هدنة هشة في قره باغ لكسب الوقت وترميم الصفوف

موسكو - ناقش وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وقف إطلاق النار الهش في النزاع حول ناغورني قره باغ مع الجانبين الأرميني والأذربيجاني، حسبما أفاد مسؤولون مساء السبت.
وحثت وزارة الخارجية الروسية الجانبين على الالتزام بترتيبات وقف إطلاق النار.
وقالت الوزارة في بيان إن لافروف ناقش ذلك هاتفيا مع نظيريه من أذربيجان وأرمينيا جيهون بيراموف وزوهراب مناتساكانيان.
وتعرّضت مدينة ستيباناكرت، عاصمة إقليم ناغورني قره باغ، السبت، لقصف على الرغم من اتفاق على وقف إطلاق النار تم التوصل إليه في موسكو.
وسُمع في أنحاء المدينة دوي سبعة انفجارات قوية نحو الساعة 23:30 بالتوقيت المحلي، دوّت بعيدها صفارات إنذار لدقائق عدة لدعوة السكان إلى الاحتماء في الأقبية والملاجئ.
بعد ذلك عاد الهدوء ليخيّم على المدينة الغارقة في ظلام تام.
ويأتي القصف على الرغم من اتفاق أرمينيا وأذربيجان على وقف لإطلاق النار دخل نظريا حيّز التنفيذ عند الظهر، بعد أسبوعين من المعارك العنيفة التي شهدها إقليم ناغورني قره باغ الانفصالي.
وكان الجانبان قد تبادلا، السبت، الاتّهامات بخرق الهدنة، لكن الأوضاع بقيت هادئة في ستيباناكرت التي شهدت بانتظام على مدى أسبوعين أعمال قصف، خصوصا إطلاق صواريخ ثقيلة.
ولدى الإعلان عن الهدنة، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الجانبين اتّفقا على بدء "مفاوضات جوهريّة" للتوصّل إلى حلّ سلمي للنزاع، بوساطة من رؤساء مجموعة مينسك (روسيا وفرنسا والولايات المتحدة) التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وانفصل إقليم ناغورني قره باغ ذات الغالبية الأرمنية، عن أذربيجان بعد حرب أوقعت 30 ألف قتيل في تسعينات القرن الماضي.
وتتّهم باكو يريفيان باحتلال أراضي الإقليم الذي شهد مرارا أعمال عنف.
وأسفرت المواجهات التي اندلعت في 27 سبتمبر بين الانفصاليين الأرمن في ناغورني قره باغ وأذربيجان عن مقتل أكثر من 450 شخصا، بينهم نحو 50 مدنياً. لكن الحصيلة الحقيقية للمعارك قد تكون أكبر بكثير.
وبعيد دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، اتّهمت وزارة الدفاع الأرمينية القوات الأذربيجانية بأنها "شنت هجوما عند الساعة 12:05".
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن "أرمينيا تنتهك بشكل صارخ وقف إطلاق النار"، واتّهمت الوزارة لاحقا القوات الأرمينية بشن هجوم تمكّنت القوات الأذربيجانية من صدّه.
وتعرضت ستياباناكرت التي قصفت مراراً في الأيام الماضية، للقصف مرة أخرى، صباح السبت، بحسب صحافي في فرانس برس. لكن بعد الظهر، كان الوضع أكثر هدوءاً باستثناء سماع دوي انفجارات من بعيد فيما أعرب عدد قليل من السكان عن قناعتهم بوجود فرصة لنجاح الهدنة.
وقال ليفون وهو سائق سيارة أجرة هي من بين سيارات قليلة لا تزال تجول شوارع العاصمة الانفصالية "نعرف الآذريين، لا يمكن أن نثق بهم. يمكن أن يعودوا إلى القتال في غمضة عين. وقف النار لن يدوم. إنها حيلة لكسب الوقت واستعادة قوتهم". أضاف "مع ذلك فإن كلا الطرفين بحاجة لاستراحة".
من جهته قال فلاديمير بارسيغيان البالغ 64 عاماً وهو متقاعد يعمل متطوعاً في مصنع بزات عسكرية "عشت نحو 20 عاماً في أذربيجان، هؤلاء الناس يكرهوننا. لا نصدق وقف النار، يريدون فقط كسب الوقت".
وأعرب كثر في أذربيجان عن معارضتهم الهدنة. في باكو، أعربت سيتارا ماميدوفا وهي طالبة تبلغ 20 عاماً عن "خيبة أملها" إزاء الخطوة، قائلة "لا لوقف إطلاق النار! إما أن يغادر العدو أرضنا وإما أن يقتل فيها".
في بردة الواقعة على بعد 40 كلم من الحدود، يوافق مراد أسدوف على ذلك قائلاً "علينا مواصلة الحرب واستعادة أرضنا".
قال مسؤول أذربيجاني رفيع إن الهدوء "مؤقت"، موضحا "إنه وقف نار إنساني لتبادل الجثث وأسرى الحرب، ليس وقفا (حقيقيا) لإطلاق النار".
وأكد أن باكو "لا تنوي التراجع" عن مساعيها لاستعادة المنطقة.
وشددت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول على "ضرورة استئناف المحادثات الجوهرية، دون شروط مسبقة".
وأجرى السبت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالاً هاتفياً بالرئيس الإيراني حسن روحاني تباحثا فيه حول جهود الوساطة الروسية، وفق الكرملين.
من جهتها، رحّبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بوقف النار، وأبدت استعدادها لتسهيل تبادل الأسرى والجثث.
وأشارت الخارجية التركية السبت إلى أن وقف النار هو "أول خطوة مهمة لكنه لن يحل مكان حل دائم".
وأضافت أنقرة حليفة باكو أن أذربيجان منحت أرمينيا "فرصة أخيرة للانسحاب من الأراضي التي تحتلها" مؤكدة أن "أذربيجان أثبتت لأرمينيا والعالم أنها تستطيع استعادة أراضيها المحتلة".
يأتي ذلك فيما يُخشى من تدويل الصراع في هذه المنطقة حيث لدى الروس والأتراك والإيرانيين والغرب مصالح، وتشجع أنقرة باكو على الهجوم فيما تلتزم موسكو بمعاهدة عسكرية مع يريفان.
وتتهم تركيا بالمشاركة في القتال إلى جانب أذربيجان، وهو ما تنفيه أنقرة. وأفادت تقارير عدة عن إرسال مقاتلين موالين لتركيا من سوريا للقتال في قره باغ.