نيوم تقود نمو الطلب على الإسكان في السعودية رغم ارتفاع الأسعار

الرياض - تتزايد الدلائل على أن مشروع نيوم العملاق سيقود الطلب على الإسكان في السعودية، رغم أن ثمة تحديات من بينها ارتفاع الأسعار وبروز مشاريع أخرى منافسة من الحجم نفسه وأيضا اختلاف ديناميكيات السوق بين منطقة وأخرى.
وذكرت شركة نايت فرانك للاستشارات العقارية في تقرير الثلاثاء أن “مشروع نيوم يعد الأكثر جذبا لطلبات شراء المنازل.” وتوقعت أن ينفق المشترون من القطاع الخاص في السعودية 1.22 مليار دولار في سوق الإسكان خلال 2025.
واستثمرت الحكومة بكثافة في بناء المساكن منذ إطلاق أجندة التنويع الاقتصادي مطلع عام 2016، وذلك في إطار سعيها لاستيعاب النمو السكاني المتزايد ورفع معدلات تملك السعوديين للعقارات.
وضخت مئات المليارات من الدولارات من خلال صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادي)، في “مشاريع عملاقة” مثل نيوم، وهو مشروع تنمية حضرية وصناعية ضخم بحجم بلجيكا تقريبا سيُبنى على ساحل البحر الأحمر.
وسيتضمّن المشروع العملاق، الذي أطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2017 وتصل كلفته إلى نصف تريليون دولار، مدينة بطول عشرات الكيلومترات. وتشمل الخطط إقامة منتجعات على 50 جزيرة في البحر الأحمر، إضافة إلى ساحل يمتد 120 كيلومترا.
ويضم المشروع البالغة مساحته 26.5 ألف كيلومتر مربع في شمال غرب البلاد مناطق ذا لاين وأوكساغون وتروجينا ومقنا وسندالة.
ومن المنتظر أن يستوعب نيوم نحو 9 ملايين شخص، وهو مشروع محوري لخطة التنويع الاقتصادي للسعودية والتي تسمى “رؤية 2030” لتوفير مصادر جديدة للنمو بعيدا عن النفط.
وبرزت سوق العقارات كأحد المجالات الأكثر نشاطا خلال السنوات الماضية، مدفوعة بانتعاش الناتج المحلي الإجمالي الكلي في أكبر اقتصادات المنطقة العربية، وفي ظل سياسة فتح الأبواب أمام النساء للمشاركة في النهوض بمؤشرات النمو.
وأظهر مسح شمل 1037 أسرة، منها 100 لوافدين مقيمين في السعودية، أن المواطنين والمغتربين يخططون لإنفاق 489 مليون دولار على العقارات السكنية فيها. كما أوضح أنهم يخططون لتخصيص 733 مليون دولار للاستثمار في المشاريع العملاقة.
وبينما تظل نيوم الخيار الأول بالنسبة إليهم، أظهر تقرير شركة الاستشارات البريطانية أن الاختيارات الأكبر في السوق المحلية وقلة المنازل الجاهزة للبيع أدتا إلى تآكل مكانتها المهيمنة.
ونقل التقرير عن فيصل دوراني رئيس قسم الأبحاث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نايت فرانك، قوله إن “شعبية نيوم انخفضت من 84 في المئة في 2023 إلى 17 في المئة هذا العام.”
ورجح دوراني أن تكون هناك مجموعة من الأسباب وراء ذلك، منها ظهور مشاريع عملاقة أخرى على مدى العامين الماضيين والتصورات المحيطة بمدى قدرة الأسر على تحمل تكاليف امتلاك منزل في أي من المشاريع الفرعية في نيوم.
وتطرق أيضا إلى عامل آخر يتعلق بنقص المنازل الجاهزة للسكن وقلة المنازل المعروضة بالفعل للشراء أو مزيج من كل ما سبق.
1.22
مليار دولار قيمة ما ستجلبه سوق العقارات السكنية خلال عام 2025، وفق شركة نايت فرانك
وبلغ إجمالي الإنفاق على البنية التحتية في نيوم نحو 37.33 مليار دولار، وفق ما كشفه كبير التنفيذيين في المشروع دينيس هيكي، أمام إحدى جلسات منتدى صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص 2025، الذي احتضنته الرياض الشهر الماضي.
وبين آخر مسوحات نايت فرانك أن السعوديين والمغتربين المقيمين على استعداد لإنفاق حوالي 2.75 مليار ريال (733.08 مليون دولار) من رأس مالهم الخاص المحتمل على العقارات السكنية ضمن المشاريع العملاقة.
ويقدّر خبراء شركة الاستشارات أن احتياجات السعودية تتطلب بناء 115 ألف منزل كل عام على مدى السنوات الست المقبلة لتلبية الطلب المحلي المتنامي، لكنهم حذّروا من أن المعروض في السوق لا يتطابق مع توقعات المشترين الفعلية.
ووضعت الحكومة هدفا يتمثل في زيادة نسبة تملك المواطنين للمساكن إلى نحو 70 في المئة بحلول عام 2030، مقارنة بنسبة 63.7 في المئة حاليا.
ويسهم هذا الهدف، بالإضافة إلى زيادة تكوين أسر جديدة، في تحفيز الطلب على شراء العقارات السكنية، حيث تبلغ نسبة من تقل أعمارهم عن 20 عاما حوالي 45 في المئة من المواطنين السعوديين.
ومع ذلك، تواجه السعودية تحديات متزايدة في سوق العقارات السكنية، إذ أدت الأسعار المرتفعة وتكاليف الاقتراض العالية إلى تراجع الإقبال على تملك المنازل، حسب تقييمات نشرته الشهر الماضي نايت فرانك.
واستنادا إلى مسح أجرته، وشمل أكثر من ألف أسرة، ذكرت الشركة أن نسبة المشترين لأول مرة الذين يتطلعون إلى شراء منزل تراجعت إلى 29 في المئة من 40 في المئة خلال عام 2023.
ويعتقد العديد من المشترين أن الأسعار مرتفعة للغاية، وأنهم بحاجة إلى المزيد من الوقت للادخار، ويرغبون في خيارات تمويل أكثر تنوعا.
وارتفعت أسعار الشقق في العاصمة الرياض بنحو 11 في المئة إلى ما يعادل نحو 1500 دولار للمتر المربع في عام 2024.