نمو مطرد للقدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة عالميا رغم كثرة المنغصات

لندن- يشهد العالم نموًا مطردًا في القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة في ظل رغبة العديد من الدول على الإسراع في تقليص الانبعاثات الدفيئة، على الرغم من التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والتكنولوجية التي تواجه هذا القطاع منذ سنوات.
وأصبحت مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح أكثر حضورًا في مزيج الطاقة العالمي، متجاوزة في كثير من الأحيان التوقعات السابقة، ومثيرة للإعجاب في قدرتها على الصمود والتوسع وسط تقلبات الأسواق وتباطؤ الاقتصاد العالمي.
ويعود هذا النمو جزئيًا إلى التقدم التقني المتسارع، حيث انخفضت كلفة إنتاج الكهرباء من مصادر الشمس والرياح بشكل كبير خلال العقد الأخير، مما جعلها أكثر قدرة على المنافسة مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية.
كما أدّت المخاوف البيئية، خاصة ما يتعلق بتغير المناخ إلى زيادة الضغط السياسي والمجتمعي على الحكومات من أجل تسريع الانتقال إلى طاقة نظيفة ومستدامة.
11
تيراواط حجم الإنتاج المتوقع في 2035 ارتفاعا من 4.44 تيرواط حاليا، وفق التقديرات
وترصد الإحصائيات ارتفاعا في القدرة الإنتاجية العالمية للطاقة المتجددة بنسبة 377 في المئة خلال السنوات العشر الماضية، لتصل إلى 4.44 تيراواط، مدفوعةً بانخفاض تكاليف المعدات والتركيب والدعم القوي للسياسات.
ويُسلَّط الضوء هذا الأسبوع على هذه الزيادة الكبيرة في القدرة الإنتاجية، بالتزامن مع احتفال العالم باليوم العالمي للتجديد، وهو حدث سنوي أُطلق عام 2019 لتشجيع التحول عن الوقود الأحفوري وزيادة الوعي بإمكانيات الطاقة المتجددة العالمية.
ووفقًا لمعلومات جمعتها وكالة الأناضول، من المتوقع أن تتجاوز سعة الطاقة المتجددة العالمية حوالي 11 تيراواط بحلول عام 2035.
وساهم الوعي المتزايد بتغير المناخ والاحتباس الحراري، إلى جانب انخفاض تكاليف معدات طاقة الرياح والشمس والحوافز السياسية القوية، في تعزيز سعة الطاقة البديلة العالمية من 0.93 تيراواط في عام 2015 إلى 4.44 تيراواط في عام 2024.
وعلى الرغم من المكاسب، يُقدر أن 675 مليون شخص حول العالم لا يحصلون على الكهرباء بعد، ويعتمد 2.3 مليار شخص على أنواع الوقود الضارة للطهي. ولكن توسعات سعة الطاقة جعلت عام 2024 نقطة تحول في تحول الطاقة.
وبحلول نهاية العام الماضي، تجاوزت سعة الطاقة الكهرومائية 1270 غيغاواط، والطاقة الشمسية 1419 غيغاواط، بينما بلغت طاقة الرياح 1017 غيغاواط، وقدرة الكتلة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضية 171 و14 غيغاواط على التوالي.
ومع ذلك، لا تزال وتيرة التغيير غير كافية لتحقيق الهدف الطموح المتمثل في مضاعفة قدرة الطاقة المستدامة ثلاث مرات بحلول عام 2030.
ففي عام 2024 فقط، تم تركيب أكثر من 500 غيغاواط من القدرة الإنتاجية الجديدة للطاقة المتجددة حول العالم، وهو رقم قياسي يشير إلى مدى تسارع هذا التحول.
ورغم التقدم المحرز، يُحذر الخبراء من أن الجهود الحالية لا ترقى إلى مستوى المطلوب لإكمال التحول في مجال الطاقة بحلول عام 2035.
وتشير التوقعات إلى أن العالم سيشهد تضاعفًا في الطاقة المتجددة خلال السنوات العشر القادمة، مدفوعًا بحلول تقنية جديدة مثل تخزين البطاريات والهيدروجين الأخضر والرقمنة الذكية لشبكات الطاقة.
البنية التحتية في كثير من الدول النامية ما زالت غير مهيأة لدمج الطاقة المتجددة بشكل فعال في شبكات الكهرباء المحلية
وعلى امتداد السنوات الأخيرة ساهمت السياسات الحكومية والمبادرات الدولية، مثل الاتفاقيات المناخية وخطط الحياد الكربوني، في تحفيز الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة.
وأصبح من الشائع أن تضع الدول أهدافًا طموحة لزيادة نسبة الطاقة النظيفة في مزيجها المحلي، وتقديم حوافز مالية وضريبية للمستثمرين في القطاع.
وبالإضافة إلى ذلك، زادت مؤسسات التمويل الدولية من دعمها للمشاريع الخضراء، وهو ما أدى إلى توجيه رؤوس الأموال نحو استثمارات أكثر استدامة.
وعلى مستوى الشركات، فإن العديد من كبرى المؤسسات العالمية باتت تلتزم بتحقيق الاستدامة وخفض بصمتها الكربونية، مما دفعها إلى التحول لاستخدام الكهرباء المنتجة من مصادر متجددة.
لكن هذا النمو لا يخلو من المنغصات. فعدم الاستقرار السياسي في بعض المناطق، وارتفاع أسعار المواد الأولية اللازمة لصناعة الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، وسلاسل التوريد المتعثرة، جميعها عوامل تهدد بتباطؤ بعض المشاريع أو زيادة تكلفتها.
كما أن البنية التحتية في كثير من الدول النامية ما زالت غير مهيأة لدمج الطاقة المتجددة بشكل فعال في شبكات الكهرباء المحلية.
وفضلا عن ذلك، ثمة تحديات مرتبطة بتقلب إنتاج الطاقة البديلة، وخاصة في فترات انخفاض الرياح أو سطوع الشمس، مما يستدعي حلولًا مبتكرة لتخزين الطاقة أو تنويع مصادرها.
ومع ذلك، فإن الإرادة العالمية لمواجهة التغير المناخي، والدافع الاقتصادي للاستفادة من الطاقة النظيفة، جعلا من التوسع في الطاقة المتجددة مسارًا لا رجعة فيه.