هجوم إرهابي طائفي يبدد السكينة في عمان

قوات الأمن العمانية تتمكن من تحييد منفذي الهجوم.
الأربعاء 2024/07/17
وضع مقلق

مسقط – هاجم ثلاثة مسلحين ليل الاثنين – الثلاثاء محيط مسجد للشيعة في العاصمة العمانية مسقط، وهو الهجوم الذي يأتي ليبدد عقودا من السكينة في السلطنة التي تعد واحدة من أكثر الدول أمنا واستقرارا في منطقة الشرق الأوسط.

وفي حين أصاب هذا الحادث النادر العمانيين بالصدمة، تمكنت القوات الأمنية العمانية من القضاء على المهاجمين الثلاثة. وقالت السلطات العمانية إن ستة أشخاص قتلوا، من بينهم رجل شرطة، خلال الحادثة. كما جرح 28 شخصا من جنسيات مختلفة، من بينهم عناصر أمن.

وقال محمد العريمي رئيس جمعية الصحافيين في عمان “مثل هذه الأعمال غير معتادة في السلطنة حيث لم نشهد خلال العقود الخمسة الماضية مثل هذه الأعمال الإجرامية والطائفية، لكن في نهاية المطاف عمان دولة غير معزولة وتتأثر وتؤثر في ما حولها سلبا وإيجابا”.

وأضاف لـ”العرب” أن “مثل هذه الأعمال الإجرامية حدثت في دول آمنة ومستقرة تنعم بالأمان وتحديدا في دول الخليج؛ حيث شهدت الكويت سنة 2015 مثلا هجوما مشابها”.

محمد العريمي: المهم هو أن نستفيد من هذه الأحداث ونتعلم منها
محمد العريمي: المهم هو أن نستفيد من هذه الأحداث ونتعلم منها

ودخلت باكستان على خط الحادث وعرضت المساعدة في التحقيق بينما تشير معلومات إلى أن المسجد كان يرتاده مقيمون من الجنسية الباكستانية لإحياء ذكرى عاشوراء.

وأكد مسؤولون باكستانيون أن من بين القتلى أربعة مواطنين باكستانيين، في حين أكدت الهند مقتل أحد مواطنيها في الحادثة.

ورجحت أوساط عمانية أن يكون المنفذون الثلاثة أجانب، غير مستبعدة أن يكونوا من جنسيات آسيوية واستغلوا حالة الانفتاح التي تشهدها السلطنة خلال السنوات الأخيرة للتسلل إلى البلاد وتنفيذ مخططهم.

وقالت وزارة الخارجية الباكستانية إن الهجوم وقع في مسجد علي بن أبي طالب. وقال مصدر محلي إنه معروف باسم مسجد الإمام علي ويصلي فيه الشيعة في سلطنة عمان ذات الغالبية السنية.

ووصفت وزارة الخارجية الباكستانية الهجوم، الذي وقع في منطقة الوادي الكبير بالعاصمة مسقط، بأنه هجوم “إرهابي”. وقالت إن 30 جريحا يتلقون العلاج في المستشفى.

وجاء الهجوم في وقت يحيي فيه الشيعة ذكرى يوم عاشوراء. واحتفال الشيعة بعاشوراء أحيانا يثير توترا طائفيا بين المسلمين السنة والشيعة في بعض البلدان، لكن هذا الأمر ليس معتادا في عمان التي نادرا ما تشهد توترات أمنية.

ففي عام 2005 أطلق مدرّس سابق النار داخل مبنى حكومي في مسقط متسببًا في وقوع قتيلين وجرح آخرين، قبل أن يقتل نفسه، حسب ما أفادت به وكالة الأنباء العمانية آنذاك التي أشارت إلى أن دوافعه كانت “شخصية”.

واعتبر العريمي أن “المهم هو أن نستفيد من هذه الأحداث ونتعلم منها ونبحث عن الدوافع والمسببات التي أدت إلى حدوثها”، مشددا على أن الأجهزة الأمنية في السلطنة مؤهلة تأهيلا عاليا للتعامل مع مثل هذه الأحداث.

وناشد السلطات تقديم تفاصيل ومعلومات دقيقة إلى الرأي العام حتى لا توظّف وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الفراغ الإعلامي في نشر الشائعات.

صحيح أن المعروف عن عمان هو وقوفها على الحياد في العديد من القضايا الإقليمية، لكن مواقفها الرسمية الأخيرة حيال إيران والوضع في اليمن ودعم هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تضمنت رسائل داخلية وخارجية بشأن بوادر حدوث تغييرات جذرية في التوازنات المذهبية في البلاد.

وعاد السفير الباكستاني في عُمان عمران علي بعض الجرحى في المستشفيات، وفق ما أفادت به السفارة على منصة إكس.

ونشرت السفارة مقطع فيديو دعا فيه السفير الجالية الباكستانية في السلطنة إلى التعاون مع السلطات المحلية وتجنّب الذهاب إلى موقع إطلاق النار.

وقال علي “لقد زرتُ ثلاثة أو أربعة مستشفيات. وبفضل الله، جميع المصابين بخير”.

وأضاف “نحن على تواصل مع السلطات العمانية وكذلك المستشفيات. وموظفونا على أهبة الاستعداد للتبرع بالدم في حالات الطوارئ في السفارة”، مشيرًا إلى أنه تم إنشاء خط ساخن لتلقي اتصالات من الجرحى وأقاربهم.

حح

وأصدرت سفارة الولايات المتحدة في مسقط تحذيرًا أمنيّا إثر إطلاق النار وأعلنت إلغاء كل المواعيد للحصول على تأشيرات دخول الثلاثاء. وكتبت السفارة عبر منصة إكس “على المواطنين الأميركيين توخي الحذر ومتابعة الأخبار المحلية والامتثال لتعليمات السلطات المحلية”.

وصباح الثلاثاء كانت المنطقة لا تزال مطوّقة أمنيّا وقد تعذّر على المصوّرين والصحافيين الوصول إليها. ولفتت الشرطة في بيانها إلى أنّه “تمّ اتّخاذ كافة التدابير والإجراءات الأمنية للتعامل مع الموقف، وتستكمل إجراءات جمع الاستدلالات والتحقيق”.

ونشرت حسابات والعديد من وسائل الإعلام مقاطع فيديو تظهر أشخاصا يتفرّقون وسط دوي طلقات نارية قرب مسجد الإمام علي، وهم يهتفون “يا حسين” مناجاة للإمام الثالث عند الشيعة وحفيد النبي محمد.

1