نيجيرفان بارزاني في أنقرة بحثا عن سند إقليمي في مرحلة ما بعد انتخابات برلمان كردستان العراق

مخاوف في أربيل من تآمر السليمانية مع بغداد وطهران لإزاحة الحزب الديمقراطي من الحكم.
الخميس 2024/10/17
نشد على أيديكم

الحزب الديمقراطي الكردستاني المتخوّف من مؤامرة قد تحاك ضدّه من قبل غريمه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بالتعاون مع حلفاء إيران من أحزاب وميليشيات شيعية ذات نفوذ في السلطة الاتّحادية العراقية بهدف تقليص دوره في حكم كردستان العراق، يستبق انتخابات الإقليم ويسارع إلى توثيق علاقته مع تركيا تحسّبا لما قد يتمخّض عنه الاستحقاق الانتخابي من مفاجآت وما قد يستجدّ بعده من ضغوط سياسية وأمنية واقتصادية.

أنقرة - استبقت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الانتخابات البرلمانية المقرّرة الأحد في إقليم كردستان العراق وأوفدت القيادي في الحزب نيجيرفان بارزاني الذي يتولّى رئاسة الإقليم إلى أنقرة في خطوة هادفة إلى مزيد توثيق العلاقات مع تركيا، في ظلّ تخوّف الحزب الذي يقوده السياسي الكردي المخضرم مسعود بارزاني من انحياز إيران والقوى الحليفة لها والمتحكّمة في زمام السلطة الاتحادية العراقية إلى غريمه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل جلال طالباني.

وحلّ نيجيرفان بارزاني الأربعاء في أنقرة حيث أجرى محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعدد من كبار المسؤولين الأتراك وذلك بصفته رئيسا لإقليم كردستان العراق، دون أن يحجب ذلك البعد الحزبي للزيارة التي لو استشير بشأنها شركاء الحزب الديمقراطي في حكومة الإقليم وعلى رأسهم حزب الاتّحاد لما وافقوا على القيام بها في هذا التوقيت الحسّاس.

وتتمثّل المخاوف التي عبّرت عنها بالفعل شخصيات من حزب بارزاني في أن يكون قادة ميليشيات وأحزاب ذات نفوذ في حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بصدد التآمر مع حزب طالباني لإزاحة الديمقراطي الكردستاني من حكم الإقليم. ورفع حزب الاتّحاد خلال حملته الانتخابية شعار تغيير مسار الحكم، بينما أظهر غريمه الديمقراطي ثقة في العودة من خلال صناديق الاقتراع إلى قيادة حكومة الإقليم وتبوّؤ أبرز المواقع القيادية في السلطة.

لكنّ ذلك لا يلغي هواجس قيادات حزب بارزاني من أن تتعاون القوى الحاكمة في بغداد مع حزب طالباني لإثارة المشاكل في وجهها بعد الانتخابات وعرقلة إعادة تشكيل حزبها للحكومة إذ تمتلك تلك القوى مختلف الأدوات والوسائل السياسية والمالية، وحتى القانونية والقضائية.

وعد القدو: الاحتلال التركي في شمال العراق سافر ويجب على أنقرة كف يدها عن الأراضي العراقية
وعد القدو: الاحتلال التركي في شمال العراق سافر ويجب على أنقرة كف يدها عن الأراضي العراقية

وعلى هذه الخلفية يبدو الهدف الرئيسي من زيارة بارزاني إلى أنقرة، هو البحث عن سند إقليمي وازن في مرحلة ما بعد الانتخابات، بعد أنّ اتضحت خارطة الولاءات في إقليم كردستان العراق وتوزّعت بين الحزب الديمقراطي الذي تحوّل إلى حليف معلن لتركيا ومتعاون معها في حربها ضدّ مسلحّي حزب العمال الكردستاني على أرض الإقليم، وحزب الاتحاد الوطني المحسوب ضمن معسكر الولاء لإيران بسبب العلاقات الوثيقة بين قيادته وعدد من قادة الأحزاب والفصائل الشيعية مثل قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحقّ وهادي العامري قائد ميليشيا بدر.

وعلى الطرف المقابل تشجّع تركيا الحزب الديمقراطي على توثيق علاقته معها نظرا لما تجنيه من فوائد كبيرة من وراء ذلك، أولها الحصول على موطئ قدم لنفوذها في العراق وإيجاد أرضية صلبة لمنافسة إيران على النفوذ في البلد المفتوح على سياسة المحاور، بالإضافة إلى الفائدة الأبرز المتمثّلة في إيجاد شريك محلّي وازن سياسيا وأمنيا في المواجهة المتواصلة منذ أربعة عقود مع حزب العمّال.

وعلى عكس نظرتها لحزب بارزاني ترى تركيا في حزب طالباني عدوا لها باعتباره في منظورها حليفا للمتمرّدين الأكراد ضدّ نظامها، وسبق لكبار قادتها أن اتّهموا الحزب باحتضان الإرهاب موجهين لهم تهديدات من مغبة المضي في ذلك. وسبق للقوات التركية أن وجهت ضربة لمطار مدينة السليمانية التي تعتبر المعقل الرئيسي لحزب الاتّحاد الوطني الكردستاني، قائلة إن المطار مفتوح لتنقل مسلحي حزب العمال ولنقل الإمدادات اللوجستية إليهم. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد خصّ أربيل معقل الحزب الديمقراطي الكردستاني بالزيارة، أثناء زيارته في أبريل الماضي إلى العراق.

