هبة الكاتب

الجمعة 2014/12/19
المنتج الثقافي السوري في لحظته الراهنة ليس أكثر من إثبات وجود

لا يمكن للسوريين أن يقدموا نتاجاً ثقافياً طبيعياً في السنة الرابعة من ثورتهم، ومن الحرب التي تجري على أرضهم. ما يقدمونه في هذه اللحظة الراهنة هو نتاجهم هم، لا ما يتوقعه العالم منهم.

ففي الحيز المتاح للمثقفين السوريين، في الداخل المتعدد والمتشظي بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة القوى المسلحة الأخرى، يصبح الثقافي محدداً ومقنناً، إلى درجة أن كتابة قصيدة تصبح إنجازاً، يتم الاحتفال به على أنه صمود وصبر في مواجهة الواقع.

وفي حيز المنفى أو مخيمات اللجوء، يصبح المنتج الثقافي أشبه بترف يعلو بصاحبه عن الألم، الذي لا يجب أن يخرج السوري عنه، كي لا يتغرب عن واقعه.

طيلة عام كامل، قدم العشرات من السوريين، كتباً جديدة، وأعمالاً فنية كثيرة، لم يخرج أغلبها عن تفاصيل المشهد على الأرض، ولعل ارتباطها بهذا الواقع قد خفف من معيارية نقدها، فبات وجود النص منحة، أو هبة يقدمها هؤلاء، يجب أن تقابل بالشكر والعرفان.

المنتج الثقافي السوري في لحظته الراهنة ليس أكثر من إثبات وجود، وربما سيحتاج السوريون إلى سنوات إضافية بعد أن تنتهي مأساتهم، كي يستعيدوا عافية الطبيعي، ليعود نصهم طبيعياً هو الأخر.

ورغم ما سبق، يمكن أن نلحظ ملمحاً مهماً في المشهد، هو ظهور أسماء جديدة، تنتقل من الهامش، إلى المتن، لتثبت رؤاها الجديدة، وإن كان الحامل الأساسي لظهورها، هو تبرعمها في هذا الشتاء القارس.

صحيح أن مساحات البروباغاندة أوسع كثيراً مما يمكن للمثقف الحقيقي أن يتحمله، ولكننا لا نحتاج جهداً كثيراً لنرى كيف يبتعد المثقفون (حملة الرؤى) عن الواجهة. ليخلدوا إلى اشتغال على مشاريع - ستظهر لاحقاً- تقرأ المرحلة خارج قعقعة الشعارات والسلاح.

14