محافظات الوسط والجنوب مقبلة على مرحلة فوضى لا شك فيها، ومقاتلو الحشد سيعودون إليها وفي رؤوسهم أحلام الوظيفة وحلاوة الراتب الشهري.

لماذا أسرع وزير الداخلية والقيادي في ميليشيا بدر، محمد الغبان، بتقديم استقالته بعد ساعات من وقوع الحادث بحجة أن رئيس الحكومة فوض صلاحيات وزارته إلى قيادة عمليات بغداد؟ ولماذا سارع العبادي بقبول الاستقالة فورا؟.

ما ساعد على انتشار موجة القلق على مستقبل محافظة الأنبار التراخي الحكومي في التعاطي مع مشكلاتها السابقة والمستجدة، واحتلال الميليشيات الشيعية لمناطقها الجنوبية (النخيب) وتوابعها.

إيران تسعى إلى قطع وشائج عميقة بين العراقيين العرب وأشقائهم في الجوار، خاصة بين القبائل والعشائر التي ظلت متمسكة بعروبتها ووطنيتها، وهذا تحاربه إيران وتعمل على أن يتقدم المذهب والطائفة على المواطنة والقومية.

البداية كانت عندما تبنى وزير الخارجية القطري السابق، خالد العطية، مشروعا لجمع قوى المعارضة السنية في جبهة سياسية واحدة، ووجه الدعوة إلى ثلاث قوى عدّها أساسية لزيارة الدوحة، وهي حزب البعث، وهيئة العلماء المسلمين، وحركة المشروع العربي.

من يريد التصدي للعملية السياسية المتهالكة في العراق باعتراف صناعها الأميركان، يجب أن يلتزم منهجا واضحا لتقويضها وخطوات صريحة لإنهاء ركائزها، لا أن يسعى إلى "تعديلها" من داخلها وهي المعوجة أصلا ولا ينفع فيها الترقيع.

مؤتمر باريس أثبت أنه أحادي التشكيل وقصير النظر وفارغ المضمون، اقتصر على جماعة واحدة جديدة على الساحة السياسية، وهدف إلى تلميع صورة راعيه وكأنه الزعيم السياسي الوحيد القادر على إنقاذ العراق.

هل نصدق أن زلماي خليل زاده تاب وعاد إلى جادة الصواب؟ وهو واحد من مهندسي غزو العراق وأحد رموز الاحتلال البغيض، والذاكرة العراقية الجماعية مازالت تحتفظ له بمواقف مروعة ودمار وتخريب، وتكريس للمحاصصات الطائفية والعرقية.

الذين يعدون أنفسهم لاحتلال مكان الجبوري، كلهم من طينة واحدة وحرام وباطل انتسابهم إلى السنّة العرب، فالانتماء إلى المجتمع السني العربي لا يعني شيئا إذا كان الولاء لغيره، وخاصة لمن يتربص به ويتآمر على اجتثاثه.

لا حل في الأفق القريب لأزمات العراق المتلاحقة، ما دامت الأحزاب الشيعية، وعلى رأسها حزب الدعوة، تتسيد المسرح السياسي يعاونها كأجير لديها الحزب الإسلامي، وعملية إزاحتها ليست سهلة في مثل هذه الظروف السائدة.

السنة العرب في العراق باتوا على قناعة بأن الجبوري وشلة اتحاد القوى ونواب سنة المالكي، هم مجرد تجار يبيعون نكبات ناخبيهم وكوارث مناطقهم ويقبضون مقابلها الفتات للاستمرار في مقاعدهم النيابية المتهالكة.

سليم الجبوري عاد إلى موقعه من جديد، ولكنها عودة مخجلة تفرض عليه تسديد فاتورة من أيده، وهي فاتورة باهظة الثمن سيدفعها السنة العرب وهم يعيشون في مخيمات النزوح وتحت قهر داعش وقمع الميليشيات الشيعية.

من المفارقات أن تتحد واشنطن وطهران في التباكي على الشرعية والتمسك بالدستور، وهما من ساهمتا في تدمير العراق وإيصاله إلى ما هو عليه الآن من انحطاط وفتنة وانهيار، وكل منهما يكمل الثاني في تنفيذ أجندته.

لا مستقبل واعدا للعراق ما دام هذا الرباعي يحكم في بغداد ويتحكم بمصير عرب العراق ويصادر إرادتهم وينهب مواردهم ويفسد الأخلاق ويدمر القيم الوطنية.

ترشيح علي علاوي لوزارة المالية وإلحاق وزارة التخطيط بها، وهو المعروف بهواه الأميركي وتشبثه الطائفي، يشكل معطيات توحي بأنه سيكون رجل المرحلة المقبلة بما تحمله من مسارات تبدو غير مسبوقة.

أزمة العراق أكبر من أن تحل باعتصامات متفق عليها أو بتصريحات تطلقها قيادات أحزاب وتيارات ساهمت في تخريب العراق وتدهوره، وفي مقدمتها حزب الدعوة وكل من آزره وعاونه وشارك في حكوماته.

مواقف وسياسات لو تم ربطها ببعضها لتوصلنا إلى أن العراق خاضع إلى النفوذ الإيراني على غرار لبنان واليمن، والعامري في العراق هو مثل نصرالله في لبنان، والحوثي في اليمن.

محافظة ديالى تتعرض إلى مؤامرة إيرانية لتشييعها وتغيير هويتها، والوقائع على الأرض تؤكد ذلك يوميا في ظل صمت مطبق لنوابها في البرلمان.