نواد رياضية في تونس تواجه معضلة بسبب هجرة اللاعبين

غياب الموارد المالية يغذي ظاهرة الهجرة غير النظامية للاعبين.
الأربعاء 2023/04/12
حلم يخالجهم بالوصول إلى الضفة الأخرى

تونس - قرّر نادي "جمعية غار الدماء" لكرة القدم والناشط في الدرجة الرابعة من الدوري التونسي، تعليق نشاطه بسبب هجرة أكثر من ثلاثين لاعبا من صفوفه بشكل غير قانوني إلى دول أوروبية.

وتعاني تونس من أوضاع اقتصادية صعبة في السنوات الأخيرة، ما يضطر العديد من التونسيين إلى خوض مغامرة الهجرة غير النظامية بحثا عن حياة أفضل، ولم تعد تنحصر هذه الظاهرة فقط في دائرة العاطلين عن العمل، بل طالت أيضا موظفين ورياضيين.

وقال رئيس النادي جميل مفتاحي الثلاثاء "أوقفنا النشاط وعلقنا اللعب منذ عشرين يوما" بسبب "تزايد الهجرة غير القانونية للاعبين، فخلال الثلاث سنوات الماضية هاجر 32 لاعبا من الفريق إلى دول أوروبية". وعلّل المسؤول سبب هجرة اللاعبين "بانعدام الموارد المالية وضعفها، حيث لا نستطيع شراء التجهيزات والأقمصة والأحذية الرياضية"، فضلا عن أن "اللاعبين لا يتمتعون بمنح مالية".

ووفق المسؤول، فقد وصل غالبية اللاعبين وتتراوح أعمارهم بين 17 و22 عاما إلى أوروبا “إمّا عن طريق البحر في قوارب أو السفر إلى صربيا ثم العبور بشكل غير قانوني إلى دول أخرى". وأكد مفتاحي أن قرار تعليق النشاط سيتواصل إلى حدود الموسم الرياضي القادم "إلى أن ننظر في حلّ مع الاتحاد التونسي لكرة القدم".

أنيس بن ميم: الهجرة غير النظامية هي مشكلة اجتماعية بالأساس
أنيس بن ميم: الهجرة غير النظامية هي مشكلة اجتماعية بالأساس

و"غار الدماء" مدينة حدودية مع الجزائر في شمال غربي البلاد، وهي من المناطق المهمّشة التي تفتقر إلى التنمية وتعتمد أساسا على الزراعة، وتأسس فيها نادي كرة القدم منذ أكثر من مئة عام. وكشف نشطاء من المجتمع المدني أن  هجرة لاعبين من فرق رياضية تحولت إلى ظاهرة في تونس.

وأفاد عبدالرحمن الهذيلي، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأن "أغلب اللاعبين وضعهم المادي صعب في نواديهم الرياضية، وأصبح من يجد إمكانية للهجرة لا يتردد في استغلالها".

وأكّد الهذيلي في تصريحات لـ"العرب" أن "الوضع في تونس أصبح مقلقا جدا، ومعظم الشعب التونسي يعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية بسبب غياب مواطن الشغل القار وغلاء الأسعار، والشباب في كل أنحاء البلاد لم يعد لديهم حلم إلا الهجرة نحو أوروبا”.  وتابع الهذيلي “هناك أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة، فضلا عن الانقطاع التعليمي المبكر، حيث تشير الأرقام إلى وجود 100 ألف تلميذ يغادرون مقاعد الدراسة سنويا".

ومنتصف فبراير الماضي، هاجر حارس مرمى ناد بالدوري التونسي بطريقة غير قانونية عبر البحر إلى إيطاليا، على ما أعلن ناديه آنذاك. وأوضح "مستقبل الرجيش" لكرة القدم أن قرار اللاعب خليل الزوالي (19 عاما) كان بسبب "الأزمة المالية الصعبة والظروف المعيشية القاسية التي يعيشها النادي".

وتعتبر السواحل التونسية نقطة انطلاق للمهاجرين سواء التونسيين أو القادمين من دول جنوب الصحراء والمتوجهين نحو السواحل الأوروبية، وخصوصا نحو إيطاليا. وتستقبل إيطاليا أعدادا كبيرة من المهاجرين الواصلين من تونس عبر البحر المتوسط. وتفيد الأرقام الرسمية بأن هذا البلد استقبل أكثر من 32 ألف مهاجر في العام 2022، من بينهم 18 ألف تونسي.

وأكّد أنيس بن ميم، المحامي المتخصّص في القانون الرياضي، أن "الهجرة غير النظامية هي مشكلة اجتماعية بالأساس وليست رياضية، فالرياضة ليست بمعزل عن المجتمع، كما تمثل أيضا ظاهرة اجتماعية عالمية".

وقال بن ميم في تصريحات لـ"العرب"، "هناك العديد من اللاعبين ذهبوا لإجراء تربّصات مع المنتخبات الوطنية في بلدان أوروبية ثم هاجروا بطرق فردية". وأضاف "على الدولة باعتبارها حاضنة للشباب، أن تهتم بالرياضة وتستثمر في الطاقات الموجودة للحدّ من الهجرة غير النظامية".

4