نيسان تختبر تقنية مبتكرة للطلاء في طرزها القادمة

يتسابق صانعو السيارات من أجل لفت الانتباه إلى ابتكاراتهم الجديدة من خلال تطوير طلاءات غير معتادة، خاصة إذا تطلب ذلك، الانسجام مع ما تفرضه تحديات المناخ، حيث يرى الخبراء أن تطور اتجاهات الألوان سيصبح نقطة تحوّل في تشكيل مستقبل المركبات.
يوكوهاما (اليابان)- تقوم الألوان بدور كبير عند اختيار الشخص سيارة خاصة عندما يريد إضافة لمسات شخصية إلى الطراز الذي يريد امتلاكه، فكل فرد يحبذ لونا يريح العينين ويثير مشاعر الإثارة ويضفي إحساسا بالفخر.
ويتغير هذا النمط على نحو سريع على ما يبدو، حيث يتبنى أصحاب السيارات الجدد الاتجاهات الحديثة للطلاء، والتي من المحتمل أن تشكل مستقبل صناعة السيارات.
وتشمل بعض الاتجاهات، تلك التي تؤثر على مستقبل تطوير المركبات، وتحويل قاعدة المستهلكين، وزيادة الطلب على المزيد من الوظائف والأداء.
واليوم يبرز اتجاه مثير آخر يسيطر على السوق، وهو الحاجة المتزايدة إلى التخصيص مع المزيد من التقدم التكنولوجي، الذي يوفر فرصة لحلول ألوان جديدة.
وتسعى الشركات للفت الانتباه إلى ابتكاراتها الجديدة من خلال تطوير طلاءات بألوان غير معتادة والمعتمدة على ثلاثة مكونات هي الصبغة التي تعطي الطلاء لونه، ثم مرقق الدهان الذي يوازن تناسق الطلاء، والمادة المساعدة على التماسك.
ومن بين هذه الشركات، نيسان اليابانية تعكف على تطوير طلاء خاص يعمل على خفض درجة حرارة الأسطح الخارجية والمقصورة الداخلية للسيارة.
وأوضحت الشركة أن الطلاء الخاص يستخدم نوعين من الجسيمات ذات البنية الدقيقة، أحدهما يعكس الأشعة تحت الحمراء، بينما ينتج الآخر موجات كهرومغناطيسية تتصدى لأشعة الشمس.
وتعمل هذه التقنية على تقليل انتقال الحرارة إلى السقف وغطاء المحرك والأبواب بما يصل إلى 12 درجة، وكذلك تقليل درجة حرارة المقصورة الداخلية بما يصل إلى 5 درجات.
ويمتاز الطلاء الخاص بطبقة ذات سُمك 120 ميكرومترا، ويلبي متطلبات مقاومة الأملاح ومقاومة الكسر ومقاومة الخدش والثبات الكيميائي. ورغم أن الطلاء الخاص لا يزال قيد الاختبار، إلا أنه من المأمول طرحه بألوان مختلفة قريبا.
وكانت نيسان تختبر منذ أشهر هذا الطلاء المبتكر، الذي يهدف إلى المساعدة خلال الصيف في تقليل استخدام الطاقة لنظام تكييف الهواء.
وتم تطوير الطلاء بالشراكة مع شركة ريدي-كول، المتخصصة في منتجات التبريد الإشعاعي، ويشتمل على مادة متحولة ومواد مركبة صناعية ذات هياكل تظهر خصائص لا توجد عادة في الطبيعة.
ويعد المشروع جزءًا من سعي نيسان إلى الابتكارات المتميزة التي تمكن الرحلات وتساعد في إيجاد مجتمع أكثر نظافة واستدامة.
وفي نوفمبر الماضي، بدأت نيسان تجربة جدوى لمدة 12 شهرا في محطة طوكيو الجوية الدولية في هانيدا.
وبالتعاون مع ريدي-كول وشركة محطة المطار الياباني والخطوط الجوية اليابانية، تم تطبيق طلاء نيسان البارد على مركبة خدمة نيسان أن.في 100 التي تديرها خدمات المطار.
وبفضل مدرجها الكبير المفتوح، وفر مطار هانيدا البيئة المثالية لإجراء تقييم حقيقي لأداء الطلاء في بيئة عالية الحرارة.
◄ أصحاب السيارات الجدد يتبنون الاتجاهات الحديثة للطلاء، والتي من المحتمل أن تشكل مستقبل صناعة السيارات
وعلى الرغم من أنها لا تزال في مرحلة الاختبار، إلا أن النتائج حتى الآن كانت مثيرة للإعجاب.
