هدنة في إثيوبيا وسط مؤشرات على الوفاق

من المتوقع أن تكون قضية القوات الإريترية واستعادة الخدمات والمساعدات الإنسانية إلى تيغراي على جدول أعمال فريق المراقبة الذي يشكله الوسطاء.
الجمعة 2022/12/30
تنفيذ بنود اتفاق المصالحة يسير ببطء

أديس أبابا - يكثف الوسطاء بين الحكومة الاتحادية الإثيوبية والسلطات في منطقة تيغراي جهودهم لفرض هدنة مع اقتراب العلاقات من العودة إلى طبيعتها بين الجانبين اللذين كانا يخوضان حربا وحشية حتى الشهر الماضي.

وأدى وقف إطلاق النار في الثاني من نوفمبر إلى هدوء في الصراع الذي استمر عامين وأسفر عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين في الدولة الواقعة في القرن الأفريقي، لكن تنفيذ أجزاء من الاتفاق كان أبطأ من المتوقع.

ويقول عاملون في المجال الإنساني في تيغراي إن قوات إريتريا المجاورة التي كان ينبغي أن تنسحب بموجب شروط الهدنة ما زالت موجودة في عدة بلدات بالمنطقة التي لا يزال الملايين فيها يعانون من الجوع ويحتاجون إلى المساعدة. ولم تعلق الحكومة الإريترية.

وقف إطلاق النار أدى إلى هدوء في الصراع الذي استمر عامين لكن تنفيذ أجزاء من الاتفاق كان أبطأ من المتوقع

وكان من المتوقع أن تكون قضية القوات الإريترية واستعادة الخدمات والمساعدات الإنسانية إلى تيغراي على جدول أعمال فريق المراقبة الذي يشكله الوسطاء. وقال نور محمود شيخ المتحدث باسم الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) الخميس إن الوسطاء اجتمعوا في مقلي عاصمة إقليم تيغراي.

وبموجب اتفاق السلام، كان من المفترض أن يكون فريق المراقبة جاهزا بحلول الثاني والعشرين نوفمبر. واشتكى زعماء تيغراي من التأخير في تشكيله وتنفيذ بنود أخرى من اتفاق الهدنة.

وعلى جبهات أخرى، يبدو أن الزخم نحو علاقات أفضل آخذ في الزيادة. فقد استأنفت الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة الأربعاء رحلاتها إلى مقلي لأول مرة منذ 18 شهرا. وأعادت شركة الاتصالات (إثيو تليكوم) توصيل خدماتها إلى المدينة و27 بلدة أخرى، بينما تقول الحكومة إن المساعدات الإنسانية يجري تكثيفها.

وينصّ الاتفاق في جملة بنوده على أن تلقي القوّات المتمردة السلاح وتعود السلطات الفيدرالية إلى تيغراي ويعاد فتح معابر المنطقة المعزولة عن العالم منذ أكثر من سنة.

وبدأت المعارك في نوفمبر 2020 عندما أوفد رئيس الوزراء آبي أحمد الجيش الفيدرالي لتوقيف مسؤولي المنطقة الذين كانوا يتحدّون سلطته منذ أشهر واتهمهم بشنّ هجمات على قواعد عسكرية فيدرالية.

ولا تعرف حصيلة هذا النزاع الحافل بالفظائع والذي دار جزء كبير منه بعيدا عن الأضواء، غير أن مركز “International Crisis Group” ومنظمة العفو الدولية يعتبرانه “من الأكثر فتكا في العالم”. ومنذ إبرام الاتفاق، توقّفت المعارك وأعلن المتمرّدون عن سحب 65 في المئة من المقاتلين من خطوط القتال.

وتتهم سلطات تيغراي وسكان وعمال في المجال الإنساني جيش إريتريا وقوات الأمن وميليشيات من منطقة أمهرة المحاذية لتيغراي من الجنوب بارتكاب فظائع في حقّ المدنيين، من نهب واغتصاب واختطاف وإعدام.

ويقدم الجيش الإريتري الدعم للقوات الإثيوبية مجددا منذ استئناف القتال في الرابع والعشرين من أغسطس ضد متمردي إقليم تيغراي، وهي منطقة في شمال إثيوبيا محاذية لإريتريا التي تشترك معها في حدود طويلة.

الاتفاق ينصّ في جملة بنوده على أن تلقي القوّات المتمردة السلاح وتعود السلطات الفيدرالية إلى تيغراي ويعاد فتح معابر المنطقة المعزولة

وتضطلع إريتريا وهي مقاطعة إثيوبية سابقة استقلت عام 1993 منذ بداية النزاع في نوفمبر 2020 بدور “حاسم” فيه، على خلفية منافسة قديمة مع جارتها تيغراي، وفقا لمراقبين. ويقول المبعوث الأميركي الخاص في القرن الأفريقي مايك هامر إن وجودها “يذكي النزاع”.

ويقول باتريك فيراس المحاضر في شؤون الجغرافيا السياسية ورئيس جمعية إستراتيجيات أفريقية إن رئيس الوزراء الإثيوبي “تحالف مع إريتريا عندما وقع اتفاقية السلام” مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي في 2018.

وهذه الاتفاقية التي أكسبت آبي أحمد جائزة نوبل للسلام ووضعت حدا لعشرين عاما من النزاع بين البلدين، كانت وفقا له “قبل كل شيء تحالفا مع إريتريا للتدخل المحتمل لاحقا ضد قادة تيغراي”.

ويؤكد فيراس أن “إريتريا فاعل رئيسي ومهم في النزاع يعتمد عليه آبي أحمد بشدة”. فمن الناحية العسكرية، يسمح تدخل أسمرة في الشمال جنبا إلى جنب مع القوات العسكرية الإثيوبية التي نُشرت مؤخرا في إريتريا لآبي أحمد بجعل إقليم تيغراي بين نارين، مع مقاتلة القوات الإثيوبية الفيدرالية والإقليمية من الجنوب.

ويؤكد بن هانتر محلل شؤون أفريقيا في معهد تقييم المخاطر فيريسك مابلكروفت أن “الجيش الإريتري يؤدي دورا حاسما في هذا النزاع” ولكن “بإرسال الآلاف من جنوده إلى إريتريا، وضع آبي أحمد مصيره في يدي أفورقي”.

ومنذ إبرام الاتفاق اجتمع ممثلو السلطات المتمردة والحكومة مرّات عدّة، منها مرتان في العاصمة الكينية نيروبي. وخلال اللقاء الأخير الخميس اتفقوا على آلية لمراقبة وقف إطلاق النار تسمح أيضا برفع شكاوى في حال ارتكاب انتهاكات في حقّ مدنيين.

وتسبب النزاع بتهجير أكثر من مليوني إثيوبي وأغرق الملايين منهم في ظروف تقارب المجاعة، بحسب الأمم المتحدة. وأظهرت أرقام أممية أن الصراع الممتد على سنتين جعل أكثر من 13.6 مليون شخص يعتمدون تماما على المساعدة الإنسانية في شمال إثيوبيا منهم 5.4 مليون في تيغراي و7 ملايين في أمهرة و1.2 مليون في عفر.

5