نيويورك تايمز تلغي بودكاست عن اتهام حماس بالعنف الجنسي

نيويورك - ألغت صحيفة نيويورك تايمز حلقة من البودكاست الخاص بها “ذا ديلي”، تتناول العنف الجنسي الذي ارتكبته حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي، وسط جدال داخلي غاضب حول قوة التقارير الأصلية للصحيفة بشأن تغطيتها للحرب الإسرائيلية على غزة.
وقال موقع “ذا انترسبت” في تقرير استنادا إلى مصادر في غرفة أخبار الصحيفة إن الحلقة الملغاة استندت إلى مقال بارز بقلم جيفري جيتلمان الحائز على جائزة بوليتزر، يدعي فيه أن حماس استخدمت العنف الجنسي بشكل منهجي كسلاح في الحرب.
وفي البداية تم الإعلان عن تقرير التايمز في رسالة بريد إلكتروني تم إرسالها إلى غرفة الأخبار، تحمل إشادة المحرر التنفيذي جو كان الذي وصف القصة بأنها مثال على أفضل نوع من التقارير المؤسسية التي تستطيع الصحيفة إنجازها.
لكن هذه الرسالة تزامنت مع وصول رسالة أخرى من أحد الموظفين تحث موظفي التايمز على عدم انتقاد بعضهم البعض في تطبيق داخلي للشركة، ما دفع المراسلين والمحررين إلى اعتبار هذا التوجيه إشارة إلى نقاش داخلي مكثف بشأن القصة، في معركة متجددة يتم إحياؤها بشكل شبه يومي حول فحوى تغطية التايمز للحرب في غزة.
ووفقًا لمصادر غرفة الأخبار المطلعة على القضية، فإنه مع تزايد الانتقادات الموجهة إلى مقال جيتلمان داخليًا وخارجيًا، قام المنتجون في “ذا ديلي” بتعليق نشر النص الأصلي وأوقفوا الحلقة مؤقتًا، وتمت صياغة نص جديد يتضمن تحذيرات شديدة اللهجة ويسمح بالتشكيك، ويطرح أسئلة مفتوحة كانت غائبة عن المقال الأصلي، الذي قدم النتائج التي توصل إليها كدليل قاطع على الاستخدام المنهجي للعنف الجنسي كسلاح في الحرب.
الصحيفة تواجه انتقادات بسبب ممارسة "ختلال فادح" في تغطية الحرب بالاعتماد على المصادر المؤيدة لإسرائيل
ولا تزال هذه المسودة الجديدة محل جدل كبير ولم يتم بثها بعد على البودكاست الرئيسي. ويجد المنتجون والصحيفة أنفسهم في مأزق؛ فإما اعتماد نسخة تقترب بشكل وثيق من القصة المنشورة مسبقًا والمخاطرة بإعادة نشر أخطاء جسيمة، أو نشر نسخة مخففة بشكل كبير، ما يثير تساؤلات عما إذا كانت الصحيفة لا تزال متمسكة بالتقرير الأصلي. وفي الوقت نفسه تقول مصادر في التايمز إنه تم تكليف جيتلمان بمتابعة جمع الأدلة التي تدعم تقاريره الأصلية.
ويتخوف منتقدون داخل نيويورك تايمز من أن يكون المقال بمثابة كارثة صحفية أخرى، وقال أحد موظفي التحرير المحبطين “يبدو أنه لا يوجد وعي ذاتي، تستحق القصة المزيد من التدقيق في الحقائق، حيث تم تطبيق جميع المعايير الأساسية على عدد لا يحصى من القصص الأخرى”. وقد سلط المنتقدون الضوء على تناقضات كبيرة في الروايات المقدمة في التايمز حول الصراع.
وتأتي المعارضة داخل التايمز في الوقت الذي تواجه فيه الصحيفة أيضًا تدقيقا خارجيا خطيرا بسبب تغطيتها للحرب الإسرائيلية على غزة. فمنذ السابع من أكتوبر أبدت الصحيفة اعتمادها على مصادر الجيش الإسرائيلي بينما قللت من حجم الموت والدمار في فلسطين.
وقد وجد تحليل أجرته شركة “انترسبت” أنه في الأسابيع الستة الأولى من الحرب قامت صحيفة نيويورك تايمز، إلى جانب العديد من الصحف الرئيسية الأخرى، بنزع الشرعية باستمرار عن مقتل الفلسطينيين ومارست “اختلالًا فادحًا” في التغطية بالاعتماد على المصادر والأصوات المؤيدة لإسرائيل.
وفي البداية قللت تغطية الصحيفة من خطورة اتهام جنوب أفريقيا لإسرائيل بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، كما قللت من أهمية هزيمة إسرائيل في الدعوى، وفي الأسبوع الماضي فقط نشرت صحيفة التايمز عنوانًا رئيسيًا يروج لـ”انخفاض عدد الوفيات في غزة”، حتى مع استمرار إسرائيل في قتل الفلسطينيين بأعداد مروعة يوميّا.
ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس قام صحافيو التايمز بتغطية الأحداث بحساسية واستقلالية وتفاصيل لا تتزعزع عن الأحداث المدمرة التي ولدت ردود فعل قوية، بما في ذلك المقال الصحفي الصادر في 28 ديسمبر الماضي حول مزاعم العنف الجنسي الذي ارتكبته حماس. وكتب المتحدث باسم التايمز “نحن نواصل النشر عن هذا الأمر كجزء من تغطيتنا الأوسع للصراع، حيث نلتقط التداعيات العالمية والقصص الشخصية العميقة للمتضررين من القتال المستمر”.