هدنة غزة تعفي حزب الله من رد موسع على قتل إسرائيل لابن قيادي كبير

صعّد حزب الله من وتيرة قصفه على الشمال الإسرائيلي ردا على عملية اغتيال عدد من مقاتليه ومن ضمنهم ابن رئيس كتلته النيابية، لكن دون أن يسعى إلى تغيير قواعد الاشتباك القائمة حاليا لاسيما بعد الإعلان عن هدنة في غزة، لا يزال ينتظر تنفيذها حتى الآن، ويرى الحزب أنه معني بها.
بيروت- تقول أوساط سياسية إن اغتيال إسرائيل لابن رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النيابية التابعة لحزب الله كانت عملية مدبّرة، لإحراج موقف حزب الله خاصة وأنها تأتي قبيل دخول هدنة مؤقتة بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ في قطاع غزة.
وتضيف الأوساط أن حزب الله مجبر على رد محسوب على إسرائيل، حيث أنه معنيّ بأن تسري الهدنة المعلنة على الجبهة الجنوبية، بالنظر إلى حالة التململ في الأوساط الشعبية في المنطقة الحدودية.
ويجد سكان الجنوب في لبنان أنفسهم محاصرين في المواجهات الجارية بين حزب الله وإسرائيل، الأمر الذي دفع العديد منهم إلى النزوح.
ويقول نشطاء إن هناك حالة من الغضب بين سكان المنطقة الحدودية الذين يرفضون أن يكونوا كبش فداء في صراع لا يريدونه، وإن كانوا متضامنين مع سكان قطاع غزة حيال ما يتعرضون له.
ونعى حزب الله ليل الأربعاء – الخميس خمسة من مقاتليه، بينهم ابن رئيس كتلته البرلمانية النائب محمّد رعد، بعد مقتلهم بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة بيت ياحون من قضاء بنت جبيل، بجنوب لبنان.
وتقع البلدة على مسافة عشر كيلومترات عن الشريط الحدودي، وبالتالي هي خارج نطاق عمل قواعد الاشتباك، الأمر الذي يؤكد أن إسرائيل خططت للعملية لاستفزاز الحزب اللبناني وأنها على علم بهوية الموجودين في المنزل.
وأعلن الحزب الموالي لإيران في بيانات منفصلة أنّ كلاً من المقاتلين الخمسة “ارتقى شهيداً على طريق القُدس”، وهي عبارة يعتمدها لنعي عناصره الذين يُقتلون خلال تبادل القصف مع إسرائيل منذ بدء التصعيد في جنوب لبنان مع اندلاع الحرب في غزة. وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد أثناء استقبال جثمان ابنه عباس “قصد، فوصل، وإذا كنت أعتب فلأنّه سَبَقني وكان أشطر منّي وأسرع منّي، وليتقبّل الله أعماله وشهادته ويبيّض وجهه كما بيّض وجوه كلّ عوائل الشّهداء، وكلّ المجاهدين في هذه المسيرة الجهاديّة التي تقاتل في سبيل الله، من أجل رفع الظّلم ومقاومة البغي والعدوان والتوّحش الصّهيوني وتوحّش كلّ المُعادين للإنسانيّة”.
وأكّد رعد “أنّنا ثابتون على هذا الخطّ، ماضون في هذا السّبيل، نرجو رضاء الله ولقاء الأحبّاء من الأنبياء والأولياء، ونريد العزّة والكرامة لشعبنا ولأمّتنا في هذه الدّنيا”، مضيفًا “مبارك للشّهيد سراج، ومبارك لسيّد المقاومة الأمين العام لـ’حزب الله’ حسن نصرالله، الّذي علّمنا كيف يكون آباء الشّهداء، صابرين، محتسبين، أقوياء، وثابتين على هذا النّهج الجهادي المقاوم”.
وأعلنت إسرائيل الخميس عن تعرضها لأكبر قصف من لبنان منذ اندلاع جولة المواجهات الراهنة. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إنه “تم إطلاق حوالي 50 قذيفة على بلدات الجليل الأعلى، وهو القصف الأكثر شمولا في الشمال”.
ودوت صفارات الإنذار في المستوطنات الإسرائيلية قرب الحدود اللبنانية، وتم رصد إصابات مباشرة في منازل بمنطقة “المنارة” دون خسائر بشرية.
وأفادت إذاعة الجش بـ”إطلاق صاروخين مضادين للدبابات على عمود إنارة في (منطقة) إصبع الجليل، ولم تحدث إصابات، لكن وقعت أضرار”.
ويقول مراقبون إن القصف المكثف الذي شنه حزب الله ردا على عملية الاغتيال، لا تزال حتى الآن ضمن قواعد الاشتباك المتعارف عليها، وأنه ليس هناك أيّ مؤشر على أن حزب الله سيعمد إلى شن هجوم نوعي، قد يدفع إلى منعطف جديد للمواجهات القائمة.
ويتبادل الجيش الإسرائيلي قصفا مع حزب الله اللبناني وفصائل فلسطينية في لبنان بوتيرة يومية منذ الثامن من أكتوبر؛ ما خلّف قتلى وجرحى على جانبي الحدود.
وتتواصل هذه المواجهات على وقع حرب مدمرة يشنها الجيش الإسرائيلي على غزة منذ 48 يوما؛ أسفرت عن أكثر من 14 ألفا و532 قتيلا، بينهم ما يزيد عن 6 آلاف طفل و4 آلاف امرأة، فضلا عن أكثر من 35 ألف مصاب 75 في المئة منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وصباح الخميس، قالت وزارة الخارجية القطرية إنه سيتم الإعلان “خلال الساعات القادمة” عن بدء سريان هدنة بين حماس وإسرائيل تستمر لعدة أيام قابلة للتمديد، وتتضمن تبادلا لأسرى وإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة.
لكن تعقيدات ظهرت في اللحظات الأخيرة الأمر الذي أجّل تنفيذها إلى الجمعة.
حزب الله مجبر على رد محسوب على إسرائيل، حيث أنه معنيّ بأن تسري الهدنة المعلنة على الجبهة الجنوبية، بالنظر إلى حالة التململ في الأوساط الشعبية في المنطقة الحدودية
وقبيل إعلان الهدنة وخلال زيارة إلى لبنان حذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من اتساع رقعة الحرب الدائرة بغزة في المنطقة في حال لم يتواصل العمل بالهدنة. وقال “نحن لا نتطلع إلى اتساع نطاق الحرب”، مضيفاً أنّ “أيّ احتمال وارد إذا استمر العدوان”.
وكان عبداللهيان التقى خلال زيارته إلى لبنان بالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وعددا من المسؤولين اللبنانيين. وأورد حزب الله في بيان أنه تم خلال اللقاء “استعراض آخر التطورات في فلسطين ولبنان والمنطقة والاحتمالات القائمة حول مسار الأحداث والجهود المبذولة من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”.
وتقود إيران ما يسمّى بمحور المقاومة الذي يضم حزب الله وحركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين، وجماعة الحوثي اليمنية وفصائل عراقية. وتعمد إيران إلى توظيف هذه الأذرع في المنطقة لزيادة الضغط على إسرائيل، لكن محللين يؤكدون أن طهران غير معنية بتصعيد كبير مع إسرائيل أو صدام مباشر.
ويلفت المحللون إلى أن تحذيرات عبداللهيان الأخيرة تندرج في سياق الحرب النفسية على إسرائيل، وإن كان من الممكن أن تعمد بعد الهدنة إلى تصعيد مدروس عبر الفصائل
الموالية لها.