هاجس أمن الطاقة يدفع الأردن إلى مشاريع تخزين الكهرباء

تجمع أوساط اقتصادية أردنية على أن اندفاع الحكومة إلى تنفيذ مشاريع متطورة لتخزين الكهرباء مرده الأساسي الهواجس المتعلقة بتحقيق أمن الطاقة كون خطوة كهذه ستساعد على تعزيز الاستدامة وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية مع تنامي الطلب المحلي.
عمّان – أكد خبراء أهمية قرار مجلس الوزراء الأردني الأخير المتعلق بتنفيذ مشروع تخزين الطاقة على شبكة النقل لشركة الكهرباء الحكومية، باستخدام تكنولوجيا البطاريات، في تعزيز أمن الطاقة والحد من الاعتماد على مصادر غير مستقرة.
وكان مجلس الوزراء قد قرر الموافقة على السَّير في إجراءات تنفيذ مشروع تخزين الطَّاقة الكهربائية والذي يأتي لمواكبة التطورات التي طرأت أخيرا على تكنولوجيا التخزين بالبطاريات، والانخفاض في أسعارها، بما ينسجم مع إستراتيجية قطاع الطّاقة.
وتدفع هذه الخطوة باتجاه توفير طاقة أكثر كفاءة وجودة عالية من مصادر محلية تدعم الاعتماد على الذات، وتسهم في تنمية الاقتصاد وتعزيز تنافسيته داخليا وخارجيا.
كما أن الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة سيوفر المزيد من فرص العمل، مما يساعد في خفض معدلات البطالة، فضلا عن الأثر البيئي والاقتصادي.
ومن المتوقع أن يحافظ تخزين الكهرباء بشكل كبير على استقرار الشبكة، خاصة في ظل ارتفاع نسبة الطاقة المولدة من مصادر محلية متنوعة تزيد بنسبة 45 في المئة عن حاجة البلد البالغ عدد سكانه أكثر من 12 مليون نسمة.
وسيتمّ بموجب القرار السَّير في إجراءات طرح جولة تنافسية جديدة لتنفيذ مشروع تخزين الطاقة الكهربائية من خلال لجنة العرض المباشر المشكّلة بموجب النظام المعدل الصادر في عام 2016.
واشترط القرار ألا يتم السير في إحالة المشروع إلا إذا كانت الأسعار والمواصفات المقدمة لهذه الخدمة تحقق الجدوى الفنية والاقتصادية للنظام الكهربائي بموجب أحكام النِّظام.
ويفتح التخزين باستخدام تكنولوجيا البطاريات آفاقا أكبر للتوسع بتصدير الطاقة الكهربائية من خلال مشاريع الربط مع الدول العربية.
وشهد هذا العام إعلان ثلاث دول عربية عن مشاريع تخزين البطاريات، لتحقيق أكبر استفادة من الطاقة الشمسية والرياح خصوصا وقت الذروة.
وجاءت المشاريع الجديدة بسعة تخزين تبلغ نحو 19 غيغاواط/ساعة في دولة الإمارات، و12.5 غيغاواط/ساعة في السعودية و1.5 غيغاواط/ساعة في مصر.
واعتبر خبير الطاقة المتجددة جمال بدران أن القرار له أهمية، لاسيما وأن الفائض يصل حاليا إلى حدود 45 في المئة نتيجة توليد 6 ميغاواط مقابل حمل يصل إلى 4 ميغاواط.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى بدران قوله إن “نسبة الطاقة البديلة من مزيج الطاقة الكلي وصلت إلى 26 في المئة أواخر 2023، وبحسب الخطة الموضوعة يجب أن تصل إلى 31 في المئة في نهاية 2030.”
31
في المئة نسبة توليد الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، هو هدف الحكومة بحلول عام 2030
وأوضح أن هذا يشكل عبئا على الشبكة الحالية ما يستوجب البحث عن حلول ذات كفاءة عالية للمحافظة عليها. وأضاف “حتى لا يؤثر هذا الفائض على الشبكة لا بد من حلول تخزين، خاصة وأن الحكومة تعمل على تحديث الشبكة وجعلها ذكية.”
