نقل ملكية الصحف بمبالغ طائلة لا يكفي لإنقاذها من الكساد

تمت صفقة بيع صحف بريطانية جديدة لإنقاذ صحيفتي إكسبريس وديلي ستار ومجلة أوكي من أزماتها المادية، لكنها لم تحمل أي استراتيجية جديدة لإنتاج محتوى متميز يستطيع مواكبة التطور المتسارع في هذا المجال.
السبت 2018/02/10
الرهان على الصحف مستمر

لندن - توصلت مجموعة شركات “ترينيتي ميرور” إلى صفقة لشراء صحيفتي إكسبريس وديلي ستار، ومجلة المشاهير “أوكي” بقيمة 200 مليون جنيه إسترليني، بعد محادثات طويلة.

ودفعت “ترينيتي ميرور”، التي تملك صحيفتي “ديلى ميرور” و”صنداي ميرور” مبلغا بقيمة 127 مليون جنيه إسترليني لشراء صحف الملياردير ريتشارد ديزموند التي تدعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بحسب ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.

ولم يتم الإعلان عن أي خطط لإنتاج أو تطوير المحتوى الورقي أو الرقمي لمواكبة التطور المتسارع، كما هو حال الكثير من الصحف الكبرى، ويبدو أن العملية لا تعدو عن كونها تغييرا في أسماء مالكي الصحف كمحاولة لإنقاذها، لكن هذه العلاجات من غير المرجح أن تكون قادرة على إخراجها من السوق المريضة.

ووافقت الشركة على دفع حوالي 70 مليون جنيه إسترليني لمعاشات التقاعد الخاصة بالموظفين حتى عام 2027، وهي المسألة التي كانت محل جدال طيلة فترة المفاوضات، حيث بلغ عجز صحفية إكسبرس في المعاشات التقاعدية 19 مليون جنيه إسترليني في عام 2016، مع قيام ديزموند بدفع 11 مليون جنيه إسترليني سنويا حتى عام 2020.

وقال سيمون فوكس الرئيس التنفيذي لشركة “ترينيتي ميرور” إن الصحف الوطنية الخمس ستبقى مستقلة عن بعضها البعض من الناحية التحريرية.

وأضاف “لن تغير ’ميرور’ اتجاهها اليساري وكذلك لن تغير ’إكسبريس’ اتجاهها اليميني، بل ستبقى كل جريدة مستقلة عن الأخرى، وسأترك اتخاذ القرارات بشأن محتوى كل منهما تماما إلى المحررين”.

وتهدف شركة “ترينيتي ميرور” إلى توفير حوالي 20 مليون جنيه إسترليني من التكاليف بشكل سنوي، منها حوالي 9 ملايين جنيه إسترليني من عمليات “إنتاج المحتوى”، الأمر الذي يعني أنها بصدد خفض العمالة، وجمع بعض الموارد التحريرية، وإعادة النظر في استمرارية بعض المجلات مثل “نيو” و”ستار”.

وأعطى فوكس مثالا على ذلك بإنشاء فريق تحرير واحد في قسم الرياضة يخدم الصحف الخمس، على الرغم من أنه في مجالات مثل السياسة تبقى فرق العمل منفصلة عن بعضها.

وتابع “بدلا من إرسال العديد من الصحافيين لتغطية نفس مباريات كرة القدم، يمكننا تغطية المزيد من المباريات والمزيد من الرياضة وتقديم محتوى أعمق وأوسع. وسيرجع القرار النهائي للمحررين حول المحتوى الذي يريدون استخدامه”. ونوه بأنه لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن تغييرات في مواقع الموظفين بين الصحف بعد، وأضاف أنه لا يتوقع أن توسيع المجموعة سيسبب مشاكل للمنافسين.

سيمون فوكس: الصحف الوطنية الخمس ستبقى مستقلة عن بعضها البعض من الناحية التحريرية

وارتفع سعر سهم الشركة بنسبة 15 بالمئة تقريبا في التعاملات المبكرة، حيث استفاد المستثمرون من الفوائد المالية وتوفير التكاليف لإحدى أهم عمليات الدمج بين الصحف الوطنية البريطانية التي حدثت منذ عقود مضت.

