نيجيرفان بارزاني يشيد باتفاق رواتب الإقليم بين بغداد وأربيل

أربيل (إقليم كردستان العراق) - قال رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني الأحد، إن اتفاق الرواتب الذي توصلت إليه حكومتا بغداد وأربيل "جيد للغاية"، في حين أكد أن تعليق تصدير النفط من كردستان تسبب بخسارة الميزانية العراقية العامة 7 مليارات دولار.
وزار رئيس إقليم كردستان بغداد السبت حيث عقد على مدى يومين عدة اجتماعات مع رئيسي الجمهورية عبداللطيف رشيد، والحكومة محمد شياع السوداني، كما حضر اجتماعا استثنائيا لإئتلاف إدارة الدولة، والإطار التنسيقي تم الخوض في جملة الملفات والإشكالات، بالإضافة إلى زيارة السوداني المرتقبة لواشنطن.
وأضاف برزاني أنه "خلال زيارتنا لبغداد، عقدنا عدة لقاءات مع رئيس الوزراء وائتلاف إدارة الدولة والإطار التنسيقي"، موضحاً أن "اجتماعاتنا كانت بشكل عام في إطار العلاقات المستقبلية بين إقليم كردستان وبغداد وحاولت وضع آلية لكي نتمكن من الاستمرار بعقد هذه الاجتماعات حتى يمكن مناقشة المشاكل الحالية في مكان واحد وإيجاد الحلول لها".
وأردف رئيس الإقليم أن "مسألة الرواتب هي قضية أساسية لحكومة إقليم كوردستان والاتفاق الذي تم التوصل إليه بين رئيس وزراء الإقليم ورئيس الوزراء الاتحادي بداية جيدة للغاية ونأمل أن يستمر".
وتأتي زيارة رئيس إقليم كردستان في سياق الجهود لطي الخلافات بين أربيل وبغداد، والرغبة في العمل المشترك والتعاون من أجل حل القضايا الملحة حيث يشهد الإقليم موجة غضب شعبية بسبب أزمة الرواتب، أسفرت عن مظاهرات في السليمانية والعديد من مدن الإقليم استمرت لأشهر للمطالبة بالحقوق وربطهم مباشرة بالمركز.
وتعد أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان، معضلة حقيقية في ظل رفض لجنة الاحتجاجات في محافظة السليمانية تسويف قرار المحكمة الاتحادية العليا توطين رواتب الإقليم الذي سحبت بموجبه سلطة التصرف بالشؤون المالية من حكومة الإقليم وحولتها إلى حكومة بغداد بشكل مباشر، بعدما كانت ترسلها إلى حكومة الإقليم التي تتولى توزيعها.
كما أن استئناف صادرات النفط عبر ميناء جيهان التركي تعتبر من أبرز القضايا التي تشكل أزمة مزمنة للإقليم تهدد استقراره.
وأوضح رئيس إقليم كردستان "ناقشنا أيضاً مسألة النفط وبالطبع كإقليم كردستان نعتقد أنه يجب استئناف تصدير النفط، لأن هذا الموضوع سبب ضرراً كبيراً للعراق وإقليم كردستان وحتى الآن خسرت الميزانية العراقية أكثر من سبعة مليارات دولار".
وأضاف "بالطبع تمت مناقشة هذه القضية، لكن الأمر يتطلب المزيد من الوفود من حكومة إقليم كردستان لزيارة بغداد والتحدث أكثر عن هذه القضية، ونأمل أن نتوصل إلى نتيجة".
وجولة المباحثات هذه هي الأولى من نوعها بعد قرارات المحكمة الاتحادية العليا وهي أعلى سلطة قضائية في العراق، التي تسببت بأزمة سياسية بين بغداد وأربيل، حيث أفضت إلى تولي مفوضية الانتخابات العراقية تنظيم انتخابات برلمان إقليم كردستان وإلغاء مفوضية الانتخابات التي تعمل بالإقليم منذ عام 2006، وتقليص عدد مقاعد البرلمان من 111 مقعداً إلى 100 مقعد، بعدما قضت بعدم دستورية عدد مقاعد الكوتا.
