نهاية سعيدة لزينب.. طفلة نيجرية وصلت تونس قبل خمس سنوات بطريقة غير قانونية

تونس - تطأ أقدام الفتاة النيجرية زينب أرض الوطن الأربعاء وذلك بعد خمس سنوات قضتها بقرية لرعاية الأطفال في تونس التي وصلتها في العام 2019 مع مهاجرين غير نظاميين لا تعرفهم. ودخلت زينب (13 عاما) تونس بطريقة غير قانونية من الحدود التونسية مع ليبيا بولاية مدنين (جنوب شرق) مع مهاجرين غير نظاميين لا صلة لهم بها.
وتعد قصة زينب إحدى الروايات المأساوية لأطفال أفارقة، وجدوا أنفسهم في دولة أخرى لا يعرفون عنها شيئا، وليس لهم فيها أقارب يمكن أن يحتضنوهم. وتعد زينب محظوظة نسبيا حينما وجدت من يحتضنها في تونس إلى حين التوصل إلى موطنها والعثور على عائلتها.
ويروي محمد اليعقوبي، مدير قرية “س و س” للأطفال من ولاية صفاقس (شرق) لراديو “موزاييك” المحلي في تونس، رحلة وصول زينب وكيفية احتضانها من قبل القرية. ويقول اليعقوبي في هذا الصدد “لم تكن تعرف لماذا هي هناك، فتدخّل مندوب حماية الطفولة في مدنين والمنظمة الدولية للهجرة التي كانت احتضنتها قبل أن يتدخل قاضي الطفولة بمدنين".
ويوضح أنه "بقرار قضائي تم قبولها في قرية ‘س و س’ للأطفال لحمايتها وفقا للاتفاقيات الدولية لحماية الطفولة التي تقتضي حماية الطفل حتى إيجاد حل له". ووفق اليعقوبي "تمّ قبول زينب للدراسة وهي الآن بالصف الخامس الابتدائي وتتقن اللغة العربية بعد أن كنا لا نفهم ما اللغة التي تتكلم بها عندما دخلت القرية".
وتنتشر بتونس عدة قرى للأطفال فاقدي السند العائلي، ويعيشون فيها في أجواء تحاكي الأسرة العادية تحت إشراف موظفة يطلق عليها عادة اسم “الأم”، تدير أمورهم وحياتهم اليومية وتعليمهم. لكن قصة زينب لم تنته بدخولها المدرسة واندماجها مع أسرة في قرية الأطفال، بل استمر البحث عن عائلتها. وحول كيف كانت الطفلة مع أشخاص لا تعرفهم يقول اليعقوبي "لم تكن تعرف كيف وصلت وهل تم اختطافها أم لا؟".
ويضيف “بدأنا مساعي مع المنظمات الدولية لربط زينب بعائلتها الأصلية في النيجر ومعرفة من أمها ومن أبوها إلى أن تواصلنا عبر واتساب مع أمها وكانت الفرحة بادية عليها". ويتابع اليعقوبي "عائلتها لم تكن تعرف مصيرها وماذا حدث لها، وأصبح أفراد عائلتها حريصين الآن على الاتصال بابنتهم".
ويردف "تواصلنا مع سفارة النيجر بليبيا بحكم عدم وجود سفارة في تونس، ونسقنا مع مدير عام شؤون اللاجئين هناك الذي زارنا مرتين وأحضرنا وثائق حتى ترسل أمها توكيلا، وبالتنسيق مع السلطات في تونس والنيجر وصلنا إلى لحظة أن تعود زينب إلى أهلها في النيجر". ويضيف اليعقوبي أن "زينب فرحت بالعودة، فلها إخوة عديدون هناك، لكنها أيضا حريصة على الاحتفاظ بأرقام هواتفنا للتواصل".
وعند حضور جلسة التسليم التزمت سفارة النيجر بليبيا بمواصلة زينب دراستها، وأن يسمح لها عند تجاوز سن 18 سنة بالعودة إلى تونس لمواصلة الدراسة إن أرادت ذلك. وبوتيرة أسبوعية، تعلن السلطات التونسية إحباط محاولات هجرة غير نظامية إلى سواحل أوروبا، وضبط المئات من المهاجرين من تونس أو من دول أفريقية، يقدمون على ذلك جراء تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية في بلادهم.
وتتعرض تونس لضغوط أوروبية متصاعدة لممارسة المزيد من الرقابة على شواطئها ومنع قوارب الهجرة من المغادرة. وترفض تونس مثل هذه الضغوط، وتقول الحكومة التونسية إن حل ملف الهجرة غير النظامية يحتاج إلى مقاربة جماعية، تأخذ بعين الاعتبار الدوافع التي تقود مئات الآلاف من الأشخاص إلى المجازفة
وفي سبتمبر 2023 أعلنت المفوضية الأوروبية تخصيص 127 مليون يورو مساعدات لتونس، ضمن مذكرة تفاهم بشأن قضايا، بينها الحد من توافد المهاجرين غير النظاميين، وبحسب تقرير منظمة الهجرية الدولية صدر في يوليو الماضي، فقد عاد منذ يناير الماضي أكثر من 4100 مهاجر بشكل طوعي إلى بلادهم، موضحة أنهم يتحدرون من 28 بلداً.
وشددت المنظمة على أن عمليات العودة الطوعية أصبحت ممكنة بفضل دعم الجهات المانحة، وشرحت أنه عند وصول المهاجرين إلى بلدانهم، "يستفيدون من الدعم والمساعدة في إعادة الإدماج بهدف إعادة بناء حياتهم في بلدهم الأصلي". وقالت المنظمة إن حوالي 3500 مهاجر طلبوا “العودة الطوعية” من دول المغرب إلى بلدهم الأصلي منذ بداية العام وحتى 25 يونيو، أي بزيادة قدرها 200 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام 2023. وأكثر المعنيين الغامبيون والبوركينافيون والغينيون.