ولا توجد لدى شركة “ترينيتي ميرور” الواقعة في منطقة “كاناري وارف” بلندن المساحة الكافية من المكاتب التي ستضم ما يقدر بنحو 900 موظف جديد (حوالي 350 محررا)، لذلك وافقت على استئجار جزء من مكاتب شركة “نورثرن آند شيلز” لمدة 10 سنوات.

وقالت مجموعة فوكس إن الإصدارات المشتركة لشركة “ترينيتي ميرور” على المستوى الوطني ستظل أقل من إصدارات “ذا صن”، كما أن الشركتين لن تتمكنا معا من السيطرة على النسبة الأكبر من سوق الإعلانات في الصحف القومية.

ومن المقرر أن تبحث “هيئة المنافسة والأسواق” البريطانية موضوع الصفقة بحسب ما ذكرت شركة “إندرز أناليسيز”، ولا تزال الصفقة بحاجة أيضا إلى موافقة مساهمي “ترينيتي ميرور”، الذين سيدلون بقرارهم بشأنها خلال الأسبوعين المقبلين.

وسيبقى ديزموند أحد المساهمين في المجموعة وفق الصفقة، إذ أنه سيتلقى حوالي 25 مليون سهم من “ترينيتي ميرور” بقيمة تبلغ 20 مليون جنيه إسترليني، مما يعطيه حصة تقدر بـ9.4 بالمئة ويجعله ثالث أكبر مساهم بالمجموعة.

ولا تعتبر وجهات نظر ديزموند عائقا أمام فوكس الذي أعرب عن أنه لا يتوقع حدوث أي مشاكل، وقال “ليس لدي أي شك في أنه سيكون مساهما داعما. فهو لا يريد أن يضمن مقعده في المجموعة، مثلما نفعل نحن باقي المساهمين. هو يريد فقط أن يراهن على اللعبة ويضع ثقته الكاملة في المجموعة”.

ويمثل هذا الاتفاق نهاية المسيرة المهنية التي امتهنها الملياردير ريتشارد ديزموند في مجال النشر منذ 43 عاما، وهو ما اعترف به في رسالة بريد إلكتروني داخلية أعلن فيها الصفقة للموظفين.

وقال ديزموند إنه لا يزال مؤمنا بهذا التعاون، وإن “ترينيتي ميرور” هي المكان المثالي لتحقيق الاستفادة القصوى من إمكانات هذه الصحف مجتمعة.

ووافق ديزموند، الذي لا يزال يمتلك شركات وأصول أخرى بما في ذلك “هيلث لوتري”، على إنفاق 32 مليون جنيه إسترليني على مدى السنوات الخمس المقبلة على الإعلانات في صحف “ترينيتي ميرور”. وبصفته مالكا لشركة “نورثرن آند شيلز” ، سيربح ديزموند الجزء الأكبر من الحصة النقدية من الصفقة.

وبدأ ديزموند العمل بمجال النشر في عام 1974 وعمره 23 عاما مع اثنتين من مجلات الموسيقى. وفي عام 1983 حصل على ترخيص المملكة المتحدة لنشر مجلة “بينت هاوس” ومن ثم عدة مجلات جنسية أخرى، بما في ذلك “هورني هاوس وايفز”.

ثم أُطلقت مجلة المشاهير “أوكي” عام 1993، والتي لاقت شهرة على مستوى العالم. وفي عام 2000 اشترى ديزموند صحف “الإكسبرس” مقابل 125 مليون جنيه إسترلينى. أما “ترينيتي ميرور”، التي تمتلك مجموعة كبيرة من الصحف الإقليمية بما في ذلك “مانشستر إيفينينغ نيوز” و”برمينغهام بوست”، فتوظف أكثر من 5300 شخص، منهم 2200 في قسم التحرير، و700 في الصحف الوطنية و1500 منهم في الصحف الإقليمية.

ويجري الحديث عن أن أليسون فيليبس المحررة السابقة لصحيفة نيو داي التابعة لـ”ترينيتي ميرور”، ورئيسة تحرير ميرور حاليا، ستكون المحررة لصحيفة “إكسبريس”، لكن لم يتم تأكيد هذه الأخبار.

18