وهذه القرارات وصفها الحزب الديمقراطي بـ"ضرب مفاهيم الشراكة والتعايش"، هو ما دفعه إلى إعلان مقاطعته لانتخابات الإقليم والمقرر موعدها في يونيو المقبل، ملوحا في الوقت نفسه بمغادرة العملية السياسية في حال لم يتم الإيفاء بالتعهدات المتفق عليها مع القوى السياسية في بغداد.
وحدّدت رئاسة إقليم كردستان العراق تاريخ العاشر من يونيو القادم موعدا جديدا للانتخابات البرلمانية التي تمّ إرجاؤها مرارا نتيجة خلافات سياسية بين الحزبين الرئيسيين، الاتّحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني.
وقال نيجيرفان بارزاني "من مسؤوليتي كرئيس لإقليم كردستان حددنا موعد إجراء الانتخابات ولا يوجد أي تغيير في هذا الموضوع وطبعا هذه مسألة سياسية ويجب على جميع القوى السياسية أن تتحدث عنها والخروج بتفاهم من هذه النقاشات".
ومن جانبه، قال المتحدث باسم رئاسة إقليم كردستان دلشاد شهاب في تصريح صحافي إن الرئيس نيجيرفان بارزاني اتفق مع رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني "على تنفيذ البرنامج الحكومي وقد تم اتخاذ خطوات لذلك، وحتى إذا كان هناك تأخير او عرقلة، فالمهم هو أن هناك ارادة قوية من قبل رئيس الوزراء الاتحادي لتنفيذ البرنامج كما هو، وأبدى رئيس الاقليم دعمه لإنجاح البرنامج وتحدث بأهمية على الخطوة التي تم اتخاذها لحل مشكلة رواتب موظفي الإقليم وهي نتيجة للمباحثات التي حصلت والزيارات المتبادلة بين وفود حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية ورئيس الإقليم عبر شكره لرئيس الوزراء الاتحادي على تعاونه لحل هذه المشاكل، كما أن الأخير أعلى تقديره لدعم رئيس الاقليم وثمن دوره كعامل استقرار في العراق وعامل فعال في تقوية العلاقات بين جميع الأطراف بين مؤسسات اقليم كردستان والمؤسسات الاتحادية".
و"بشكل عام كل المسائل المتعلقة بالمجال القضائي والتشريعات وإصدارات القوانين الأساسية المتعلقة بعموم العراق أو تخص اقليم كردستان، بالإضافة إلى قانون المحكمة الاتحادية وقانون النفط والغاز والمجلس الاتحادي موجودة في اتفاق ائتلاف ادارة الدولة، وجزء منها في البرامج الحكومي، وقد تم التصويت عليها من قبل مجلس النواب، لذا حل هذه المشاكل عموما كانت المحور الأساسي في تأكيد تنفيذ البرنامج الحكومي، وأن الجانبين اتفقا على تنفيذه واتخاذ خطوات باتجاه حل المشاكل"، يقول المتحدث باسم رئاسة الإقليم.
كما أكد شهاب أن "رئيس الوزراء العراقي أكد على الدور الفعال والمؤثر لرئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في تقريب وجهات النظر بشكل يدحض التفكير المعتقد ان عدم الاستقرار في جهة هو جيد للجهة الأخرى، حيث أن عدم استقرار في اقليم كوردستان سيكون له الانعكاس المباشر على الوضع في العراق والعكس صحيح، لذا هناك سبيل واحد هو التوافق حول القضايا ونحل المشاكل والسيد السوداني ثمن دور رئيس الاقليم في تطوير هذه العلاقات".
وفي حين أن الشعور الان هو على قاعدة "اشتدي يا أزمة تنفرجي"، فإن محورية الدور الذي يتمتع به نيجيرفان بارزاني، وما يمكن ان يقوم به، وبتأكيد من السوداني على أهمية ذلك، تجعل الأرضية متاحة لاحتواء هذه الإشكالات.
