هجمات غير مسبوقة تطال اللاجئين الإريتريين في إثيوبيا

مقتل خمسة أشخاص على الأقل في هجوم على مخيم باهرالي للاجئين.
الثلاثاء 2022/03/01
إثيوبيا لم تعد آمنة للاجئين الإريتريين

سمرا (إثيوبيا) - في مشهد بات مألوفا خلال الحرب الإثيوبية، يفر الآلاف من اللاجئين الإريتريين الذين يعانون من الصدمة وافترقوا عن أحبائهم سيرا على الأقدام في مناطق وعرة هربا من المدفعية والأسلحة النارية.

وتكرر المشهد الشهر الحالي بعدما تعرّض مخيم باهرالي للاجئين في منطقة عفر (شمال شرق) إلى هجوم، بحسب الناجين، شنّه متمرّدون من تيغراي المجاورة.

وقتل خمسة أشخاص على الأقل وخُطف عدد غير محدد من النساء. وأما أولئك الذين حالفهم الحظ ونجحوا في الفرار، فتفرّقوا في أنحاء عفر بانتظار مستقبل ضبابي في بلد كانوا يرون فيه ملاذا من دولتهم القمعية.

ومثّل الاعتداء أول استهداف للاجئين الإريتريين خارج تيغراي، حيث بدأت الحرب، وكان أول هجوم من نوعه ضد لاجئين إريتريين منتمين إلى أقلية عفر العرقية.

لكن من جوانب أخرى، كانت الحادثة ضمن نمط بات مألوفا يسلط الضوء، بحسب محللين، على إخفاقات الحكومة الإثيوبية والمتمرّدين والمجتمع الدولي.

113 ألف لاجئ إريتري مسجل في منطقتي تيغراي وعفر بحسب الأمم المتحدة

كما أعادت إلى الواجهة النقاش بشأن كيفية حماية المجموعة الأكثر عرضة للخطر في ثاني بلد أفريقي من حيث عدد السكان.

وقالت ساره ميلر من منظمة “اللاجئين الدولية”، “لا يمكن التأكيد بقدر كاف إلى أي حد يعد هذا الوضع غير مسبوق”، مشيرة إلى “حجم ونطاق” الانتهاكات ضد الإريتريين في كل مرحلة من الحرب المتواصلة منذ 15 شهرا. وأضافت “إثيوبيا لم تعد آمنة بالنسبة إلى اللاجئين الإريتريين”.

وتواجد اللاجئون الإريتريون منذ وقت طويل في شمال إثيوبيا، حيث وصلوا عام 2000 في أواخر حرب حدودية تواصلت لعامين وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف.

وقبل اندلاع النزاع الحالي، بلغ عدد اللاجئين الإريتريين المسجّلين في تيغراي وعفر حوالي 113 ألفا، بحسب الأمم المتحدة.

وكان معظمهم من الفارين من حكم الرئيس أسياس أفورقي، الذي دفع سجّله في حقوق الإنسان البعض إلى وصف إريتريا بـ”كوريا الشمالية الأفريقية”.

وفاز رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد بجائزة نوبل للسلام عام 2019 على خلفية تقاربه المفاجئ مع رئيس إريتريا بعد جمود في العلاقة استمر لعقدين.

لكن العداوة بقيت بين أسياس و”جبهة تحرير شعب تيغراي”، الحزب الحاكم لتيغراي سابقا، وبالتالي شعر اللاجئون الإريتريون بالأمان في الإقليم.

لكن الوضع تغيّر بعدما أرسل أبيي أحمد قوات للإطاحة بجبهة تحرير شعب تيغراي في نوفمبر 2020، وحشد دعم الجنود الإريتريين.

Thumbnail

وفي بداية النزاع، تعرّض لاجئون في مخيمين قرب الحدود إلى انتهاكات شملت عمليات قتل واغتصاب ونهب، على أيدي متمرّدين من تيغراي وجنود إريتريين في ما وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش بـ”جرائم حرب واضحة”.

وتدمّر المخيّمان في نهاية المطاف في هجوم بعدما سيطرت القوات الإريترية على المنطقة. وما زال الآلاف في عداد المفقودين.

وفي يوليو الماضي، وصلت المعارك إلى مخيمين آخرين في جنوب تيغراي. وانقطعت مذاك المساعدات الغذائية والطبية عن اللاجئين هناك، بينما قتل ثلاثة منهم في ضربة نفّذتها طائرة مسيّرة في يناير.

وبدأ الهجوم على مخيّم باهرالي في الثالث من فبراير كجزء من عملية أوسع في عفر يقول دبلوماسيون إنها تشكّل آخر انتكاسة في طريق محادثات السلام المأمولة.

وقالت إحدى الناجيات في شهادة حصلت عليها هيئة إغاثة “استخدمت أسلحة ثقيلة ضد مخيم اللاجئين وسيطرت قوات تيغراي على المنطقة. في اليوم نفسه، بدأوا بنهب الممتلكات”.

وأضافت المرأة التي انفصلت مذاك عن شقيقتها وابنها البالغ من العمر تسع سنوات “خطفوا بعض اللاجئات، لا نعرف مكانهن”.

واحتمى المئات من اللاجئين الذين كانوا في مخيم باهرالي في فندق “أغدا” في سمرا عاصمة عفر، حيث تجمّعوا تحت صناديق من الورق المقوّى والأشجار في باحة المبنى لوقاية أنفسهم من الشمس.

وقال أبوأحمد “على مدى ثلاثة أيام، لم نحصل على أي طعام أو مياه، لكن الخوف منعنا من التفكير في كل ذلك”.

Thumbnail

ورفض ناطق باسم جبهة تحرير شعب تيغراي الاتهامات لعناصره بمهاجمة اللاجئين واصفا إياها بـ”الشائعات”.

وأفاد الناطق باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نيفين كرفينكوفيتش الأسبوع الماضي أنه من بين 34 ألف لاجئ مسجّلين في باهرالي ومحيطها، لا يعرف مكان إلا أقل من نصفهم (14250 لاجئا).

وتخطط إثيوبيا لإيوائهم في “موقع مؤقت” في سردو، على بعد 40 كلم شمال شرق سمرا. لكن محاولات إقامة مواقع في مناطق أخرى في البلاد مضت ببطء شديد.

وأفاد لاجئون أنهم شعروا بألم شديد لاضطرارهم مغادرة باهرالي، لكنهم استسلموا لظروفهم.

وقالت حليمة كيدر التي تمكنت من العثور على واحد فقط من أطفالها الثمانية منذ الهجوم “إذا أخذ الله مني عائلتي ومكان سكني، فلا خيار لدي غير تقبّل الأمر”.

بالنسبة إلى ميلر من منظمة اللاجئين الدولية، تسلّط معاناة الإريتريين الضوء على الإخفاقات الأوسع في حماية المدنيين خلال حرب أودت بحياة الآلاف، بحسب الأمم المتحدة وواشنطن، وتركت مئات الآلاف على حافة المجاعة.

وقالت “على المجتمع الدولي أن يحاسب نفسه ويفكر مليا في ما يحدث في إثيوبيا”. وأضافت “تقع على عاتقنا مسؤولية خاصة حيال اللاجئين الإريتريين، إذ أن أحدا لا يقف في صفّهم ولا أحد يحميهم”.

5