هجوم مقديشو.. اختبار أمني للحكومة الصومالية الجديدة

مقديشو - اعتبر محللون صوماليون أن الهجوم الدموي الذي شهدته العاصمة مقديشو، الجمعة الماضية، يشكل اختبارا أمنيا صعبا على الحكومة الجديدة في مدى قدرتها على الحد من تكرار مثل هذا الهجوم.
ويأتي ملف تثبيت الأمن ومحاربة حركة الشباب قي مقدمة الأجندات التي أعلنتها الحكومة الجديدة بعد منحها الثقة من البرلمان الصومالي في مطلع أغسطس الجاري.
ويعد الهجوم الدامي الذي استهدف فندقا في العاصمة مقديشو الأعنف منذ انتخاب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود رئيسا للبلاد في الخامس عشر من مايو الماضي.
وحسب وزارة الصحة الصومالية أسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصا وإصابة أكثر من 117 آخرين، فيما تشير تقديرات طبية وأمنية أخرى إلى أن عدد القتلى بلغ 30 شخصاً.
وكشف رئيس الحكومة الجديدة حمزة عبدي بري، في وقت سابق، عن إستراتيجية أمنية ضد مقاتلي حركة الشباب للحد من أنشطتهم الإرهابية في القرى والبلدات التي تنشط فيها هذه الحركة وسط البلاد وجنوبها.

عبدالقادر محمد نور: العمليات الأمنية ستتواصل إلى حين تحرير جميع القرى من قبضة الإرهابيين
وقال المحلل الأمني محمد سومني إن “الهجوم الدامي الذي نفذته حركة الشباب لا يشكل سوى تحد جديد أمام الإستراتيجية الأمنية التي تحاول الحكومة الجديدة انتهاجها لدحر مقاتلي الشباب في الأقاليم”.
وأضاف سموني أن “الهجوم كان من الرسائل الدموية التي ترسلها حركة الشباب عادة إلى كل حكومة جديدة من أجل تشتيت خططها الأمنية الموجهة إليها”.
وتابع أن “التحدي الأمني الذي تواجهه الحكومة الجديدة يتطلب إستراتيجية وتنسيقا أمنيا شاملا بين القوات الحكومية والقوات الأفريقية ‘أتميس’ للحد من هجمات حركة الشباب وضرب نفوذها الذي بدأ يزداد في السنوات الماضية”.
وذكر سومني أن “حركة الشباب فتحت على نفسها جبهات قتالية مختلفة؛ إذ تقاتل القوات الإثيوبية في المناطق الحدودية من جهة والقوات الصومالية من جهة ثانية، وهو ما قد يساهم في تشتيت قواتها ويزيد من احتمال كسب الحكومة الصومالية المعركة ضد هذه الحركة”.
وتراجع العمليات العسكرية الحكومية في الفترة الماضية منح حركة الشباب فرصة لملمة نفوذها العسكري في أقاليم وسط وجنوب الصومال، وهو ما يسمح لها بتنفيذ هجمات دامية في عمق العاصمة مقديشو.
وقال المتحدث باسم العمليات العسكرية لحركة الشباب عبدالعزيز أبومصعب، في تصريح مقتضب نشر على إذاعة “أندلس” المحسوبة على الحركة، إن “الهجوم الذي نفذه مقاتلونا كان ردا على تصريحات الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود حول تصفية وجود الحركة في البلاد”.
وأضاف أبومصعب أن “الهجوم يشكل ضربة قوية للحكومة التي أعلنت بالتعاون مع حلفائها عن إطلاق عملية عسكرية ضدنا”.
وأشار إلى أن “الحركة قادرة على تنفيذ هجمات نوعية في عمق العاصمة مقديشو”.
وذكر أن “كل حكومة جديدة تعلن عن خططها العسكرية ضدنا، بينما لا تستطيع التصدي لهجماتنا التي تنال مناطق حساسة من حين إلى آخر”.
وفي أكثر من مناسبة أعلن الرئيس الصومالي عن عزم حكومته على إطلاق عملية عسكرية واسعة تسعى من خلالها لدحر مقاتلي الشباب في مناطق جنوب البلاد ووسطها.
ويرى المحلل السياسي محمد عبدي شيخ أن “الهجوم الانتحاري، الذي اعتبرته حركة الشباب رداً على تصريحات الرئيس، خطوة هجومية استباقية لعمليات عسكرية تسعى الحكومة لإطلاقها ضد مقاتلي الحركة في البلاد”.

