هادي الجيار يتهم من هاجموا مسلسل "الأسطورة" بالشخصنة

يملك الفنان المصري هادي الجيار علاقة إيجابية للغاية مع الدراما الرمضانية منذ زمن بعيد، حيث شارك في عدد من أنجح الأعمال التي ارتبطت بالشهر الكريم منها “المال والبنون” و”الضوء الشارد” و”سوق العصر”.
كانت إطلالته الأخيرة في رمضان الماضي من خلال شخصية مختار الدسوقي في مسلسل “الأسطورة” مع محمد رمضان الذي لم ينقذه نجاحه المدوي من النقد السلبي، باعتباره يرسخ للبلطجة بين الشباب.
ومع ذلك عاتب الجيار في حوار مع “العرب” من كتبوا يتهمون المسلسل بالترويج للبلطجة، وقال إن “مسلسل الأسطورة استطاع أن يصل إلى قلوب المشاهدين، لأنه يعبر عنهم ما جعلهم يتفاعلون مع أحداثه كأنهم يعيشونها، وكان من المفترض أن ينشغل النقاد بهذه الحالة وبحث أسباب التفاف الناس حول المسلسل، بدلا من انتقاده”.
هو والنقد
يجد الفنان هادي الجيار أن النقاد من ذوي العلم والمعرفة قليلون جدا ومعظمهم غير معروفين، مقارنة بالذين يتخذون من النقد عملا دون دراسة، ما حوّل معظم الأقلام النقدية التي تناولت الأعمال الفنية مجرد انطباعات شخصية.
وأكّد لـ”العرب” أنه لا يوجد عمل فني في العالم لا يسلم من الانتقاد مهما توافرت فيه عوامل النجاح، ودائما توجد مآخذ معينة على أيّ عمل، ومن الضروري على الناقد الجيد أن يتناول مواطن الضعف والقوة في أيّ عمل فني بشكل محايد دون شخصنة.
معايير الجيار لتقييم أيّ عمل فني هي أن يتوفر له النص الجيد، وبالتالي الفكرة الجيدة التي يؤديها فنانون جيدون كل منهم يؤمن بدوره تحت قيادة مخرج مثقف لديه أدواته ومنتج يستطيع تقديم هذه التوليفة.
ورفض هادي النبرة التي تتردد بكثرة مؤخرا بشأن أن تراجع مستوى الفن سببه غياب المؤلفين الموهوبين، وقال إن لدينا مؤلفين من الشباب المبدعين، لكن تنقصهم الخبرة أو “يفتقدون إلى النَفَس في الكتابة”، وذلك ما يمكن لهم اكتسابه من خلال ورش الكتابة.
ورغم أن الجيار يرفض الكتابة الجماعية أو ما يطلق عليه “الورش”، بالنسبة للفيلم السينمائي أو العمل الدرامي بشكل عام، لأن كل كاتب له رؤية معينة وإحساس مختلف، وبالتالي جملة مختلفة، إلاّ أنه لا يمانع في وجود هذه الآلية، خاصة بعدما نجحت بالفعل في أكثر من عمل، ويمكن تنفيذها مع المسلسلات ذات الأجزاء المتعددة التي وإن كانت فكرة غير عربية، لكنها تلقى قبولا لدى الجمهور. وانتقد إعادة إنتاج الأفلام القديمة دراميا، لأن هذه الأعمال رسخت في وجدان المتلقي بالممثلين القدامى الذين أدّوا الأدوار، وبالتالي لا يمكن لأيّ كاتب أن يعيد هذه الحالة الوجدانية من جديد.
عن غياب كبار الممثلين في المشهد الفني، يقول الجيار “المسألة عرض وطلب، لكن مسلسلا مثل الأسطورة أعاد اكتشافهم مجددا عبر الاستعانة بالفنانة فردوس عبدالحميد، وصورة الفنان الراحل عبدالله غيث ما يشعرك أنك أمام مسلسل ذو بعد تاريخي وفني، وأعتقد أن ذلك من العوامل التي ساعدت في الالتفاف حوله”.
رغم ظهوره في أكثر من عمل درامي خلال السنوات الماضية، من خلال أدوار مميزة، يرى هادي الجيار أن الدراما في مرحلة المخاض منذ خمس سنوات، وكان لديه إحساس بأنها لن تستعيد عافيتها عقب ثورة 25 يناير2011، وما حدث بعدها من توقف للنشاط الفني.