وأظهرت مركبة مركونة جنبا إلى جنب تحت أشعة الشمس، والتي تمت معالجتها بطلاء نيسان البارد، انخفاضا يصل إلى 12 درجة مئوية في درجات حرارة السطح الخارجي وبرودة تصل إلى 5 درجات مئوية في الداخل، مقارنة بالمركبة التي تتميز بطلاء السيارات التقليدي.
ويكون أداء الطلاء المبرد ملحوظًا بشكل خاص عندما يتم ركن السيارة في الشمس لفترة طويلة. والمقصورة الأكثر برودة ليست أكثر متعة للدخول فحسب، بل تتطلب أيضًا وقت تشغيل أقل لمكيف الهواء لتبريد المقصورة إلى درجة حرارة مريحة.
ويساعد هذا في تقليل الحمل على المحرك، أو في حالة السيارة الكهربائية، السحب من البطارية. ومن المتوقع تحسن الكفاءة في كل من مجموعات نقل الحركة، فضلاً عن راحة الركاب. وتتميز المادة المتحولة المضمنة في طلاء نيسان البارد بجُزَيْأيْن مجهريين يتفاعلان مع الضوء. يعكس أحد الجسيمين الأشعة تحت الحمراء القريبة في ضوء الشمس والتي من شأنها أن تسبب عادةً اهتزازات على المستوى الجزيئي داخل راتنج الطلاء التقليدي لإنتاج الحرارة.
ويتيح الجسيم الثاني الاختراق الحقيقي. فهو يخلق موجات كهرومغناطيسية، تعمل على مواجهة أشعة الشمس، وإعادة توجيه الطاقة بعيدًا عن السيارة إلى الغلاف الجوي.
وتعمل الجسيمات الموجودة في طلاء نيسان البارد مجتمعة على تقليل انتقال الحرارة إلى الأسطح مثل السقف والغطاء والأبواب والألواح.
ويقود عملية التطوير سوسومو مييورا، المدير الأول والخبير في مختبر المواد المتقدمة والمعالجة، في مركز أبحاث نيسان.
ولعب مييورا دورا رائدا في مادة نيسان الصوتية التي تقلل الضوضاء والحائزة على جوائز، وكرس جزءًا كبيرًا من حياته المهنية في نيسان لاستكشاف طرق لجعل السيارات أكثر هدوءا وبرودة وكفاءة.
وأوضح مييورا “حلمي هو إنشاء سيارات أكثر برودة دون استهلاك الطاقة”. وأضاف في تعليق على المنصة الالكترونية للشركة اليابانية “هذا مهم بشكل خاص في عصر السيارات الكهربائية، حيث يمكن أن يكون للحمل الناتج عن تشغيل مكيف الهواء في الصيف تأثير كبير على حالة الشحن”.
وفي حين أن طلاء التبريد المشع ليس جديدا، إلا أنه يستخدم عادةً للمباني والهياكل. وغالبا ما يكون سميكا جدا، ويتطلب التطبيق بواسطة بكرة طلاء خالي من أي طبقة علوية شفافة، يمكن أن يترك بقايا طباشيرية عند لمسه.
◄ اتجاه مثير يبرز يسيطر على السوق، وهو الحاجة المتزايدة إلى التخصيص مع المزيد من التقدم التكنولوجي، الذي يوفر فرصة لحلول ألوان جديدة
وكانت التحديات الرئيسية التي كان على مييورا مراعاتها عند تطوير نسخة السيارات، هي ضمان إمكانية دمج طبقة علوية شفافة، وتطبيقها عبر مسدس رش (وليس بكرة)، وتلبية المعايير الداخلية الصارمة لشركة نيسان لجودة الطلاء.
ومنذ بدء التطوير في عام 2021، اختبر مييورا وفريقه أكثر من 100 عينة، ويقومون حاليًا بتقييم سمك 120 ميكرونا، أي ما يقرب من ستة أضعاف سمك طلاء السيارات النموذجي.
وقد أكدت التجارب مقاومة الملح والتشقق والتقشير والخدوش والتفاعلات الكيميائية، إلى جانب اتساق اللون وقابلية الإصلاح. ومع تقدم التطوير، يواصل ميورا وفريقه استكشاف خيارات أرق توفر نفس مستوى أداء التبريد.
وبينما يستمر الاختبار والتطوير، يأمل ميورا وفريقه أن يتم تقديمه يومًا ما للطلبات الخاصة وفي مجموعة متنوعة من الألوان.
ويرى إمكانات قوية، خاصة لتطبيقات المركبات التجارية الخفيفة مثل الشاحنات الصغيرة والشاحنات وسيارات الإسعاف التي تقضي معظم اليوم في القيادة.