نيتفليكس تتجه لعرض أفلامها في قاعات السينما أولا بحثا عن الأوسكار

لندن- تبدأ منصة نيتفليكس تحولا استراتيجيا في علاقتها مع الشاشة الفضية، ببث فيلمها المرشح لجائزة الأوسكار “روما” الأربعاء القادم في دور السينما، وذلك ضمن اتجاهها للتركيز على القوة التسويقية لجوائز الأوسكار لجذب المزيد من المشتركين الرقميين.
ويدور فيلم المخرج ألفونسو كوارون عن عائلة في عام 1970 في مكسيكو سيتي، وقد تلقى الفيلم ملاحظات قوية، وهو واحد من أفلام أخرى، مثل “بالاد باستر سكراغز” و”بيرد بوكس”، تطلقها “نيتفليكس” في دور السينما قبل أن تعرضها على قناتها.
وتعد هذه الخطوة تحولا حقيقيا في استراتيجية الشركة، بالنظر إلى أن تيد ساراندوس، الرجل المسؤول عن ميزانية المحتوى السنوي لنيتفليكس البالغة 8 مليارات دولار، كان منتقدا صريحا لصناعة السينما التي تمنح الأفلام عرضا حصريا في دور السينما قبل بثها على أي منصات أخرى. ولكن ذلك كان قبل أن تقرر “نيتفليكس” الاتجاه إلى جوائز الأوسكار، وفق ما ذكر مارك سويني، في تقرير نشرته الغارديان.
ولكي يكون الفيلم مؤهلا للدخول في حفل توزيع جوائز الأوسكار السنوي في الولايات المتحدة، يجب أن يكون قد تم عرضه في إحدى دور السينما في مقاطعة لوس أنجلس لمدة لا تقل عن سبعة أيام متتالية.
ويتم إطلاق فيلم “روما” الأربعاء في لوس أنجلس ونيويورك والمكسيك، قبل افتتاحه في لندن في 29 نوفمبر، ثم بثه على شبكة “نيتفليكس” في 14 ديسمبر. ومع ذلك، سيحظى فيلم كوارون بالعرض لمدة ثلاثة أسابيع فقط في دور السينما الأميركية، بينما سيعرض الفيلمان الآخران لمدة أسبوع على الأكثر لكل منهما، وبذلك تكون نيتفليكس قد حققت الحد الأدنى من المتطلبات والشروط.
وقال ريتشارد بروتون، وهو محلل في شركة أمبير للاستشارات الإعلامية “في الوقت الحالي، ربما لم تكن نيتفليكس تلعب اللعبة بشكل كامل، ولكنها تستفيد من قواعد الدخول التي تشير إلى أن هذا الوضع يفيد نيتفليكس أكثر من جوائز الأوسكار. فهم يستوفون الحد الأدنى من المتطلبات”.
وبغض النظر عن متطلبات وشروط الأوسكار، اتفق مالكو السينما مع استوديوهات هوليوود على إذاعة الأفلام حصريًا في السينمات الأميركية لمدة 90 يوما قبل الانتقال إلى منصات أخرى.
وسيتم عرض فيلم “جاذبية المخرج كوارون”، على أكثر من 100 شاشة على مستوى العالم. هذا يعني أن فيلم “روما” ربما سيتفوق على أكبر إصدار لسينما نيتفليكس حتى الآن، وهو فيلم للمخرج بول غرينغراس يدور حول هجوم أندرس بريفيك الإرهابي في النرويج في عام 2011. وهذا قريب من مستوى إصدار هوليوود في الأسواق الضخمة: حيث تمتلك الولايات المتحدة أكثر من 40 ألف شاشة عرض، بينما تمتلك المملكة المتحدة أكثر من 4000 شاشة عرض.
هوليوود بحاجة إلى نيتفليكس من أجل إحياء الاهتمام بعروض الجوائز السينمائية بعد تراجع عدد مشاهديها إلى مستوى قياسي
ويقول فيل كلاب، الرئيس التنفيذي لجمعية السينما في المملكة المتحدة “مشغلي السينما في المملكة المتحدة يرحبون بأي شخص يجلب محتوى فيلم جيد إلى الأسواق. ومع ذلك، يتوقع معظم مشغلي دور السينما أن يقوم هؤلاء ممن يقدمون هذه الأفلام بمراقبة بعض معايير الصناعة حول فترة هامة من العرض الحصري. ونأمل في الوقت المناسب في إقناع نيتفليكس بأن ذلك سوف يكون في مصلحتهم أيضًا”.
ومن المعروف منذ فترة طويلة أن الأفلام الفائزة بالجوائز تزيد من بيع التذاكر – أو في حالة نيتفليكس تجذب مشتركين جدد – ولكن بالنسبة إلى منصة البث العملاقة، فإن جوائز الأوسكار تتمثل أيضاً في استكمال نيتفليكس لسياسة هيمنتها كمصدر مبتكر رقمي يكسر نموذج هوليوود المعمول به.
لقد استطاعت نيتفليكس أن تتفوق على خدمات البث التلفزيونية بالفعل. ففي سبتمبر الماضي، كسرت نيتفليكس الحاجز الرقمي القياسي لشبكة “إتش.بي.أو” التليفزيونية الذي استمر لمدة 17 عاما للحصول على أكبر عدد من ترشيحات جائزة “إيمي”، 108، وذلك من خلال جمع 112 ترشيحا. وحتى الآن، حصلت نيتفليكس على حوالي 14 ترشيحا لجوائز الأوسكار بفيلمين: وهما “وايت هيلميتس”، وهو فيلم وثائقي مدته 40 دقيقة يدور عن عمال الإنقاذ المتطوعين في سوريا، وفيلم “إيكاروس”، وهو فيلم وثائقي طويل عن فضيحة تعاطي المنشطات الرياضية في روسيا.
لكن “أمازون” هي أول شركة بث تحصل على أفضل ترشيح لجوائز الأوسكار عن فيلم “مانشستر باي ذا سي” في العام الماضي، والذي فاز فيه الممثل كاسي إفليك بجائزة أفضل ممثل وتم عرضه على نطاق واسع.
وجذب بث حفل توزيع جوائز الأوسكار هذا العام عددا أقل من المشاهدين – حيث انخفض بنسبة 20 بالمئة على أساس سنوي كنتيجة جزئية لتغيير عادات المشاهدة الناجمة عن ثورة البث. ولذلك يمكن القول إن هوليوود بحاجة إلى نيتفليكس من أجل إحياء الاهتمام بعرض الجوائز.
ويقول بول ديرغارابيديان، المحلل في شركة الاستشارات الإعلامية “كومسكور”، “هذا وضع مرن لا يزال يحظى به كلا الطرفين. ومع ذلك، فإن اللغز الذي تواجهه نيتفليكس هو أنه في الوقت الذي تطمح فيه إلى الأوسكار، فإن نموذج توزيع الشاشة الصغير الخاص بها يتجنب قوانين اتفاقية عرض الأفلام. وقد أظهرت ‘أمازون ستوديوز′ أن هناك طرقًا لسد الفجوة مع الحفاظ على قواعد خدمة البث المباشر”.