وتطرق إلى أهمية القرار في التوسع بتصدير الطاقة للدول العربية المحيطة، ما يعزز مشروع الربط الكهربائي الذي تنفذه الحكومة مع العراق ودول الخليج وفلسطين ولبنان وسوريا ومصر.
ويرى أمين عام الهيئة العربية للطاقة المتجددة محمد الطعاني أن أهمية القرار من الناحية الفنية في الحفاظ على استقرار الإمدادات، خاصة وأن مشاريع الطاقة البديلة تقترب من 2.8 غيغاواط، وهي أكثر من 30 في المئة من الطاقة المولدة.
وقال إن “المشروع الذي أقره مجلس الوزراء بخصوص تخزين الطاقة، ضرورة فنية واقتصادية من حيث العائد الاستثماري المتوقع للمشروع وللحفاظ على استقرار الشبكة الكهربائية.”
ومن المتوقع أن يخفف تخزين الكهرباء من العبء المالي على الميزانية، لاسيما وأن الأردن يستورد حوالي 96 في المئة من احتياجاته من كلفة تعادل 13.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، والتي تبلغ قيمتها نحو 3.6 مليار دولار سنويا.
ويعتقد خبير الطاقة هاشم عقل أن التحول نحو الطاقة المتجددة ساهم في تقليل الفاتورة الباهظة بشكل كبير، حيث وفرت مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حتى الآن حوالي 2.6 غيغاواط من الطاقة، ساهمت بإنتاج 27 في المئة من إجمالي الاستهلاك المحلي.
وتهدف الإستراتيجية الجديدة إلى رفع هذه النسبة إلى 50 في المئة بحلول عام 2030 بدلا من 31 في المئة كما كان مخططا سابقا.
وأكد عقل أن السماح بأنظمة تخزين الكهرباء ومن ثم التوسع بطرح عطاءات للاستفادة من الطاقة المنتجة وكذلك مشروع تخزين الطاقة باستخدام مياه سد الموجب بقدرة 450 ميغاواط لمدة 7 ساعات، سيعزز القدرة على الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة.
ومن حيث تحسين ميزان المدفوعات يشير الخبير إلى أن انخفاض أسعار النفط العالمية بسبب سياسات الطاقة التقليدية في بعض الدول قد يقلل من كلفة استيراد الطاقة على الأردن ويدعم ميزان المدفوعات.
وتطرق إلى تقليل دعم الكهرباء، موضحا أن الدعم المخصص في الميزانية سنويا بلغ 400 مليون دينار (579 مليون دولار)، وهو ما يثقل كاهل بلد يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية.
وتساعد مشاريع الطاقة المتجددة في تخفيض الدعم من خلال خفض فاتورة الطاقة في المباني الحكومية بنسب تتراوح بين 27 و40 في المئة باستثمارات متواضعة، وتحقيق وفورات مالية تصل إلى 9.7 مليون دولار سنويا من مشاريع صندوق الطاقة المتجددة.
وفوق كل ذلك ستعمل الخطوة على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية على غرار مشاريع محطة الطاقة الشمسية بقدرة 200 ميغاواط بكلفة 200 مليون دولار مع شركة مصدر الإماراتية.
وهناك أيضا مشروع توليد الطاقة في محافظة معان باستثمارات قطرية ويابانية وأردنية بلغت حوالي 170 مليون دولار، ومحطة الطفيلة لطاقة الرياح بقدرة 117 ميغاواط.
ويكشف رهان السلطات على إشراك القطاع الخاص في تطوير مشاريع حيوية، وخاصة في الطاقة، أن أصحاب الأعمال والمستثمرين وشركاتهم مساهمون رئيسيون في عملية التنمية الاقتصادية المنشودة.
ويبذل المسؤولون جهودا لتخطي العراقيل في خطة الإصلاح التي تتبناها الحكومة والمتمثلة في إنعاش دور القطاع الخاص وتسليمه جزءا من برنامج التنمية الذي تثبت المؤشرات أنه لا يزال يحتاج إلى المزيد من جرعات التحفيز لجعله دعامة أساسية للاقتصاد.