نقص وسائل الإنقاذ يزيد مآسي سكان غزة

قطاع غزة يعاني من حصار إسرائيلي مشدد منذ منتصف عام 2007 بعد أن سيطرت عليه حركة حماس.
الأربعاء 2022/12/07
أسطول إنقاذ متهالك دخل الخدمة منذ عقدين

غزة - لا يكاد يمر يوم دون سماع صوت سيارة الدفاع المدني في قطاع غزة تسابق الزمن متوجهة إلى عملية إطفاء أو إنقاذ. غير أن العواقب تبقى غير محسوبة في ظل نقص الإمكانيات نقصا فادحا؛ إذ أن غالبية سيارات الإطفاء المتوفرة لدى طواقم الدفاع المدني -رغم مهمتها الإنسانية بالغة الحساسية- في خطر شديد كونها ومعداتها عفا عليهما الزمن ولم يتم تحديثهما منذ أكثر من خمسة عشر عاما.

وفي 17 نوفمبر الماضي فُجع قطاع غزة بمصرع 21 شخصا من عائلة واحدة جراء حريق كبير اندلع داخل منزلهم؛ حيث كافحت طواقم الدفاع المدني على مدى أكثر من ساعة للسيطرة على الحريق.

وبينما كان رجال الإطفاء يوجهون خراطيم المياه من الشارع إلى مكان الحريق في الطابق الرابع بدت هذه المهمة في غاية التعقيد بسبب نقص المعدات اللازمة، بما في ذلك افتقارهم إلى الرافعات، وهو ما جعل محاولاتهم تبدو عبثية إلى حد بعيد.

5800

فرد لكل كيلومتر مربع، حيث يعد قطاع غزة إحدى أعلى مناطق الكثافة السكانية على المستوى العالمي

ويقول راشد الدهشان، وهو ضابط إنقاذ في جهاز الدفاع المدني بغزة، إن “الإمكانيات المتوفرة لديهم لا تتناسب بالمطلق مع حدة المهمات الخطيرة التي تواجههم”.

ويضيف الدهشان أنه بعد أكثر من عقدين من وصول سيارات إنقاذ ظلت نحو 25 منها فقط تعمل بشق الأنفس في ظروف خاصة لاسيما في ظل الحروب الإسرائيلية المتكررة والكثافة السكانية العالية في القطاع.

ويعاني قطاع غزة، الذي يقطنه ما يزيد عن مليون نسمة على مساحة لا تتجاوز 360 كيلومترا، من حصار إسرائيلي مشدد منذ منتصف عام 2007 بعد أن سيطرت عليه حركة حماس.

ويقول مدير جهاز الدفاع المدني في غزة زهير شاهين إنه “طوال سنوات الحصار الإسرائيلي لم يتم إدخال أي معدات جديدة لجهاز الدفاع المدني مما يؤثر سلبا على طبيعة الخدمات المقدمة إلى السكان”.

ويقول مسؤولون محليون إن “النقص الشديد في سيارات ومعدات جهاز الدفاع المدني يمثل جزءا من سلسلة أزمات حادة نتيجة الحصار الإسرائيلي المطبق على قطاع غزة، ويمثل أيضا تحديا صعبا لأحد أجهزة الخدمات الأساسية”.

وبحسب هؤلاء سبق أن استهدفت إسرائيل 12 مركزا تابعا للدفاع المدني و48 سيارة إطفاء خلال حروبها المتتالية التي شنتها على قطاع غزة منذ عام 2008 إلى 2021، فضلا عن جولات التصعيد العسكري مع الفصائل الفلسطينية.

ويعد قطاع غزة إحدى أعلى مناطق الكثافة السكانية على المستوى العالمي، بواقع أكثر 5800  فرد لكل كيلومتر مربع.

مشكلة الاكتظاظ السكاني في قطاع غزة تترتب عليها سلسلة من الأزمات الصحية والبيئية، في مقدمتها الحرائق وتهالك شبكات المياه

ويعاني القطاع من تبعات التكدس السكاني الشديد ومن بينها حرائق المنازل. وسجل عام 2020 اندلاع 1513 حريقاً، 36 في المئة منها نشبت داخل منازل، بينما في 2021 اندلع 2197 حريقاً، 38 في المئة منها نشبت داخل منازل أيضا.

وبحسب خبراء فإن مشكلة الاكتظاظ السكاني في قطاع غزة تترتب عليها سلسلة من الأزمات الصحية والبيئية، في مقدمتها الحرائق وتهالك شبكات المياه والصرف الصحي.

غير أن أزمة انقطاع الكهرباء التي يعانيها قطاع غزة منذ عام 2006، نتيجة العجز الذي يقدر بنحو ثلثي حاجته إلى التيار الكهربائي، تقف على رأس أسباب تكرّر الحرائق.

ويشدد الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطاالله على أن تكرّر مآسي الحرائق ونقص وسائل الإنقاذ في قطاع غزة يعودان أساسا إلى الحصار الإسرائيلي “الذي حول ومازال يحول حياة الناس في القطاع إلى مأساة مستمرة، وقابلة لتوليد المزيد من الكوارث”.

ويبرز عطاالله مخاطر استمرار إسرائيل في منع إدخال الآليات اللازمة لعمل جهاز الدفاع المدني، فضلا عن أن طواقمه تفتقر إلى السترات الواقية من الحرائق، ما يعرضها للخطر أثناء القيام بعملها.

وينبه إلى أن “غزة في ظروف الحصار المشدد الذي تفرضه إسرائيل كعقاب جماعي، بما يخالف القوانين والقيم الدولية، تبقى معرضة للمزيد من الكوارث الإنسانية”.

2