هبوط أسعار البنزين رهن هدنة منتجي أوبك والنفط الصخري

شركات النفط الصخري تكافح نقصا في العمالة والمعدات فيما يلف الغموض الطلب بدرجة يستحيل معها زيادة الإنتاج في وقت تتعافى فيه الصناعة من الركود.
الخميس 2021/11/18
تقاطع العرض والطلب في السوق أربكنا

ينظر المحللون إلى مسألة هبوط أسعار البنزين على أنها إحدى المعارك الجانبية التي سيشهدها 2022 بين مجموعتين من المنتجين تكافحان لزيادة الإنتاج النفطي في أعقاب الجائحة هما منظمة أوبك وحلفاؤها من ناحية أولى والشركات الأميركية للنفط الصخري من ناحية ثانية.

نيويورك- ساهم بطء استجابة صناعة النفط العالمية لزيادة الطلب هذا العام في ارتفاع أسعار الطاقة بشدة ومعها الضغوط التضخمية في مختلف أنحاء العالم.

ومع تعافي الاقتصاد وعودة الناس إلى الانتقال بركوب السيارات والقطارات والطائرات عاد الطلب العالمي على النفط إلى مستوياته قبل الجائحة تقريبا.

ولم يتعاف العرض بالسرعة ذاتها ولذا فإن هذه الصناعة تستهلك النفط الموجود في مخزوناتها لمجاراة الطلب. وقد ارتفعت الأسعار إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات متجاوزة 86 دولارا للبرميل ويحذر اقتصاديون من أنها قد تتجاوز 100 دولار بما يهدد التعافي.

وليام بيري: ليس من الملائم زيادة الإنتاج عن الحاجة في سوق هشة

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينقلب الحال في سوق النفط التي يبلغ حجمها قرابة مئة مليون برميل يوميا إلى فائض في الربع الأول من العام المقبل وأن يفوق العرض الطلب بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا بما يدفع الأسعار غلى التراجع. وتقدر أن الزيادة في المعروض قد ترتفع إلى 2.2 مليون برميل يوميا في الربع الثاني.

وهذه التقديرات تتوقف على زيادة إنتاج تحالف أوبك+ 400 ألف برميل يوميا كل شهر في إطار تراجع تدريجي عن تخفيضات الإنتاج التي اضطر للجوء إليها خلال الجائحة.

لكن تقرير الوكالة الشهري الصادر الثلاثاء الماضي أظهر أن أوبك+ ليست قريبة بأي حال من تحقيق أهدافها إذ أنتجت نحو 700 ألف برميل يوميا أقل من هذه المستويات في سبتمبر وأكتوبر الماضيين.

ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى اثنين من كبار المنتجين في أفريقيا هما نيجيريا وأنغولا اللتين يرجح أن تؤثر مشاكل الصيانة والاستثمار لديهما سلبا على الإنتاج في العام المقبل.

وإذا استمر الإنتاج دون المستوى المستهدف فربما يمحو قدرا كبيرا من الفائض في الربع الأول ويبقي التوتر على صعيد العرض والطلب في الأسواق لفترة أطول.

ورفعت الوكالة توقعاتها لمتوسط الأسعار في العام 2022 إلى 79.4 دولار للبرميل رغم أنها قالت إن زيادة العرض قد تخفف من ارتفاع الأسعار بعض الشيء.

وحذرت شركة ترافيغورا عملاق تجارة السلع الأولية من “سوق يقل فيها العرض عن الطلب جدا” مع تراجع الاستثمار في الإنتاج لأسباب منها انتقال الصناعة إلى مصادر مستدامة للطاقة بما يزيد الضغوط السعرية.

وطالبت الولايات المتحدة وغيرها من كبار مستهلكي الطاقة أوبك+ بزيادة الإنتاج بوتيرة أسرع غير أن التكتل رفض بسبب المخاوف من أن تؤدي الجائحة من جديد إلى تراجع الطلب خلال فصل الشتاء في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.

شركة ترافيغورا: تراجع الاستثمار في الإنتاج أدى إلى خلل كبير في السوق

وتتطلع السوق الآن إلى صناعة النفط الصخري الأميركية التي كانت مصدر معظم الزيادة في الإنتاج من خارج أوبك خلال العقد الماضي.

وقال ماركو دناند الرئيس التنفيذي لشركة مركوريا إنرجي التجارية في قمة رويترز لتجارة السلع الأولية هذا الأسبوع “ثمة عنصر واحد ربما يمكن فيه زيادة القدرة وهو النفط الصخري في الولايات المتحدة”.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية زيادة كبيرة في الإنتاج الأميركي من الخام والسوائل المصاحبة للغاز قدرها 480 ألف برميل يوميا خلال الربع الثاني من 2022 وبمقدار 1.1 مليون برميل يوميا خلال العام 2022 بأكمله.

