نواب تونسيون يطعنون في دستورية قانون المحكمة الدستورية

البرلمانية ليلى الحداد تؤكد أن مشروع القانون تضمن الكثير من الخروقات الشكلية والجوهرية الكفيلة بإسقاطه.
السبت 2021/05/08
جلسة التصويت تحولت إلى محاكمة للرئيس سعيد

تونس - تقدم العشرات من النواب في البرلمان التونسي السبت بطعن ضد دستورية مشروع لتعديل قانون خاص بالمحكمة الدستورية، ما يفتح الباب أمام المزيد من الجدل القانوني حول أعلى مؤسسة قضائية تعطل وضعها منذ 2015.

وقال النائب وأمين عام حزب "حركة الشعب" زهير المغزاوي إنه تم إيداع الطعن من قبل 33 نائبا لدى الهيئة المكلفة مؤقتا بمراقبة دستورية القوانين.

وكان البرلمان صادق في الرابع من مايو الجاري على مشروع القانون لتيسير انتخاب أعضاء المحكمة عبر التقليص من أغلبية الثلثين المطلوبة سابقا لتزكيتهم، إلى أغلبية ثلاثة أخماس.

وأفرز التصديق على القراءة الثانية من القانون بأغلبية 141 نائبا ورفض 15 نائبا واحتفاظ 10 نواب بأصواتهم.

وجاءت المصادقة على القانون بعد أن كان الرئيس قيس سعيد رفض توقيعه قبل نحو شهر في قراءة أولى ورده إلى البرلمان لقراءة ثانية، وتنتهي السبت آجال توقيعه من قبل الرئيس.

وتقدم نواب من حزب "حركة الشعب" القريب من الرئيس وعددا آخر من نواب حزب "التيار الديمقراطي" بطعن ضد مشروع القانون، ما يؤدي إلى تعليق آجال الختم.

وقالت المحامية والنائب ليلى الحداد وهي من بين الموقعين على عريضة الطعن "تضمن مشروع القانون الكثير من الخروقات الشكلية والجوهرية وهي كفيلة بإسقاطه".

وبحسب النواب المعترضين، لم يتم عرض القانون على لجنة التشريع في البرلمان لمناقشته وجرى عرضه مباشرة على جلسة عامة للتصويت، وتابعت الحداد "جلسة التصويت تحولت إلى محاكمة للرئيس".

والمحكمة الدستورية هي من بين الخلافات الرئيسية بين الرئيس والبرلمان، حيث يقفان على طرفي نقيض في تأويل النص الدستوري بشأن وضعها.

وكان سعيّد رفض قبل شهر ختم مشروع لتعديل قانون المحكمة الدستورية بدعوى إخلال البرلمان بالآجال القانونية، ورد بالتالي مشروع القانون على البرلمان الذي تولى إعادة النظر والتصويت عليه بأغلبية معززة.

ولم تمرّ الجلسة دون تسجيل بعض الخروقات، حيث شهدت غيابات بالجملة لم يتم تلافيها حتى لحظة الإعلان عن بدء التصويت الذي دام ساعة كاملة (يدوم في المعدل 9 أو 10 دقائق) وهو الأمر الذي نددت به منظمة بوصلة واعتبرته سابقة خطيرة مطالبة رئيسة الجلسة النائب سميرة الشواشي (قلب تونس) بالتوضيح.

واعتبر النائب عن التيار نبيل الحجي الجلسة برمتها عملية تحيل مفسرا أنه لم يتم عرض برمجة الجلسة العامة على موافقة خلية الأزمة بثلثي أعضائها، كما لم يعرض رد رئيس الجمهورية لقراءة ثانية على لجنة التشريع العام، بل تمت إحالته مباشرة على الجلسة العامة.

ووقع جدل بشأن التصويت على القانون برمته عوض التصويت على الفصول، حيث ارتأى البعض وخاصة رئيسة الجلسة الشواشي أنه لا وجود لتعديلات تستوجب ضرورة التصويت على كل فصل على حدة، وهو ما اعتبره عدد من النواب خطأ إجرائيا آخر.

وواصل الإسلاميون وقلب تونس مسار التشكيك في مصداقية الرئيس سعيد واتهامه بأنه يخطط لدكتاتورية جديدة يحتكر فيها تأويل الدستور، فيما واصل سعيد من جهته الثبات على مناهضة كلّ خطوة تقوم بها حركة النهضة الإسلامية وذراعها ائتلاف الكرامة لمحاولة قطع الطريق أمام الرئاسة.

ويفرض الفصل 81 من الدستور على البرلمان التصويت على مشروع القانون بعد التداول فيه ثانية، بأغلبية ثلاث أخماسه (131 صوتا على الأقل)، حتى لا تسقط التعديلات التي أدخلها مجلس النواب على قانون المحكمة الدستورية في جلسة 25 مارس، بموافقة 111 نائبا، مقابل 8 محتفظين ودون تسجيل اعتراضات.

وينص دستور تونس الجديد، الذي صدر بعد الثورة عام 2014، على ضرورة تأسيس المحكمة في مدة أقصاها عام من تاريخ الانتخابات التشريعية التي أجريت في تلك السنة.

وتتكون المحكمة من 12 عضوا، ثلثهم ينتخبهم البرلمان ولكنه لم يتوصل إلى انتخاب سوى عضو واحد، فيما فشل باقي المرشحين في نيل الأغلبية المطلوبة.

وأكد القيادي في حركة النهضة الحبيب خذر أن الرئيس سعيد مضطر لختم مشروع القانون، لأنه في حال رفضه فسيكون بذلك مخالفا للدستور.

من جهتها، أكدت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي، أن رئيس الجمهورية ملزم بختم قانون المحكمة الدستورية والأمر بنشره في آجال 4 أيام من تاريخ المصادقة عليه في البرلمان وليس له الحق في ردّه مرة ثانية.

ومبدئيا، لن يقوم الرئيس سعيد بإصدار القانون محلّ الجدل، وقد شرح شقيقه نوفل سعيد، الذي يعتبر مستشاره دون أي تعيين رسمي، الموضوع جيدا من خلال توضيح عدم دستورية هذا القانون المعني بالنظر إلى "أن النواب لم يعدّلوا أي فاصلة في القانون بين التنقيح الأول والثاني، ونظرا لأن الرئيس رفض القانون لعدم دستورية النسخة الأولى، فلا داعي إذن لتغيير الرئيس سعيد رأيه بعد أن تمت المداولة شكليا في القانون دون تغيير مضمونه".

ويعتبر الرئيس التونسي أن الدستور أمر بتشكيل المحكمة الدستورية في غضون عام واحد من انتخابات 2014، وإرساؤها الآن مع تأجيل ست سنوات، أمر غير دستوري في نظره.

وقال سعيد "الهيئة الوحيدة القادرة على اتخاذ القرار في هذه المسألة هي المحكمة الدستورية، ولكي نتمكن من بعثها، يجب علينا بالتالي تغيير الدستور".

وأراد النواب تجاوز هذه الثغرة من خلال تمرير هذا القانون بالقوة والإصرار على بعث المحكمة بتركيبة إسلامية متطرفة، الأمر الذي يرفضه الرئيس، دون اقتراح حلّ بديل.

وسيؤدي رفض الرئيس سعيد للمصادقة على القانون إلى تفاقم الأزمة السياسية الحالية فيما تتواصل تهديدات الإسلاميين وأذرعهم المتطرفة له، ومما يدور في الكواليس حديث النواب عن سحب الثقة من قيس سعيد بسبب "خطأ جسيم"، وهو انتهاكه للدستور.