"نور الرياض" مهرجان يزيد اهتمام السعوديين بالفنون

التركيب البصري والضوئي يقترب من السعوديين بعروض في الأماكن العامة.
الجمعة 2022/11/11
تجهيز بصري يثري المدينة

تنفتح المملكة العربية السعودية على الأنشطة والمهرجانات الفنية ومنها تلك المهتمة بالفنون البصرية بهدف تشجيع السعوديين أو المقيمين أيضا على الاهتمام بالفنون الجميلة، عبر معارض وأنشطة توظف التركيب البصري ليضفي جمالية فنية على أبرز معالم العاصمة عبر استعراض مواهب متميزة من العالم.

الرياض – في العاصمة السعودية تتوهّج كرة حمراء ضخمة خارج مكتبة الملك فهد الوطنية، وتضيء أعمدة ملونة ضفاف بحيرة في منتزه شهير، وتزيّن تصاميم أخرى على جدران من الطوب قلعة بنيت قبل مئة وثلاثين عاما، كلّها مشاهد من مهرجان “نور الرياض” الهادف إلى تشجيع سكان المملكة على التعمّق في الفنون الجميلة.

وتقول السلطات السعودية إن “نور الرياض” هو احتفال سنوي للضوء والفن على مستوى المدينة يعزز الإبداع ويدعم المواهب ويقدم تجارب مذهلة.

وتسعى المملكة، في إطار خطة إصلاحات بدأت منذ سنوات، إلى تقديم نفسها كوجهة سياحية وثقافية، ونظّمت في هذا الإطار في السنوات الأخيرة معارض لأسماء كبيرة في عالم الفن المعاصر، بينها “ديزرت إكس” في وسط جبال الحجارة الرملية في العلا في شمال البلاد غير المكتظ بالسكان.

أما مهرجان “نور الرياض” فيقام في 40 موقعا في العاصمة التي تضمّ أكثر من سبعة ملايين شخص، لم يعتد كثير منهم على زيارة معرض من قبل.

غيداء المقرن: الفن يستفز الناس لنرى كيف يتفاعلون معه
غيداء المقرن: الفن يستفز الناس لنرى كيف يتفاعلون معه

وتقول المنسّقة الفنية السعودية جمانة غوث إنّ “أوضاعا اجتماعية واقتصادية مختلفة تتفاعل مع التركيبات… إنه أمر مدهش”، مضيفة “لسنا حقا شعبا نشأ مع الفن”.

وتتابع أنّ المشروع يستهدف “على وجه التحديد أولئك الذين لا يستطيعون حتى السفر. نحن نأتي بالفن إليهم”.

أما المنسّقة الفنية الأخرى في المهرجان غيداء المقرن فتقول إن التركيز على الأماكن العامة التي يتم ارتيادها بشكل كثيف يعني أنّ “هذه القطع الفنية تعرض في الأماكن العادية بالنسبة إلى السكان”.

وتضيف “أعتقد أن هذا هو دور الفن: أن يأتي ويستفز لنرى كيف سيجري التفاعل معه”.

وتضمنت فعاليات إطلاق “نور الرياض” عرضا ضوئيا في منتزه استُخدمت فيه 2000 طائرة مسيّرة، وحفلا صاخبا في الصحراء خارج المدينة، حيث أُنشئت منصة لتنسيق الأغاني تحت هرم كبير متوهج مقلوب.

ومساء السبت تجوّل عادل شكر مع زوجته وشقيقتها بالقرب من تركيب ضوئي للفنانة غيزيلا كولون من بورتوريكو، مندهشا من الضوء الذي يلمع من بحيرة اصطناعية على مقربة منه.

وتساءل “الضوء… كيف وضعوه هناك؟ كيف يوزعون الضوء؟ إنه كالفن بالفعل”.

وكانت تجربة جديدة للمحلل المتخصص بالشؤون البحرية المتقاعد والبالغ 52 عاما، والذي يقول إنّه غير معتاد على ارتياد المتاحف والمعارض الفنية في الرياض.

وقال “ليس لدينا وقت. الرياض الآن مزدحمة للغاية. لا يمكنك التحرك بسهولة. ساعة الذروة باتت في كل الأوقات”.

وشارك أكثر من 130 فنانا من 40 دولة في مهرجان “نور الرياض” الذي يستمر حتى التاسع عشر من نوفمبر الحالي.

وتتجنب منشآت “نور الرياض” في شكل عام توجيه رسائل سياسية، فيما يسلّط الكثير منها الضوء على ويلات تغير المناخ.