ويتجسد ذلك حول ملف الانتخابات البرلمانية في كردستان، حيث يقول المتحدث باسم رئاسة الإقليم، إن هذه مسألة داخلية، وصحيح ان المؤسسات الاتحادية لها دور في دعم المفوضية وتوفير الارضية المناسبة، لكن اجراء الانتخابات وموعدها مسألة داخلية، والحديث عليها غير متعلق بالجهات الاخرى، حيث ان الجميع يؤكد دعمه لإجراء الانتخابات لكن آلية إتمامها وموعدها يتعلق بإقليم كردستان ويجب الحديث حولها بين الجهات السياسية الكردستانية مع المؤسسات الرسمية في الإقليم، ومحاولة ايجاد حل مناسب لها.
وقال إن "هناك هدفاً مشتركاً لدى الجميع وهو ضرورة اجراء الانتخابات، والنهج الصحيح لدى رئاسة الاقليم هو توصل الاطراف الى صيغة مناسبة وأي خطوة اتخذتها رئاسة الاقليم حتى الان حول مسألة الانتخابات كانت بالتشاور مع جميع الاطراف وسيكون ايضا في المستقبل".
وباعتبار ان مقر رئاسة الاقليم هو الباب الذي يجمع أبناء الاقليم وقواه، يظهر ذلك من خلال تأكيد الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو بمفهوم العمل السياسي خصم منافس للحزب الديمقراطي الكردستاني، أن الرئيس نيجيرفان بارزاني يعمل على تطبيع الأوضاع بين الاحزاب السياسية فيما يتعلق بانتخابات الاقليم.
ونقلت وكالة شفق نيوز عن المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني سعدي بيره قوله ان "جهود رئيس الإقليم متعلقة بمدى استجابة الأطراف السياسية له، خصوصا وأنه يحظى بالمقبولية لدى الجميع، ويعمل بجد من أجل تطبيع الأوضاع، وله دور بارز في ملف انتخابات برلمان اقليم كوردستان ونتطلع لذلك".
وتكمن اهمية تصريح سعدي بيره، انها جاءت غداة تأكيد المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، ضرورة إجراء الانتخابات في وقتها المحدد من قبل رئاسة الإقليم في العاشر من يونيو المقبل.
وحرص نيجيرفان بارزاني، بالكامل على السير نحو العملية الانتخابية استجابة لتطلعات مختلف القوى السياسية، ومواطني الاقليم، باعتبار ذلك من حقوقهم البديهية الواجب الالتزام بها.
فقبل تحديد موعد 10 يونيو المقبل، فان نيجيرفان بارزاني حدد موعدا للانتخابات قبل ذلك في 25 فبراير 2024. كما انه كان حدد موعدا قبل ذلك، وتحديدا في 18 نوفمبر 2023، الا ان مفوضية الانتخابات العراقية طلبت تأجيلها بسبب قرب موعدها من موعد انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في 18 ديسمبر الماضي. والمفوضية نفسها هي التي عادت وطلبت تأجيل موعد 25 فبراير بانتظار صدور قرار من المحكمة الاتحادية العليا حول قانون انتخابات الاقليم.
سبق لرئيس الاقليم مرارا ان تحرك ما بين اربيل والسليمانية وبغداد، لمعالجة العديد من القضايا الخلافية، بما في ذلك التوتر السياسي الذي اصاب العلاقة بين الاتحاد الوطني الكردستاني وحكومة الاقليم بعدما قاطع وزراء حزب الاتحاد جلسات مجلس وزراء الاقليم، وتطايرت اتهامات متبادلة بين الطرفين، وكان نيجيرفان بارزاني يتدخل في اللحظة المناسبة لوأدها.
والان مع النتائج التي وصفت بالإيجابية لزيارة بغداد، معززة بموقف الاتحاد الوطني الكردستاني بالمراهنة على تدخل رئيس الاقليم لمعالجة الموقف، فان المراقبين يتوقعون تكثف الاتصالات من جانب نيجيرفان بارزاني، بما في ذلك باتجاه حزب الاتحاد الاسلامي الكردستاني الذي قال الأربعاء من خلال القيادي عثمان كارواني انه يعارض تأجيل الانتخابات، وانه يتحتم على اقليم كوردستان ان "يحضن مؤسساته التشريعية والحكومية"، وعلى ضرورة "الاتحاد بين الأطراف وتوحيد البيت الكردي لمواجهة الظرف الحالي".