتباكات.
كما نشرت شبكة الراصد المحلية تسجيلا مصورا يظهر الحاجز العسكري خلال إنشائه ليل السبت/الأحد.
ونقلت شبكة الراصد رسالة عاجلة بعثها الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، إلى القيادة الروسية، عبر قائد القوات الروسية في دمشق يؤكد فيها أنه لا يوجد أي مبرر لنصب الحواجز وأنها لا تخدم إلا الجهات الأمنية الفاسدة في المنطقة، متسائلاً "هل وضع الحواجز في المنطقة الجنوبية والسويداء تحديداً هو لإهانة الناس التي خرجت تطلب بشكل سلمي حقوقها وحريتها؟".
وحمّل الهجري الأفرع الأمنية مسؤولية نشر الأخبار والإشاعات، واعتبر ذلك "توجيهًا من الدولة السورية لقمع أهل المنطقة المسالمين والمطالبين بحقوقهم المهدورة من هذا النظام".
وأضاف "نتمنى بأن يكون الدور الروسي بنّاء وإنسانيًا، وأن يقف مع طموحات الشعب بالخلاص من هذه السلطة، ونطلب إعلان موقف رسمي من الدولة الروسية بأنها ليست مع هذه المظاهر القمعية التي يروج لها النظام المنتهية صلاحيته عند الشعب السوري".
وأضافت شبكة الراصد أن الجانب الروسي "أكد للرئاسة الروحية أنه لا يوجد أي توجيه روسي من أجل إقامة الحواجز، وأن الجانب الروسي يرفض بشكل قطعي مواجهة المدنيين بأي طرق قمعية".
واستمرت المواجهات لعدة ساعات، لكنها توقفت فجر الاثنين بعد تدخل من وجهاء، ومنح مهلة جديدة لإزالة الحاجز حتى نهاية اليوم الاثنين.
ولم تعلّق الحكومة السورية رسميا على الأحداث الدائرة في السويداء.
وفي خضم تطورات الأحداث الأمنية الدائرة بمحافظة السويداء، لم تتوقف الاحتجاجات السلمية المنادية بإسقاط النظام السوري منذ ما يقارب العام، في حين يحاول النظام السوري إخماد مطالب أبناء المحافظة، تارة عبر مفاوضات ووعود، وتارة عبر تحركات أمنية وعسكرية.
وفي الوقت الذي هاجمت فيه قوات أمنية المتظاهرين مرتين، إحداهما أسفرت عن مقتل متظاهر، لم تبدِ الفصائل العسكرية في المحافظة رد فعل عنيفًا.
وتنتشر عشرات الفصائل المسلحة في السويداء، جزء منها مدعوم من أفرع أمنية في النظام السوري، وأخرى تقدم نفسها على أنها معارضة للنظام، وثالثة تطرح نفسها على أنها فصيل محايد.
وبين أبريل ومايو الماضيين، دفعت قوات النظام بتعزيزات عسكرية نحو المحافظة بعد توتر استمر لأيام على خلفية احتجاز ضابط بقوات النظام كرد فعل على اعتقال طالب جامعي لانخراطه في الحراك السلمي المعارض في المحافظة.
وكررت الفصائل المحلية نفسها احتجاز عسكريين بينهم ضباط من قوات النظام ردًا على عمليات اعتقال متفرقة طالت أشخاصًا ينحدرون من المحافظة، ما دفع النظام للإفراج عنهم لاحقًا.
وتكررت الخلافات بين قوات النظام وفصائل محلية بسبب نية الأولى تثبيت حواجز عسكرية في مدينة السويداء، ورفض الأخيرة.