المفاجأة السعيدة بالنسبة إليه هي تسارع الإنتاج الدرامي ما سمح له بالمشاركة في مسلسلي “شارع عبدالعزيز” و”سلسال الدم”، ما دفعه إلى التنازل عن جزء من أجره، باعتبار أن ذلك طاقة أمل فُتحت أمام الوسط الفني، متحدية حالة الانفلات الأمني في تلك الفترة.
معايير الجيار لتقييم أي عمل فني هي أن يتوفر له النص الجيد، وبالتالي الفكرة الجيدة التي يؤديها فنانون جيدون
مخاض درامي
مع كل هذا النجاح النوعي الذي حققه أصر الجيار في حواره مع “العرب” على أنه لا تجب مقارنة الأعمال الدرامية الحالية بمسلسلات قديمة مثل “المال والبنون”، لأنها سوف تظلم الأعمال الحالية بسبب تغير الظروف والمناخ الفني.
وعن السينما أكد الجيار أن الهجوم على المنتجين أحمد ومحمد السبكي رغم اعتراضه على البعض من أعمالهما التي قدمت من قبل عائلة السبكي، غير مبرر، ولا سيما أن أعمال (السبكي) ساهمت طوال سنوات القحط الإنتاجي في الحفاظ على صناعة الفن من الاندثار.
وعن الحلول التي يراها لاستعادة السينما أو الفن النظيف كما يردد البعض، قال “الوقت الحالي يحتاج إلى تكتلات إنتاجية كبيرة للخروج بعمل فني يستحق المشاهدة سواء من القطاع الخاص أو الإنتاج العربي المشترك”.
وأضاف أن الدولة المصرية غائبة تماما عن الإنتاج وتجب عودتها مرة أخرى لدعم الفن هذا الموسم على وجه التحديد، باعتبار أنه مشروع قومي لا بدّ من الاهتمام به، خاصة أن بعض الأعمال قد تغيّر من المزاج العام للشعوب.
وضرب مثالا على ذلك بمسلسلي “رأفت الهجان” الذي ارتبط به الجمهور و”أم كلثوم” الذي وجد صدى جماهيريا كبيرا لدى العديد من الشعوب العربية، كما أن أغنية واحدة داخل عمل فني كفيلة بإحداث ذلك التأثير.
ورغم أن بداية هادي الجيار الفنية كانت على المسرح من خلال “مدرسة المشاغبين”، إلاّ أنه طوال عمله في الفن لم يقدم إلاّ خمس مسرحيات فقط، منها “لما قالوا ده ولد”، و”أحلام ياسمين” مع مسرح الدولة الذي بدأ يشهد محاولات حثيثة لإحيائه.
وأثنى الجيار على المحاولات التي تقدم في هذا المجال، ووصفها بأنها جيدة تساهم في إعادة الحياة إلى خشبة المسرح مرة أخرى مثل “ليلة من ألف ليلة” ليحيى الفخراني، و”غيبوبة” لأحمد بدير، لكنه لا يستطيع توقع ثمار هذه المحاولات حتى الآن.
ورفض الجيار الاتهامات التي كيلت للمسرحية الشهيرة “مدرسة المشاغبين” بأنها أول عمل فني ساهم في إفساد الشباب والتعليم، ودليله على ذلك أن المُعلمة عندما أدركت مشكلات الشباب استطاعت أن تصلح أحوالهم وتجعل منهم طلبة متفوقين.
الحديث عن “مدرسة المشاغبين” التي صنفها هادي على أنها واحدة من أهم الأعمال في تاريخ المسرح المصري، جدد لديه الحنين للوقوف على خشبة المسرح، ولا يزال مقتنعا بأن الفنان لا يجب أن يسعى إلى تجسيد أيّ شخصية أو إلى المشاركة في عمل ما، فهو معروف لدى صناع الفن، قائلا “الدور ينادي صاحبه”.
وحول ابتعاده عن السينما أكد أنه لم يبتعد وإنما يعاني من تجاهل صناع السينما له، وبلهجة تجمع بين السخرية والمرارة، قال “يبدو أنهم يجدون في ملامحي الجادة ما لا يتناسب والسينما، خاصة مع النوعية الحالية من الأفلام”.