هجوم جزائري شرس على البنك الدولي: لماذا نحن وليس المغرب

الهجوم الجزائري الحاد على البنك الدولي يحمل بوادر أزمة دبلوماسية جديدة، تضاف إلى أزمات أخرى مع حكومات وهيئات دولية.
الخميس 2021/12/30
حقيقة تنكرها الجزائر

الجزائر- شنت الجزائر هجوما شرسا على البنك الدولي في أعقاب صدور تقرير له يتحدث عن المخاطر الاقتصادية التي تهدد البلاد، وبروز بوادر زلزال اقتصادي وتفشي دائرة الفقر، وهو ما اعتبرته تدخلا سافرا ومضللا للرأي العام الدولي.

وبدل أن تواجه السلطات الجزائرية التقرير برد مستقل وموضوعي بأرقام وتحاليل اقتصادية منطقية، فإنها تساءلت في بيان نشرته الوكالة الرسمية عن السبب الذي يجعل البنك الدولي يصدر تقريرا عن الجزائر ويتلافى انتقاد ما أسمته “بعض الدول والقوى المعادية” وذكرت اسم المغرب ضمن هذه القوى.

وقال التقرير الحكومي إن “البنك العالمي قد أشار إلى ‘الفقر في الجزائر’ في الوقت الذي تغاضى فيه عن وضعية الهشاشة المأساوية، وحتى الخطيرة والمدمرة السائدة في بلد مجاور من الجهة الغربية، وبذلك تكون المؤسسة قد فقدت كل ما تبقى لها من مصداقية”.

واعتبر مراقبون جزائريون أن النظام المرتبك سياسيا وشعبيا بدل أن يدافع عن نفسه وصورته داخليا وخارجيا اختار أن يرد من خلال توظيف عقدة المغرب، وهو ما يكشف عن أزمته وانفصامه عن الواقع خاصة أنه يتوجه إلى مؤسسة مالية دولية تنأى بنفسها عن الخلافات السياسية، مشيرين إلى أن النظام كان يفترض به أن يدافع عن نفسه وعن سياساته الاقتصادية الاجتماعية ويرد على التقرير بإحصائيات رسمية بغض النظر عن ثراء المغرب أو فقره فتلك مسألة لا تعني الجزائريين ولا الجهات المالية الدولية.

وحمل الهجوم الجزائري الحاد على البنك الدولي بوادر أزمة دبلوماسية جديدة، تضاف إلى أزمات أخرى مع حكومات وهيئات دولية، كما هو الشأن بالنسبة إلى لجنة حقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة.

النظام المرتبك سياسيا وشعبيا بدل أن يدافع عن نفسه وصورته اختار أن يرد من خلال توظيف عقدة المغرب

وأفردت وسائل إعلام حكومية وخاصة مساحات واسعة لتقرير تم بثه من طرف وكالة الأنباء الرسمية والتلفزيون الحكومي، أعربت فيه الجزائر عن غضبها الشديد من مضمون التقرير الأخير للبنك الدولي، واعتبرته إساءة للسمعة الاقتصادية للبلاد، كما وصفته بـ “المضلل”، قياسا بما يحمله من “معلومات ومعطيات مغلوطة” تستهدف تقديم صورة مشوهة عن الجزائر وتقديم خدمة لقوى معادية، حسب ما ورد في البيان.

وأوعزت الحكومة الجزائرية إلى وكالة الأنباء الرسمية والتلفزيون الحكومي بالرد، قبل أن تدخل وسائل إعلام محلية خاصة على خط التخندق ضد تقرير البنك الدولي، حيث تتداول نفس التعليق الذي جاء في صيغة رسمية وردّ شديد اللهجة.

ولجأ الرد الرسمي الجزائري، كالعادة، إلى نظرية المؤامرة للدفاع عن النفس بأن تحدث عن “مسعى قوي لتقديم رؤية سوداوية حول البلاد”، وأنه “تقرير دون أيّ قيمة، ولا يمت إلى الجانب المالي بصلة”، وأن “من الواضح أنه حُرّر بإيعاز من بعض الأطراف المعروفة بعدائها للجزائر”.

وضمن هذا السياق، أضاف التقرير أنه “من الواضح أن هناك مؤامرة لضرب استقرار البلاد من خلال هذه التقارير السلبية والمضرة، التي تعتمد على مؤشرات وحجج غير موثوقة ينشرها محرضون وأطراف مجهولة على شبكات التواصل الاجتماعي، علما أن هؤلاء تمولهم وترعاهم أطراف لا تتورع عن صب جام حقدها على الجزائر بهدف تغليط الرأي العام”.

Thumbnail

وهاجم التقرير الحكومي الجزائري البنك الدولي الذي “خول لنفسه ودون ذرة حياء، التنبؤ بحدوث ‘زلزال’ سيدمر العاصمة، مما قد يؤدي ويغذي الخوف في أوساط السكان، في حين تغاضى عن النتائج الاقتصادية الجيدة والاجتماعية”، كما أنه “تجرأ على اختراع أرقام” حول “وجود مزعوم للفقر”، في حين أن “مؤشرات الفقر جد مطمئنة”.

ولفت إلى أن “البنك العالمي قد زاغ عن دوره وتخلى عن مهامه، بعد تحريره لتقرير كاذب حول الجزائر، حيث كانت له حرية الجرأة على إصدار حكم حول وضعية الجزائر التي تعرف مع ذلك، تحسنا في كل المجالات بما في ذلك نسبة النمو”.

وعرج على توقعات الهيئة المالية الدولية التي وصفها بـ”الخاطئة ” العام 2019، حين رجحت لجوء الجزائر إلى الاستدانة، في حين أن “الوضعية المالية للبلاد كانت حينها تعرف تقويما كبيرا، بينما كان آنذاك المحظيون لديها ولدى لوبياتها يتخبطون في أزمات خطيرة اجتماعية واقتصادية”، في إشارة إلى ما وصفه سابقا بـ”القوى المعادية”.

ووصف تقرير البنك بـ”الرعونة”، فرغم أنه “يفترض أن يكون مؤسسة دولية مكلفة بإعداد تقارير مالية واقتصادية، وتقديم تحاليل موضوعية على أساس مؤشرات موثوقة وذات مصداقية، فضل في تقريره الهجوم على الجزائر، برعونة وبشكل مجاني حيث تنبأ بحدوث ‘زلزال اقتصادي’، قياسا بما اعتبره ‘هشاشة’ البلاد من حيث الصادرات”.

1