هاجس الأمن الغذائي يدفع الأردن إلى الزراعة العضوية

الحكومة الأردنية تعكف على تحقيق تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
الخميس 2021/12/16
تحدي المياه هو التحدي الأكبر في القطاع الزراعي

عمّان - يدفع هاجس تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء بشكل مستدام الأردن إلى مطاردة الجدوى من وراء توسيع مشاريع الزراعة العضوية على الرغم من بعض التحديات التي تواجهها في طريق تجسيد أهدافها واقعيا.

وتعكف الحكومة بمساعدة منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) على اعتماد هذا الأسلوب في عمليات زرع المحاصيل لمواجهة آثار التغير المناخي المدمر على القطاع والذي أبقى البلد من بين أكثر دول المنطقة استيرادا للغذاء.

وشهدت البلاد، شحيحة الموارد، خلال الأعوام الماضية ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة صيفا بسبب موجة الجفاف التي ضربت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما أدى إلى اختلال واضح في الدورات الزراعية وتغير في مواقيتها السنوية.

فاو تدعم المزارعين في محافظة معان عبر مبادرة بقيمة 1.13 مليون دولار تستمر عامين

ووقعت وزارة التخطيط ووزارة الزراعة الأردنيتان اتفاقية مع منظمة فاو لتنفيذ مشروع مبادرة الإنتاج والاستخدام المستدامين للموارد الزراعية الطبيعية في محافظة معان من خلال منحة مقدمة من إيطاليا تبلغ قيمتها حوالي مليون يورو (1.13 مليون دولار).

ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى وزير التخطيط ناصر الشريدة قوله إن “120 أسرة تتكون من 660 شخصا ستستفيد من هذه المبادرة التي ستستمر لعامين”.

وسيتضمن المشروع أنشطة لتوفير أنظمة تجميع مياه الأمطار وتوفير معدات تجهيز الأغذية، إضافة إلى برنامج بناء القدرات لتزويد المستفيدين بالمهارات اللازمة لتعظيم استخدام الموارد الزراعية الطبيعية.

وأكد الشريدة أن المشروع سيعزز سبل عيش الأسر، وهو ما سيسهم في تحسين الأمن الغذائي وفرص توفير الدخل وتمكين المجتمعات الريفية المحلية.

وتعتبر المبادرة من المشاريع التي تتوافق مع أولويات عمل الحكومة والهادفة بالأساس إلى دعم المجتمع المحلي في معان بآليات اقتصادية مستدامة لاستخدام الموارد الزراعية الطبيعية المتوفرة في المحافظة.

ويتم ذلك من خلال تمكين الفئات المستهدفة من إجراء الحصاد المائي لإنتاج الخضروات والأعشاب وإعادة استخدام المياه المستصلحة لإنتاج المحاصيل العلفية لتغذية المواشي المحلية.

وقال ممثل فاو في الأردن نبيل عساف إن “المنظمة استجابت لحالة ندرة المياه الحالية في الأردن وسيجري تنفيذ المشروع في جنوب الأردن مستهدفا الأسر الأكثر حاجة في معان مع بيئة مواتية لمشاركة المرأة”.

وأوضح أنه سيتم إنشاء موارد مياه غير تقليدية من جمع مياه الأمطار لصالح الزراعة وتعزيز مستوى معيشة المستفيدين المستهدفين.

ويكافح الأردن من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تشمل تحقيق الأمن الغذائي، وتدرك الحكومة أهمية الأمن الغذائي، لذلك أطلقت منتصف هذا العام الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي التي تمتد حتى نهاية العقد الحالي.

وسلّطت الأزمة الصحية الضوء على وضع الأمن الغذائي الهش في الأردن، حيث وجه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الحكومة لإصلاح القطاع الزراعي لتمكين البلاد من الشّروع في توفير ما يحتاجه الأردنيون من منتجات رئيسية.

ووفقا لتقرير نشرته مؤسسة كارنيغي في أبريل الماضي فإن نحو 53 في المئة من الأردنيين عرضة لنقص الأمن الغذائي.

ويقول وزير الزراعة خالد الحنيفات إن المشروع يأتي في إطار دعم جهود إدارة مصادر المياه وتعميم تطبيقات الحصاد المائي للتكيف مع تأثيرات التغير المناخي، خاصة أن تحدي المياه هو التحدي الأكبر في القطاع الزراعي.

الحكومة الأردنية تعكف على مواجهة آثار التغير المناخي المدمر على القطاع والذي أبقى البلد من بين أكثر دول المنطقة استيرادا للغذاء

وأكد أن الحكومة تتجه إلى اعتماد خطة الحصاد المائي خلال الأعوام المقبلة، وأن مثل هذه المشاريع تدعم جهود الحكومة بهذا الاتجاه.

وتعتبر الزراعة من بين أقل القطاعات الأخرى، مثل الصناعة والسياحة، دورا في تنمية الاقتصاد. ويرجع محللون ذلك إلى عدم قدرة السلطات على تحفيز هذا القطاع.

وتظهر أرقام حكومية رسمية أن القطاع الزراعي يساهم في المتوسط بنحو 3 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي سنويا، في حين تسهم الصناعة في المتوسط بنحو 15.3 في المئة والسياحة بنحو 10 في المئة.

وإلى جانب تغير المناخ يشير خبراء إلى عوامل أخرى أدت إلى تضرر هذا القطاع، من بينها تقلص المساحات الزراعية نتيجة التمدد العمراني، إلى جانب غياب خطة إصلاحية حقيقية من شأنها أن تحفز الأردنيين لاسيما الشباب على العودة إلى الأرض واستثمارها.

واضطر العديد من صغار المزارعين إلى التوقف عن النشاط نتيجة ارتفاع تكاليف البذور والأدوية والأسمدة التي يحتاج إليها القطاع الزراعي، وفي ظل عزوف الحكومات عن مد يد المساعدة من خلال تقديم منح أو قروض ميسّرة.

وينظر الشباب الأردنيون، كغيرهم من شباب المنطقة، إلى مهنة الزراعة على أنها من المجالات الأقل دخلا، ويفضلون البحث عن وظيفة حكومية، وهذا تتحمل الدولة جانبا كبيرا من المسؤولية عنه.

10