أما توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية في الأجل القريب فهي أقل إذ أنها ترى أن إنتاج النفط الخام وسوائل الغاز سيرتفع بمقدار 220 ألف برميل يوميا في الربع الثاني.

وتتوقع الإدارة أن تتسارع وتيرة الإنتاج الأميركي في الربع الثاني من 2022 لتصبح الزيادة في العام كله 1.25 مليون برميل يوميا من الخام وسوائل الغاز. لكن استجابة منتجي النفط الصخري كانت أبطأ مما كان عليه الوضع خلال فترات الزيادة السابقة في الأسعار.

فقد طالب المستثمرون وحملة أسهم الشركات بقدر أكبر من الانضباط في استثمارات الصناعة مما كان عليه الوضع في دورات الصعود والهبوط السابقة وعاقبوا الشركات التي تستثمر في القدرة الإنتاجية وأثابوا تلك التي توزع أرباحا وتعمل على تقليص ديونها.

جيفري كاري: الأسعار مرتفعة ولا نرى زيادة كبيرة في عدد منصات الحفر

وقال جيفري كاري رئيس بحوث السلع الأولية في غولدمان ساكس في قمة رويترز “نحن عند سعر 83 دولارا لمزيج برنت ولا نرى زيادة كبيرة في عدد منصات الحفر”.

وتكافح شركات النفط الصخري نقصا في العمالة والمعدات بينما يقول آخرون إن الغموض يلف الطلب بدرجة يستحيل معها زيادة الإنتاج في وقت تتعافى فيه الصناعة من الركود الناجم عن الجائحة.

وقال وليام بيري الرئيس التنفيذي لشركة كونتننتال ريسورسز “الوضع لا يزال في غاية الهشاشة. لا أعتقد أن من الملائم لأحد في الصناعة أن يزيد إنتاجه عن الحاجة في هذه السوق الهشة التي تنطوي على زيادة المعروض عن الطلب”.

ويعمد منتجو النفط غير الأعضاء في أوبك في أميركا اللاتينية إلى زيادة الإنتاج. ومن المقرر أن تنتج غيانا الجديدة نسبيا على مسرح النفط العالمي 220 ألف برميل إضافية في شبكة الإنتاج العائمة التي تديرها شركة إكسون في أوائل العام المقبل.

وكذلك تعمل شركة بتروليو برازيليرو التي تديرها الدولة في البرازيل على زيادة الإنتاج من منصتها العائمة كاريوكا التي تبلغ قدرتها الإنتاجية 180 ألف برميل يوميا والتي بدأت الإنتاج في أغسطس في حقل سيبيا في المياه العميقة بحوض سانتوس.

وقال فرانشيسكو مونالدي مدير برنامج الطاقة في أميركا اللاتينية بمعهد بيكر بجامعة رايس إن “فنزويلا شهدت زيادة في صادراتها بعد تلقيها مكثفات إيرانية وإن كان الغموض يكتنف احتمال استمرار هذا الاتجاه”.

أما آن لويز هيتل نائبة الرئيس بشركة وود ماكينزي الاستشارية فترجح أن يرتفع الإنتاج الكندي بما يقرب من 100 ألف برميل يوميا في الربع الأول من 2022 غير أن شركات النفط في كندا رابع أكبر منتج للنفط في العالم تعمل أيضا على تقييد الإنتاج.

وكالة الطاقة الدولية تتوقع زيادة كبيرة في الإنتاج الأميركي من الخام والسوائل المصاحبة للغاز قدرها 480 ألف برميل يوميا خلال الربع الثاني من 2022

وأوضحت أن إجمالي المعروض النفطي قد يبلغ 99.8 مليون برميل يوميا في الربع الأول من العام المقبل متجاوزا الطلب الذي قدرته بنحو 98.9 مليون برميل يوميا.

إلا أن شركة أف.جي.إي لاستشارات الطاقة حذرت من أن التوازن بين العرض والطلب في السوق ربما يتغير بسرعة لانخفاض مخزونات الدول المتقدمة إلى أدنى مستوى منذ ست سنوات.

وقالت الشركة “رغم أن الأسعار ستتجه على الأرجح إلى النزول من الذروة التي بلغتها الشهر الماضي فإن وضع المخزونات المنخفضة حاليا يغذي مخاطر ارتفاع الأسعار في الشهور القليلة المقبلة”.

11