نوستالجيا أوروبية بين رف الكتب

هل أن أوروبا مسيحية اليوم؟ وكيف؟ هل يمكن أن تستمر كذلك بتبني مواقف نوستالجية، سلطوية، هووية؟ وعن أي مسيحية يتحدث إذن أولئك الذين يضعون "القيم المسيحية" في مواجهة موجتين يتوجسون منهما من حيث القوة والتهديد، أي مجتمع مفرط في العلمانية وإسلام غاز، كعلامتين عن الانهيار الحالي؟
أي معنى، وأي روابط، وأي منطق يمكن تلمسه في الصخب الذي يملأ المنابر الإعلامية والتجمعات الحزبية أحيانا عن حقائق الإرث الأوروبي التي تقدم كثوابت: مسيحية، علمانية، هوية، ثقافة، قيم، معايير، حقوق... في كتابه الجديد "ألا تزال أوروبا مسيحية؟".
يحلل أوليفيي روا، المتخصص في الإسلام السياسي، والأستاذ بالمؤسسة الجامعية الأوروبية بفلورنسا، وضع الأوروبيين بوصفهم أيتام ماضيهم المسيحي، الذي لا يمكن إنعاشه بسنّ قوانين، بل ربما بأنبياء.
العالم الرقمي على مقاس جماهيري
"المناطق الجديدة للمنظومة الرقمية" كتاب مبسط عن الثورة الرقمية وأثرها على التراب الفرنسي والأوروبي والعالمي، ألفه بيير بكوش، المنسق العلمي لمشروع إسبون ESPON الأوروبي، وعضو المجلس العلمي لمؤسسة التوقعات الاقتصادية في حوض المتوسط، ورئيس المجلس العلمي للمعهد الدولي لعلوم المناطق.
هدفه الأول بيان أن الرقمي يفرض نفسه بسرعة كمسرح عمليات كانت من قبل ترجع بالنظر إلى مجالات مختلفة: أسري، سياسي، مؤسساتي، مديني، فني، ميدي، اجتماعي، طبي... أي كل مجالات الحياة، العامة والخاصة.
أما الهدف الثاني فيتمثل في إبراز أهمية المقاربة الجغرافية للثورة الرقيمة. أولا: لأن ذلك يعطي بعدا ملموسا لتلك التحولات المتعددة الأشكال. ثانيا: لأن المناطق تظل ميدانا يمكن أن يندرج فيه المتقطع والمحدود، فيما العالم الرقمي هو عالم تواصل واكتمال ليس له حدود، من أجل غاية نبيلة كالخلق والابتكار، أو غاية دنيئة كالشمولية والطغيان.
جينالوجيا الليبرالية المتسلطة
جديد غريغورا شامايو، الباحث في مركز البحوث العلمية بليون، كتاب بعنوان "المجتمع المستعصي على الحكم"، ينطلق من سبعينات القرن الماضي، حين طغى الحديث عن أزمة الحوكمة" في فرنسا مع ميشيل فوكو، وفي أمريكا مع صامويل هنتغنتون، قبل أن تصبح ظاهرة شغلت عالم رجال المال والأعمال الذين وجدوا أنفسهم أمام تمرد عمالي كثيف، ومظاهرات إيكولوجية غير مسبوقة، وتنامي تعديلات اجتماعية وبيئية، ما خلق "أزمة ديمقراطية" جعلت الدولة مستعصية على القيادة، وصارت تهدد بتقويض ما هو قائم.
بهذه المناسبة تم إعداد فنون تسيير جديدة، كحركة مضادة لم يغادرها الغرب، يشرح الكتاب مصادرها وتاريخها الفلسفي، فنتبين كيف شنت الحرب على النقابات، وفرضت أولوية قيمة المساهمين، ووضعت عدة أساليب هيمنة لنزع السياسة.
وخلافا لما استقر في الأذهان، لا تعتري الليبرالية الجديدة فوبيا الدولة بشكل أحادي. والاستراتيجيات التي رسمت للخروج من تلك الأزمة تجنح إلى ليبرالية متسلطة حيث ليبرالية المجتمع تفترض عمودية السلطة، لتغدو "دولة قوية" لأجل "اقتصاد حرّ".