وأضاف عبدي شيخ أنه “رغم تزايد نفوذ الحركة في الفترة الماضية إلا أنها لا تستطيع خوض معارك مباشرة أمام القوات المشتركة (الصومالية والأفريقية) بدعم من الغارات الجوية، وهو ما يجبرها على اللجوء إلى حرب الكر والفر بدلا من المواجهات المباشرة”.
وتابع أن “حركة الشباب تعتمد أسلوب اقتحام الفنادق والمقار الحكومية لإطالة أمد الهجوم، إلا أن القوات الحكومية لا تزال تستخدم نفس الأساليب التي كانت تستخدمها قبل عشر سنوات بدلا من تطوير وتنويع خططها للحد من الخسائر الشرية”.
وأوضح أن “أسلوب الاستخبارات هو الأنسب لمواجهة تلك الهجمات لأن مقاتلي الشباب يجمعون المعلومات عن المواقع المستهدفة ويقيّمونها قبل تنفيذ الهجوم، وهو ما يمكنهم من التحصن في مواقع الهجوم وخوض مواجهات قد تستغرق ساعات طويلة”.
وفي الجانب الآخر خسرت حركة الشباب خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من عشر قرى وبلدات بإقليم هيران في ولاية هيرشبيلى وسط الصومال، أمام القوات الحكومية نتيجة العمليات الأمنية التي يشهدها الإقليم.
تراجع العمليات العسكرية الحكومية في الفترة الماضية منح حركة الشباب فرصة لملمة نفوذها
وقال وزير الدفاع الصومالي عبدالقادر محمد نور، في تصريح لإذاعة مقديشو الحكومية، الأسبوع الماضي إن “العمليات الأمنية التي تجريها قوات الجيش الصومالي في إقليم هيران حققت مكاسب أمنية ضد حركة الشباب حيث تم تحرير نحو عشر قرى وبلدات”.
وأضاف محمد نور “نثمن جهود جيشنا وشركائنا الذين وجهوا ضربة قوية لمقاتلي الشباب الذين ينشطون في تلك القرى بإقليم هيران”.
وأشار إلى أن العمليات الأمنية ستتواصل إلى حين تحرير جميع القرى من قبضة الإرهابيين.
وقال النائب السابق والمحلل الأمني محمد آمين إن “حركة الشباب تحاول خلط أوراق الحكومة الصومالية من خلال تنفيذ الهجوم الدامي الذي شهدته مقديشو من أجل تخفيف الضغط العسكري التي تواجهه في إقليم هيران”.
وأضاف آمين أن “العمليات الأمنية والغارات الجوية التي تعرضت لها حركة الشباب في إقليم هيران أدت إلى خسارتها قرى وبلدات كانت تسيطر عليها، وهو ما يؤثر سلبا على معنويات مقاتليها”.
وتابع “كلما واجهت الحركة ضغطا عسكريا من القوات الحكومية حاولت تنفيذ هجمات نوعية في عمق العاصمة، وذلك محاولة منها لتشتيت الخطة الأمنية الحكومية ورفع معنويات مقاتليها”.
وتسيطر حركة الشباب منذ ثماني سنوات على إقليم واحد من أصل 18 إقليما في البلاد بعد أن خسرت المدن الكبيرة أمام القوات الحكومية والأفريقية، إلا أنها تنشط داخل المناطق الريفية في جنوب البلاد ووسطها.