واجتمع أردوغان، الأربعاء في أنقرة، مع رئيس إقليم كردستان العراق. ولم يرشح الكثير عن اللقاء الذي جرى بشكل مغلق لكنّ وسائل إعلام محلية قالت إنّ الطرفين اتّفقا “على ضرورة العمل على منع اتساع دائرة التعقيدات في المنطقة، مؤكدين على تطوير علاقات تركيا مع العراق وإقليم كردستان".

وكتب بارزاني في حسابه بمنصة إكس “يسعدني أن ألتقي الرئيس رجب طيب أردوغان مرة أخرى في أنقرة”، مضيفا "تناولت مناقشاتنا مجموعة من القضايا بما في ذلك تعزيز الاستقرار الإقليمي ودعم العلاقات بين إقليم كردستان والعراق وتركيا". كما كان لرئيس الإقليم لقاء منفصل مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قالت الخارجية التركية إنّه جرى بحضور رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن.

ويفجّر التواصل الذي تكاثفت وتيرته بين أربيل وأنقرة انتقادات حادّة للحزب الديمقراطي الكردستاني من قبل حزب الاتحاد الوطني والأحزاب العراقية الحليفة للاتحاد، تصل حدّ اتّهامه بـ”العمالة” لتركيا والتواطؤ معها ضدّ العراق وأبناء جلدته من الأكراد.

◙ مرحلة ما بعد الانتخابات مقلقة لحزب بارزاني بغض النظر عن النتائج بسبب ضغوط متوقعة من حلفاء إيران في العراق على الحزب

وتستند تلك الاتهامات إلى التعاون الأمني المتزايد بين حزب بارزاني مع تركيا التي وسّعت من عمليتها العسكرية ضدّ مقاتلي حزب العمّال داخل أراضي كردستان العراق وتمكّنت قواتها من التوغّل في محافظة دهوك وأقامت هناك بنى تحتية من طرقات وغيرها تقول جهات عراقية إنها علامة على تمركز عسكري تركي طويل الأمد في المناطق التي دخلها جيشها.

وبالتزامن مع وجود بارزاني في أنقرة حرّكت جهات عراقية مضادة لحزبه قضية التواجد العسكري التركي في دهوك. وندد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية وعد القدو، الأربعاء، بالتوغلات التركية في شمال العراق، واصفا إياها بالتدخل السافر وغير المقبول. وقال القدو وهو قيادي سابق في الحشد الشبكي المقرب من الميليشيات الشيعية إنّ “الاحتلال التركي في شمال العراق سافر ويجب على أنقرة كف يدها عن الأراضي العراقية”.

وخلال الحملة الانتخابية استعدادا لانتخابات الأحد أصبحت العلاقات الإقليمية لكل من حزبي الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني مادة للدعاية، من خلال اتهامات كل حزب للآخر بـ”العمالة” لطرف خارجي. ووجّه بافل طالباني خلال تجمّع انتخابي لحزب الاتحاد اتهامات لاذعة لزعامات الحزب الديمقراطي واتهمهم ببيع الإيزيديين والتفريط بوحدة كردستان لصالح المحتلين، في إشارة إلى تركيا.

وتوجّه بالخطاب إلى تلك الزعامات قائلا إنّ "أربعمئة قرية أصبحت فارغة بسبب تعاونكم مع القوى المحتلة". ويرد حزب بارزاني على مثل تلك الاتهامات باتهامات مضادّة لحزب طالباني بالتواطؤ مع أتباع إيران في العراق. وعبّر عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، في وقت سابق، عن مخاوفه من وجود مؤامرة تحاك ضد الحزب خلال لانتخابات المقبلة في إقليم كردستان العراق.

وقال في تصريحات صحافية إنّ "هناك أحزابا متسلطة في بغداد تسعى لجعل الاتحاد الوطني يوازي الحزب الديمقراطي في عدد المقاعد" ببرلمان الإقليم. ونقلت وسائل إعلام محلية عن كريم قوله إنّ رئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني حصل على وعود من الإطار التنسيقي بالحصول على مقاعد إضافية في برلمان كردستان.

كما أرجع القيادي في الحزب الديمقراطي حصول حزب الاتحاد على منصب محافظ كركوك إثر الانتخابات المحلية التي جرت في العراق أواخر العام الماضي إلى الدعم الذي تلقاه من “قادة أحزاب وميليشيات مثل قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، وهادي العامري قائد ميليشيا بدر وريان الكلداني قائد ميليشيا بابليون (مسيحية)، مؤكدا “تخوف تلك القوى من الحزب الديمقراطي الكردستاني ورغبتها في تقويض وجوده". ويقول طالباني إنّ حزبه "يسير على نهج الرئيس جلال طالباني ولا يسير خلف أي طرف سياسي آخر وليس تابعا لأي جهة".

 

اقرأ أيضا:

       • انتخابات بطعم الثورات

3