وأقر منسق المهرجان هيرفيه ميكائيلوف الذي عمل سابقا مع فنانين عالميين، بأن بعض الفنانين ربما كانوا متخوفين من المجيء إلى السعودية، لكنه قال إن أياً منهم لم يتعرض لضغوط من السلطات المحلية بشأن المحتوى الذي سيقدمونه.

وصرح ميكائيلوف “بالتأكيد، إذا قبلت العمل هنا، فعليك أن تقبل بالقواعد والوضع القانوني والسياسي”.

وأضاف “أعتقد أن معظم الفنانين الذين كنت أتحدث معهم أرادوا التأكيد على أن مهرجانا كهذا، هو أيضا بادرة سياسية لفتح البلد على العالم”.

وكان زوار “نور الرياض” على موعد مع أربعة محاور كبرى أولها “الفن مستقبل المدن” ويتيح للزائر جولة في منتزه الملك عبدالله لمدة 60 دقيقة تركز على الرابط القوي الذي يجمع بين الفن وهندسة العمارة. يبدأ الزوار الجولة بتأمل عمل ضوئي ساحر يقدمه “كوايت انسامبل” بعنوان “أفق عامودي”. تتبعها مشاهدة عمل بعنوان “جينيسس” من قبل الفنانين رومان هيلز وجوناثان فيتاس، وهو عبارة عن قصيدة بصرية ساحرة مصحوبة بمشاهد صوتية تأملية. وأخيرا يختتم الزوار الجولة بتجربة تأمل عميق مع عمل فني بعنوان “آفاق كسورية” لجوليوس هورشيوز.

عروض في الفضاءات العامة
عروض في الفضاءات العامة

أما المحور الثاني فهو بعنوان “نبض من النور” وهو تركيب بصري يضيء سماء الرياض بأمواج ضوئية من ألوان مشعة. وفي كل ليلة، تتوهج أشعة الليزر لتربط خيوطا ضوئية مذهلة من خلال أبراج العاصمة في طريق الملك فهد: مركز المملكة، وبرج الفيصلية، وبرج مجدول.

“نبض من النور” من ابتكار الفنان الفرنسي يان كيرسالي بالتعاون مع مصمم العرض مارتن أرنو، والذي سيعزف ألحانا ضوئية لمدة خمس دقائق، من موسيقى الفنان الحائز على جائزة الغرامي زد.

ويهتم المحور الثالث من المهرجان باحتفال بعنوان “مزيج من التناغم التفاعلي: التكنولوجيا والابتكار” وفيه عرض لعمل بعنوان “نظرية الألوان” للفنان جيسي وولستون. ومن بعده عمل فني تفاعلي للفنان برونو رويبيرو والذي يتيح الفرصة للاستمتاع بتتابع حركات الصوت والضوء. وأخيرا قبل انتهاء الجولة سيشاهد الزوار استعراضا خياليا بعنوان “ثيتا” لأوسيليشن.

أما المحور الرابع فسيكون بالتقنية ثلاثية الأبعاد، وبعنوان “رسم خارطة المستقبل لمدينة المستقبل”. وفي هذه الجولة جميع الزوار مدعوون إلى السفر عبر الزمن للمستقبل وعيش تجربة غير مسبوقة في مركز الملك عبدالله المالي. وتبدأ الجولة بعمل فني خيالي للفنان أسعد بدوي والذي دمج إدراك الأطفال بحركة الكواكب مع الفن. من بعدها سيدخل الزوار إلى عرض فني لمدينة المستقبل بتقنية الــ360 بعنوان “أباراتيس 1010” للفنان فيغاس، أخيرا سيعيش الزوار داخل حلم فابيو فولبيئ الذي جسد الحلم نحو آفاق جديدة بعمل مُبتكر ومميز.

وإلى جانب هذه الفعاليات المتاحة يوميا لسكان الرياض وزوارها، ينظم المهرجان معرضا بعنوان “من الشعاع إلى الشغف” في حي جاكس بالدرعية من الثالث من نوفمبر الحالي وحتى الرابع من فبراير المقبل. والمعرض تحت إشراف القيّم الفني نيفيل ويكفيلد وبدعم من القيّم المساعد غيداء المقرن.

ويقدم المعرض لزوّاره رحلة فنية للتحوّل الضوئي الإبداعي في الماضي والمستقبل، مستكشفا مواضيع “تقنيات الضوء” و”عمارة الضوء” و”إدراك الضوء”.

15